منذ العام 2003 والشيخ محمد بن زايد الحاكم الفعلي للدولة، وذلك بعد تعرض الشيخ خليفة بن زايد رئيس الدولة، لأزمة صحية أبعدته عن الصورة عام 2014، وخلال سنوات قصيرة نجح ولي عهد أبوظبي في تركيز هياكل السلطة وصناعة القرار في أيدي أشقائه الخمسة، ومع الوقت ظهر نجل ولي العهد خالد بن محمد بن زايد، نائب مستشار الأمن الوطني ورئيس جهاز أمن الدولة، منازعاً ومقوضاً لسلطات عمه طحنون بن زايد مستشار الأمن الوطني الحالي، ضمن صراع النفوذ على المناصب السيادية للبلاد.
يعزز ذلك، ما كشفته عنه التسربات السابقة لدورية ( Intelligence Onlineإنتلجنس أونلاين) الاستخباراتية، من وجود صراع خفي يدور داخل أورقة صناع القرار في أبوظبي من سعي الشيخ محمد بن زايد إلى تعيين نجله مستشارا للأمن الوطني بدلاً من طحنون الأمر الذي يرفصه الأخير ويعده بمثابة محاولة انقلاب.
وذكرت الدورية في عددها 873 الصادر في 24 مارس 2021 الماضي، أن الشيخ محمد بن زايد، يعد نجله خالد لتولي دور سياسي، في حين تشعر الدائرة المقربة من الأسرة بعدم الارتياح إزاء توليه هذا الدور.
وقد انعكست تلك الخلافات على فتح الأجهزة الأمنية التابعة لطحنون تحقيقات مع بعض المقربين لخالد بن محمد رئيس جهاز أمن الدولة، وفي مقدمتهم فيصل البناي الرئيس التنفيذي لشركة "إيدج" التي تعد أبرز شركة إماراتية في مجال الصناعات الدفاعية، وهو ما أدى إلى توقف برنامج تطوير طائرة محلية للاستخبارات والمراقبة والاستطلاع تشرف عليه الشركة عبر شركة "أكويلا" للطيران، حيث كان من المقرر تسليم الطائرة في وقت لاحق من العام الحالي.
كذلك لدى أبوظبي أزمة في مكوناتها الداخلية وغياب رؤية سياسية موحدة للدولة. فالدستور الاتحادي ينص على امتلاك كل إمارة من إماراتها السبع لثرواتها المحلية، وهو ما يعمق من الفجوة الاقتصادية بين الإمارات وبعضها البعض، ويجعل بعض الإمارات الفقيرة غير قادرة على تدبير الحد الأدنى من إيراداتها. فضلاً عن انخراط كل إمارة في مشاريع تنموية واقتصادية تغيب عنها مصالح الدولة الاتحادية.
كما أن سياسات أبوظبي الخارجية لا تحظى بدعم راسخ من بقية إمارات الاتحاد، وهو ما سبق أن أكده راشد بن حمد الشرقي، نجل حاكم إمارة الفجيرة، عقب خروجه من الدولة حيث نقلت عنه صحيفة The New York Times الأمريكية، في 14 يوليو 2018 استياء حكام الإمارات الست الأخرى من أبوظبي بسبب عدم مشاورتها لهم قبل إرسال قواتنا المسلحة إلى اليمن.
وفي هذا الشأن، يقول الباحث والكاتب المصري أحمد مولانا، إن تلك الخلافات في الدائرة المقربة من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي تشكل تهديداً لاستمرارية المشروع الإماراتي المتمركز حول شخص محمد بن زايد وأحلامه.
ولفت مولانا في مقال له، بموقع "عربي بوست" بعنوان: "لماذا قررت أبوظبي فجأة أن تصبح صديقة للجميع"، أن تلك العوامل السابقة معاً تجتمع لتجعل من خيار تغيير أبوظبي لاستراتيجياتها التدخلية العدوانية الخيار الأقل كلفة، لكنه بالمقابل سيضعف من مساحة نفوذ أبوظبي لصالح القوى الأخرى الإقليمية التقليدية مثل تركيا وإيران والسعودية.