قُتل أكثر من 30 مدنياً في قصف مدفعي مكثف شنّته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، بحسب ما أعلنت "لجان المقاومة في الفاشر" يوم الإثنين.
وتشهد المدينة المحاصرة منذ عدة أشهر تصعيداً متزايداً في القتال، في ظل سعي قوات الدعم السريع للسيطرة عليها بالكامل، بعد أن تمكن الجيش من استعادة العاصمة الخرطوم الشهر الماضي.
وقالت جماعات محلية إن الهجوم وقع يوم الأحد، وأسفر عن مقتل العشرات، في سياق حملة عسكرية متواصلة ضد الجيش السوداني منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023، إثر خلافات بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".
وفي تصعيد آخر، شنت قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي هجوماً برياً واسع النطاق على مخيمي زمزم وأبو شوك للنازحين قرب الفاشر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 400 شخص، ونزوح قرابة 400 ألف آخرين، وفقاً للأمم المتحدة. وقد سيطرت القوات على مخيم زمزم، الذي يُعد من أكبر مراكز النزوح في الإقليم، ويُعتقد أن عدد من كانوا يحتمون فيه يصل إلى مليون شخص.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن أكثر من 150 ألف شخص فرّوا إلى مدينة الفاشر، في حين لجأ نحو 180 ألفاً إلى بلدة طويلة المجاورة. وتفتقر المنطقتان للمساعدات الإنسانية وسط تحذيرات من تفشي المجاعة وغياب الخدمات الأساسية.
ووصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، توم فليتشر، الوضع بأنه "مروع"، وأكد في تصريحاته الإثنين أنه تواصل مع كل من رئيس أركان الجيش ونائب قائد الدعم السريع، اللذين تعهدا بتسهيل وصول المساعدات.
لكن رغم هذه التعهدات، أكدت الأمم المتحدة أن الوصول الإنساني لا يزال "محدوداً بشكل خطير". وقالت كليمنتين نكويتا سلامي، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، إن المجتمع الإنساني يواجه تحديات متزايدة، محذّرة من أن القيود المفروضة على إيصال المساعدات تُفاقم من معاناة مئات الآلاف من المدنيين.
بدورها، طالبت منظمة "أطباء بلا حدود" بالسماح بإنزال المساعدات جواً، في ظل صعوبة الوصول البري إلى المناطق المنكوبة.
ووصفت منظمة اليونيسف الوضع في الفاشر ومحيطها بأنه "جحيم على الأرض"، حيث يواجه أكثر من 825 ألف طفل ظروفاً إنسانية قاسية في ظل استمرار المعارك.
ويشار إلى أن الحرب التي دخلت عامها الثالث أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 13 مليون شخص، لتتحول إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح والجوع في العالم، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ويُقسم النزاع السودان فعلياً إلى مناطق نفوذ، حيث يسيطر الجيش على مناطق الوسط والشمال والشرق، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم دارفور وأجزاء من الجنوب، بدعم من حلفاء محليين.