تحت عنوان "ميثاق أوباما الفاوستي مع السعوديين"، قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، إن الائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) يتكون في شقه الشرق أوسطي من خمسة أنظمة "استبدادية" – أربعة منها ملكية – تقمع المعارضات لديها، وكل منها ساعدت بشكل أو بآخر في تكوين التنظيمات الإرهابية، مثل داعش وخراسان وجبهة النصرة وبالطبع القاعدة، وجميعها ستحصد منافع على المدى الطويل لمساعدة الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب.
وجاء ذكر "فاوست" نسبة إلى الشخصية الرئيسية في الحكاية الألمانية الشعبية عن الساحر والكيميائي الألماني الدكتور يوهان جورج فاوست الذي أبرم عقدًا مع الشيطان، يقضي بأن يخدم الشيطان فاوست طوال حياته ليستولي على روحه بعد مماته، لكن الاستيلاء على روح فاوست مشروط ببلوغه قمة السعادة.
واعتبرت الصحيفة أن "السعودية تكمن في مركز هذا الميثاق الشيطاني، فالأمريكيون لم ينسوا أن 15 من بين 19 إرهابيًا من خاطفي الطائرات في هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 كانوا مواطنين سعوديين، ولم ينسوا أيضًا محور الولايات المتحدة الخاطئ في العراق عام 2003، والآن يمثل التطرف الإسلامي تهديدًا مباشرًا لأمريكا، ومع ذلك، اختارت واشنطن التحالف مع السعودية التي تعاني من التطرف، وابتعدت عن إيران الشيعية التي لم تستحدث أيًا من الهجمات الإرهابية التي تم تنفيذها في الولايات المتحدة وأوروبا منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر".
ووصفت الصحيفة ما تفعله الولايات المتحدة حاليًا هو التعامل مع أعراض مرض التطرف السلفي وليس معالجة أسبابه، وهو ما يشبه تمامًا ما فعلته في ثمانينيات القرن الماضي عندما تحالفت مع السعوديين ودول خليجية أخرى لدعم المجاهدين أمام الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وهو ما أسهم في ظهور حركتي طالبان وتنظيم القاعدة اللتين تضعهما واشنطن الآن على قائمة الإرهاب، كما قالت.
لكن رأت الصحيفة أن ما تفعله الولايات المتحدة حاليًا قد يتحول إلى الأسوأ، فقد كان طرد السوفيتيين من أفغانستان وإزالة نظام صدام حسين في العراق بالأمر السهل، حيث اتبعت أمريكا المثل العربي القائل "عدو عدو صديقي"، أما الآن فإن عدو تنظيم داعش هو نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية والإمارات وقطر تقدم الدعم للإدارة الأمريكية في ضرب تنظيم داعش في سوريا، مدفوعين بأمل أن تحول الولايات المتحدة سلاحها في النهاية ضد الحكومة السورية، وكذلك قتل أي فرصة في التوصل لاتفاق نووي بين الولايات المتحدة وإيران الحليف المقرب من سوريا.
ولفتت الصحيفة إلى أن السعودية دعمت "الانقلاب العسكري" ضد جماعة الإخوان المسلمين في مصر، الدولة الوحيدة غير الملكية في الشرق الأوسط التي تنضم للائتلاف الدولي ضد داعش، مشيرة إلى أن السعودية تناصب العداء للديمقراطية الإسلامية تمامًا كما تعادي التعددية العلمانية؛ فكلا الأمرين يشكلان خطرًا على شرعية آل سعود، غير أن مواصلة آل سعود خنق الحريات تُضاعف أعداد المجندين لدى التنظيمات الإرهابية مثل داعش.
واختتمت الصحيفة بالقول إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعرب – خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا - عن نفاد الصبر من الدول التي تقدم الدعم المالي والأيديولوجي للتطرف الذي يشكل الأرضية الخصبة للإرهاب، لكنه لم يشر بالتحديد إلى السعودية ودول أخرى معينة بالاسم، لأنهم حلفاء الولايات المتحدة، وفي أوقات الحروب خاصة، لا يمكن للرئيس أوباما انتقاد حلفائه.