الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط آل نهيان -رحمه الله- هو الرئيس الثاني لدولة الإمارات العربية المتحدة والحاكم السادس عشر لإمارة أبوظبي"، كبرى الإمارات السبع. وتولى رئاسة البلاد في 2004م خلفاً لوالده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة الإماراتية.

وُلِدَ الشيخ خليفة عام 1948 بقلعة (قصر) المويجعي في مدينة العين وهو الابن البكر للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات. ووالدته هي واحدة من بنات عم الشيخ زايد، الشيخة حصة بن محمد بن خليفة بن زايد آل نهيان،  وهو واحد من 19 ولداً للشيخ زايد.

البدايات والحُكم

بسبب عدم وجود مدارس نظامية في مدينة العين، بدأت تربية الشيخ خليفة عبر حفظ القرآن وكان ملازما دائما لوالده الذي حرص على اصطحاب الشيخ خليفة في معظم نشاطاته وزياراته اليومية، وظل ملازمًا لوالده في مهمته لتحسين حياة القبائل في المنطقة وإقامة سلطة الدولة، مما كان له الأثر الكبير في تعليمه القيم الأساسية لتحمل المسؤولية.

وفي سن الثامنة عشرة (سبتمبر 1966) عيّن الشيخ زايد نجله الشيخ خليفة ممثلًا له في المنطقة الشرقية، ورئيساً لدائرة المحاكم في "العين". وفي فبراير 1969 تم انتخابه لمنصب ولي عهد إمارة أبوظبي، وبناء على ذلك تولّى مهام دائرة الدفاع في الإمارة، وأنشأ دائرة الدفاع في أبوظبي والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات.

في 1971 شغل الراحل منصب رئيس مجلس وزارة إمارة أبوظبي وتولى وزارتي الدفاع والمالية. وبعد قيام دولة الإمارات في ديسمبر 1971 وتشكيل مجلس وزراء اتحادي، أصبح الشيخ خليفة يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء الاتحادي في مجلس الوزراء المعين في 1973. وفي 1976 عُيّن نائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة للدولة بعد قرار المجلس الأعلى للاتحاد دمج القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد. وساهم بشكل كبير في بناء الكليات العسكرية والأمنية وصرف اهتمامه في تحسين قوة الدفاع عن البلاد وشراء السلاح في ظل المخاطر العربية في ذلك الوقت وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأحداث في إيران المجاورة.

وإلى جانب إدارته للمجلس التنفيذي في أبوظبي؛ اهتم الشيخ الراحل خليفة بن زايد بالاستثمار والأموال في أبوظبي طوال السبعينات والثمانينات والتسعينات، ففي عام 1979 أسس جهاز أبوظبي للاستثمار بهدف إدارة الاستثمارات المالية لإمارة أبوظبي، وفي 1981 أسس دائرة أبوظبي للخدمات الاجتماعية والمباني التجارية بهدف تخفيف العبء عن كاهل المواطنين من سداد قروض البنوك التجارية، وأسس المجلس الأعلى للبترول عام (1988) الذي عمل على تطوير المنشآت البتروكيماوية والصناعية في الإمارات. كما أسس الشيخ خليفة هيئة القروض عام (1991) لتوفير العقارات لمواطني الإمارة لأغراض السكن والاستثمار.

وفي 2 نوفمبر 2004؛ توفي والده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وبصفته وليا لعهد إمارة أبوظبي فقد أصبح الشيخ خليفة حاكم الإمارة مباشرة بعد وفاة والده، وفي اليوم التالي انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة الشيخ الراحل مكتوم بن راشد آل مكتوم رئيسًا للدولة.

الوعود والخطط والاقتصاد

في عام 2005، أعلن الشيخ خليفة عن برنامج " التمكين" السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، وحدد مرحلة التمكين بفتح المجالات كافة أمام المشاركة الشعبية للمواطنين والمواطنات، بإعلان تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان).

وبدأ عهده بتجربة انتخابية نادرة في الدولة عام 2006، لانتخاب نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي الـ40، فيما يستمر تعيين الـ20 الآخرين، وقام بالاقتراع نسبة بسيطة من المواطنين الذين يحق لهم الاقتراع، على أمل أن يمنح المجلس الوطني الاتحادي صلاحيات تشريعية كاملة وينتخب بالكامل من جميع أبناء الشعب. لكن لاحقاً لم يمنح المجلس الوطني الاتحادي صلاحيات وبقي في مهام استشارية وينتخب من قائمة معينة فقط يختارها جهاز الأمن، والتي جرى زيادة أعداد الناخبين في سنوات لاحقة، لكن الاختيار ما يزال بنفس الآلية.

وخلال فترة حكمه تسارعت وتيرة نمو البنية التحتية، وتضاعف الاستثمارات الجديدة الضخمة في الطاقة المتجددة والصناعات غير النفطية المتنوعة. وخطط الشيخ خليفة -رحمة الله تغشاه- لمدينة صحراوية مستقبلية منخفضة الكربون تُعرف باسم "مصدر"، تعد أول مدينة تعتمد على الطاقة النظيفة والمتجددة في العالم وهي تجمع سكني مستدام.

وفي 2009 وقع اتفاق تعاون نووي مع الولايات المتحدة، الأمر الذي مهد لبناء برنامج الإمارات النووي لإنتاج الكهرباء، وشيدت الدولة خلال العقد الماضية أربعة مفاعلات في محطة الطاقة النووية "براكة" الواقعة في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي.

في الاقتصاد، نجح جهاز أبوظبي للاستثمار الذي أسسه الشيخ خليفة، رغم أنه لم يلقَ سوى القليل من الاهتمام في البداية، في النمو بسرعة إلى قيمة تقدر بنحو 700 مليار دولار اليوم، وأصبح أكبر أداة تجارية وسياسية لأبوظبي في العالم. وأشرف الشيخ خليفة رحمه الله أيضاً على استراتيجية أبوظبي الاقتصادية وثروة الطاقة الهائلة للدولة التي تمتلك سابع أكبر احتياطي مؤكد من النفط الخام في العالم.

وعُرف عن الشيخ خليفة شغفه للرياضة خاصة "الفروسية والهجن"، وكان محباً لصيد الأسماك والصيد بالصقور. كما عُرف عنه المضي في نهج والده حريصاً على التواصل مع القبائل الذين ظل يستقبل ممثلين عنهم بانتظام.

واستمر في إنجازاته حتى 2011 عندما بدأ ظهوره ونشاطه يتراجع ليظهر في الأمور البروتوكولية، حتى مطلع 2014 عندما أعلنت أبوظبي عن وعكة صحية شديدة تعرض لها الشيخ خليفة وإصابته بجلطة دماغية خضع على إثرها لعملية جراحية ناجحة. تاركاً القيادة لأخيه غير الشقيق ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.  ليختفي بشكل كلي من هذا التوقيت عن المشهد ويبدأ في رحلة علاج طويلة؛ حيث سافر أكثر من مرة لعدة عواصم أوروبية لأجل العلاج.

ومنذ ذلك الحين ظهر ثلاث مرات على الأقل، في مناسبات دينية ولقاء واحد بالشيخ محمد بن زايد. قبل أن يُعلن عن وفاته يوم الجمعة 13 مايو2022م عن عمر ناهز (73 عاماً) وكان متزوجا من الشيخة شمسة بنت سهيل المزروعي، وهو أب لابنين وست بنات.

أبرز المحطات في حياة الشيخ الراحل (تسلسل)

سبتمبر 1948: وُلِدَ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في قلعة المويجعي بمدينة العين.

أغسطس 1966: انتقل الشيخ زايد -طيب الله ثراه- إلى مدينة أبوظبي ليصبح حاكم الإمارة، وعين نجله الشيخ خليفة (وهو في عمر  18 عامًا) ممثلًا له في المنطقة الشرقية ورئيساً لدائرة المحاكم في "العين".

فبراير 1969: تعيين الشيخ خليفة في منصب ولي عهد إمارة أبوظبي، وبناء على ذلك تولّى مهام دائرة الدفاع في الإمارة، أنشأ الشيخ خليفة دائرة الدفاع في أبوظبي والتي أصبحت فيما بعد النواة التي شكلت القوات المسلحة لدولة الإمارات.

 يوليو 1971: عُيِّن الشيخ خليفة كحاكم لإمارة أبوظبي ووزيرًا محليًا للدفاع والمالية في الإمارة كجزء من إعادة هيكلة حكومة الإمارة.

ديسمبر 1973: تولى الشيخ خليفة منصب نائب رئيس الوزراء في مجلس الوزراء الإماراتي الثاني.

يناير1974: تولى مهام رئاسة المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي والذي حل محل الحكومة المحلية في الإمارة، ومن خلال هذا المنصب حقق برامج تنمية شاملة لإمارة أبوظبي في البنية التحتية بما في ذلك نظام إمدادات المياه والطرق والمساكن، والتي كانت نواة أبوظبي اليوم.

مايو 1976: عُيّن نائبًا للقائد الأعلى للقوات المسلحة، بعد إقرار المجلس الأعلى للاتحاد دمج القوات المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد. وساهم بشكل كبير في بناء الكليات العسكرية والأمنية وصرف اهتمامه في تحسين قوة الدفاع عن البلاد وشراء السلاح في ظل المخاطر المحيطة.

1976: أمر الشيخ خليفة بتأسيس جهاز أبوظبي للاستثمار بهدف إدارة الاستثمارات المالية لإمارة أبوظبي.

1981: أسس الشيخ خليفة دائرة أبوظبي للخدمات الاجتماعية والمباني التجارية لتخفيف العبء عن كاهل المواطنين من سداد قروض البنوك التجارية.

 1988: ترأس المجلس الأعلى للبترول (أبوظبي) وعمل على تطوير المنشآت البتروكيماوية والصناعية في الإمارات.

1991: أسس الشيخ خليفة هيئة القروض لتوفير العقارات لمواطني الإمارة لأغراض السكن والاستثمار.

نوفمبر 2004: توفي الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بعد أن حكم دولة الإمارات لمدة 33 عامًا، فانتخب المجلس الأعلى للاتحاد (وهو أعلى سلطة لصنع القرار في الدولة ويتكون من حكام الإمارات السبع) خليفة رئيساً للدولة. وأيضاً بصفته ولياً لعهد إمارة أبوظبي، أصبح حاكماً لها بوفاة الشيخ زايد.

ديسمبر 2005: أعلن الشيخ خليفة عن برنامج " التمكين" السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، وحدد مرحلة التمكين بفتح المجالات كافة أمام المشاركة الشعبية للمواطنين والمواطنات، بإعلان تفعيل دور المجلس الوطني الاتحادي وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية، وليكون أكبر قدرة وفاعلية والتصاقًا بقضايا الوطن وهموم المواطن، يبدأ بتفعيل دوره عبر انتخاب نصف أعضائه. لكن لاحقاً لم يمنح المجلس الوطني الاتحادي (البرلمان) صلاحيات وبقي في مهام استشارية وينتخب من قائمة معينة فقط يختارها جهاز الأمن.

2006: أعاد الشيخ خليفة هيكلة مجلس الوزراء الإماراتي، حيث أصبح نائب رئيس الدولة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيساً للوزراء.

ديسمبر 2010: حدد الشيخ خليفة حزمة من الأهداف والمقاصد التي تعمل الدولة على إنجازها في إطار “مشروع النهضة” في مرحلة العمل الوطني.

2010: تم تغيير اسم "برج دبي" إلى "برج خليفة" تكريماً للشيخ خليفة بن زايد.

ديسمبر 2011: أمر الشيخ خليفة بإنشاء صندوق معالجة الديون المتعثرة.

2011-2013: عانى الراحل من المرض الشديد ولم يكشف عن أسباب غيابه طيلة هذه السنوات وظل يباشر مهام ضئيلة ويظهر بشكل بروتكولي فقط في المناسبات العامة.

يناير2014: أصدرت وزارة شؤون الرئاسة، بياناً أوضحت فيه تعرض الشيخ خليفة لوعكة صحية وإصابته بجلطة دماغية خضع على إثرها لعملية جراحية ناجحة. تاركاً القيادة لأخيه غير الشقيق ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد.  

يونيو2017: ظهر الشيخ خليفة للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، يتقبل التهاني في قصر البطين بعيد الفطر من الحكام، ونواب الحكام، وولاة العهود، تساؤلات عديدة حول دلالات ظهوره بعد غياب أكثر من ثلاث سنوات.

أغسطس2018: ظهر الشيخ خليفة مجدداً خلال استقبال الشيخ محمد بن زايد في مقر إقامته بفرنسا، وبدا متعباً بشكل كبير.

مايو2019: ظهر الشيخ خليفة في مدينة أبوظبي، في استقبال الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وأولياء العهود ونواب الحكام والشيوخ بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

فبراير 2020: ظهر الراحل مع ولي عهده محمد بن زايد خلال جولة إلى غابة محمية "غناظة".

مايو 2022: نعت وزارة شؤون الرئاسة الإماراتية، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي وافته المنية يوم الجمعة 13 مايو2022م.