قام «عميد الخارجية الأمريكية» هنرى كيسنجر، خلال كتابه الأخير «النظام العالمي»، بتحليل أسس النظام العالمى، الذى يتشكل من جديد، ويقرأ مستقبله، كما يتطرق إلى شؤون العالمين العربي والإسلامي، فيشرح رؤيته بشأن ظاهرة انهيار الدول فى منطقة الشرق الأوسط، ويشير إلى أن دولتى سوريا والعراق، اللتين كانتا منارتين للقومية العربية، تفقدان الآن قدرتهما على إعادة تشكيل دولتيهما، وقد لا تصبحان دولًا موحدة مرة أخرى.
ويقول كيسنجر: "إن الفصائل المتحاربة في المنطقة، تدعمها دول داخل الشرق الأوسط، وخارجه؛ مما أدى إلى تطور النزاعات في البلدين إلى حد بات يهدد تماسك جميع البلدان المجاورة لهما.
ومن وجهة نظره، إذا كانت سوريا والعراق، المتجاورتين في قلب العالم العربي، غير قادرتين على إقامة أي نظام للحكم الشرعى، وتحقيق السيادة الكاملة على الأراضي التابعة لهما، فإن ذلك يعني أن المنطقة تنتظر تسوية إقليمية، تشبه تسوية الحرب العالمية الأولى؛ قاصدًا بذلك اتفاق «سايكس- بيكو»؛ لتقسيم الشرق الأوسط وقتها، وهكذا أصبح الصراع في سوريا والعراق، والمناطق المحيطة بهما، رمزًا لما أسماه بالاتجاه الجديد المشؤوم، وهو تفكك الدولة إلى وحدات قبلية وطائفية.
وتابع «كيسنجر» أنه في أعقاب الثورة، أو تغيير النظام، وفى غياب سلطة جديدة مقبولة، وشرعية بأغلبية حاسمة من السكان؛ فإن تعدد الفصائل المتباينة يعني استمرار الانخراط فى صراعات مفتوحة بين المتنافسين على السلطة المتصوَّرة.