قالت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية في تقرير لها إن اتفاقيات التطبيع، التي تم عقدها قبل أشهر بين دول عربية وإسرائيل، والتي تم الترحيب بها قبل بضعة أشهر باعتبارها اتفاقيات سلام رائدة في الشرق الأوسط، تبدو اليوم كأنها حاشية في التاريخ، ولا تستحق الورق الذي كُتبت عليه.
وأوضحت أنه بعد أشهر قليلة من قيام مجموعة من الدول العربية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وجدت هذه الدول نفسها في موقف حرج، وبدأت تتراجع عن ذلك مع تدهور سمعة إسرائيل في جميع أنحاء العالم؛ بسبب هجومها على قطاع غزة ومعاملتها للفلسطينيين.
بالإضافة إلى ذلك، ألغى المغرب زيارة مخططة لمسؤولين إسرائيليين هذا الشهر لمناقشة الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين. وشارك سياسيون مقربون من الحزب الحاكم ذي الجذور الإسلامية في احتجاجات تطالب بإنهاء التطبيع مع إسرائيل.
وفي الإمارات، تم تعليق الرحلات الجوية التي تربط تل أبيب بالمدينتين الرئيستين في الإمارات، والتي كانت حجر الزاوية في اتفاقيات أبراهام.
ومع ذلك تقول الصحيفة، قد تكون الحسابات مختلفة بالنسبة للإمارات، التي لديها التزام أكبر بصفقة التطبيع كوسيلة لتعزيز علاقاتها مع الشخصيات المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، وتأمين الوصول إلى التقنيات العسكرية والأمنية المتطورة الحساسة.
ونقل التقرير عن تمارا كوفمان ويتس، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، التي تعمل الآن في "معهد بروكينغز" (Brookings Institution)، قولها إن الإمارات لن تسمح للصراع الإسرائيلي الفلسطيني بأن يعيق سعيها لتعزيز العلاقات مع إسرائيل.
كذلك في السودان، الذي تخضع السلطات فيه للمساءلة الديمقراطية، وفق قول الصحيفة، تتعرض الحكومة لضغوط شعبية، إذ اندلعت مسيرات مؤيدة لفلسطين.
وصرح الرئيس المؤقت للبلاد، عبد الفتاح البرهان، في موقف دفاعي لقناة "فرانس 24" (france24) الإخبارية "ما يحدث في غزة ضد المدنيين العزل مؤسف؛ لكن التطبيع لا علاقة له بحق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم".
ونسب تقرير الصحيفة إلى تمارا ويتس قولها أيضا إن الخطر الآن يتمثل بأن الدول العربية، التي طبعت مع إسرائيل، اشترت هذه الفوضى، والآن عليها التعايش معها.
كما نقل عن أندرياس كريغ، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في "كينغز كوليج" (King’s College)، قوله ليس هناك ما يشير إلى أن الهجوم الإسرائيلي على حماس في غزة أو معاملتها للفلسطينيين يثير مخاوف أمنية كبيرة وزعزعة استقرار العالم الإسلامي، إذ لم تواجه -وفق قوله- أي دولة حتى الآن ضغوطا جدية لتقليل العلاقات مع إسرائيل؛ لكن هناك تلميحات إلى أن هذه الدول لديها أفكار أخرى بشأن التطبيع.
وأشار التقرير إلى أن المحللين لاحظوا تحولات في المواقف الحكومية بشأن الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل؛ مما قد يزيد الضغط الإسرائيلي لإنهاء العمليات في غزة، على الرغم من مقاومة ذلك حتى الآن.
ويقول كريغ إن صفقات التطبيع "تحتاج أنيابا، ويمكن رفضها بسهولة إذا كانت باهظة الثمن من الناحية السياسية، وإذا اتضح أن هناك تحركا في الشارع، فلديهم حجة يمكن أن يصرحوا بها بأن هذه مجرد قطعة من الورق".