أحدث الأخبار
  • 11:29 . الذهب يواصل المكاسب مع احتدام الحرب الروسية الأوكرانية... المزيد
  • 11:01 . أنجيلا ميركل: سعيتُ لإبطاء انضمام أوكرانيا للناتو بسبب مخاوف من رد روسي... المزيد
  • 10:54 . منافسات جائزة زايد الكبرى لسباقات الهجن 2024 تنطلق الإثنين المقبل... المزيد
  • 10:45 . النفط يصعد وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية... المزيد
  • 10:38 . عاصفة مميتة تضرب شمال غرب أمريكا وتحرم مئات الألوف من الكهرباء... المزيد
  • 10:30 . دبلوماسي سوداني: مجلس الأمن تلقى تقريراً سرياً عن دعم أبوظبي لقوات الدعم السريع... المزيد
  • 10:20 . مجلس الشيوخ يعيق محاولة وقف مبيعات أسلحة للاحتلال الإسرائيلي... المزيد
  • 10:13 . وزير يمني سابق يتحدث عن وصول طائرات عسكرية من الإمارات إلى شبوة... المزيد
  • 01:03 . الإمارات تأسف للفيتو الأمريكي ضد قرار وقف الحرب على غزة... المزيد
  • 12:10 . الموارد البشرية: ضبط 1934 منشأة خاصة تحايلت على "مستهدفات التوطين"... المزيد
  • 09:48 . الأردن تسجن النائب السابق "عماد العدوان" 10 سنوات بتهمة تهريب أسلحة إلى فلسطين... المزيد
  • 09:35 . ترامب يختار مسؤولة مصارعة سابقة وزيرةً للتعليم... المزيد
  • 09:21 . رئيس الدولة وملك الأردن يبحثان المستجدات في غزة ولبنان... المزيد
  • 09:15 . فيتو أمريكي في مجلس الأمن على مشروع قرار يطلب وقف النار في غزة... المزيد
  • 08:07 . محكمة باكستانية تطلق سراح عمران خان بكفالة في "قضية الفساد"... المزيد
  • 08:05 . مريم البلوشي وأمينة العبدولي.. تسع سنوات خلف قضبان أبوظبي... المزيد

المساعدات الإنسانية لدولة الإمارات.. هل هي أداة خيرية بيد أبوظبي أم تحكمها اعتبارات أخرى؟!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 08-06-2020

علام تستند إستراتيجية الإمارات للمساعدات الإنسانية؟

أعلنت وزارة الخارجية عن "استراتيجية المساعدات الخارجية للأعوام 2017-2021". لا  ربط لمساعدات  بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة.

كم حجم مساعدات أبوظبي لدول البلقان؟

أبوظبي أرسلت 11.5 طن من المواد الطبية إلى كرواتيا، و10 أطنان إلى صربيا، منها أجهزة تنفس صناعي، و3.5 طن للجبل الأسود. أما تبرعات أبوظبي إلى البوسنة، فـ "صفر".

المساعدات الإنسانية والأعمال الخيرية في دولة الإمارات لا يختلف على ضخامتها اثنان، خاصة على صعيد الدول والشعوب التي تتلقاها. لقد دأب الآباء المؤسسون على أن يجعلوا للإنسانية جمعاء نصيب من نِعم الله الوفيرة في الدولة. واستثمر الآباء المؤسسون، رحمهم الله، هذا الجانب لتأليف القلوب وجمع الكلمة ونشر السلام وإغاثة المحتاج. ولكن، في السنوات الأخيرة، بات هذا الجانب يشكل موضع جدل داخلي وخارجي، وتُطرح من أجله التساؤلات وتلقى عليه التهم. بكلمة أخرى، بات العمل الخيري لدولة الإمارات يقوم على اعتبارات عديدة، الإعتبار الإنساني، واحد منها فقط. في جائحة كورونا، وفي مؤتمر اليمن الأخير لجمع التبرعات، سجلت الدولة أداء متباينا، من الاتصال ببشار الأسد، إلى مساعدات لفلسطين عبر تل أبيب، حتى دول البلقان المسلمة العاتبة. فما الذي يجري في هذا الملف، ولماذا بات العمل الخيري في نظر الكثيرين ليس "خيرا"؟!

ما هي استراتيجية الإمارات في العمل الخيري والإنساني.. كثير من التنظير والأدبيات؟!

لن نعود للوراء كي نسرد تاريخ المساعدات الخيرية والإنسانية لدولة الإمارات، بل سنتحدث عن الوقت الراهن، مسألة أسابيع سابقة فقط. ولكن، لا بد من التعرف على نظرة دولة الإمارات لهذه المساعدات، واستراتيجيتها في ذلك.

كانت قد أعلنت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، ما أسمته "استراتيجية المساعدات الخارجية للإمارات العربية المتحدة للأعوام 2017-2021". تمثلت أهدافها بـ "مكافحة الفقر والمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة ونشر الاستقرار والسلام والازدهار في الدول المستفيدة و تعزيز مكانة الدولة على الساحة الدولية".

وأشارت الوزارة إلى تأسيس نهج جديد وصفته بـ"الواضح"،  "يقوم على عدم ربط المساعدات الإنسانية التي تقدمها الدولة بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة لها، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب".

نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، الشيخ محمد بن راشد، كان قد أكد: "نقول لكافة دول العالم.. هذا وقت التوحد والتعاون والتكاتف لمحاربة أهم عدو للبشرية.. الخلافات جميعها تصغر أمام هذا التحدي الجديد.. والعالم يستطيع التغلب بشكل أسرع عليه، إذا وقف القوي مع الضعيف، والغني مع الفقير".

من جهته أكد  الشيخ محمد بن زايد، في أبريل الماضي، حرص دولة الإمارات على مواصلة تعزيز التضامن والتعاون والاستجابة السريعة لمواجهة فيروس "كورونا". وشدد "على نهج العمل الإنساني الذي يعد ركيزة أساسية وأحد الثوابت الإماراتية في مد يد العون ومساعدة شعوب العالم كافة في مختلف الظروف". وشدد أن "التضامن الإنساني في أوقات المحن يسمو فوق كل اعتبار".

أنور قرقاش،  وزير الدولة للشؤون الخارجية قال أيضا: ""الظروف الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة،..، البعد الإنساني له الأولوية"، "توجه الإمارات، خطوة شجاعة.. تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة".

أما لماذا قال قرقاش ذلك، فهذا ما سنعرفه بعد قليل عند تنزيل هذه النظريات والأدبيات على أرض الواقع، ونقوم بحل سؤال "إملأ الفراغ" في تصريحات قرقاش أعلاه!

ما حظوظ هذه التوجهات الرسمية من التطبيق.. فجوات وثغرات لا تحصى؟!

وفق المعلومات الحكومية، فقد أرسلت الإمارات أكثر من 716 طناً من المساعدات الطبية إلى 63 دولة، واستفاد منها أكثر من 716 ألفاً من العاملين في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم على احتواء فيروس كورونا، وذلك حتى نهاية مايو الماضي. هذا إلى جانب تبرعات لمنظمة الصحة العالمية.

إذن، لا اختلاف على حجم المساعدات. ولكن إلى من توجهت هذه المساعدات ومن تلقاها؟!

بطبيعة الحال تلقاها محتاجون، ولكن تم ذلك عبر عملية انتقائية سوف نسنتج معا، محدداتها من خلال النماذج المطروحة. فقد كشفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أن أبوظبي ساهمت، في إنقاذ مدينة لاس فيغاس، الأكثر شهرة عالميا بملاهي القمار، من تفشي فيروس كورونا، بتبرعها "بأكثر من 200 ألف اختبار، تصل قيمتها إلى 20 مليون دولار". وهنا، اعتبارات تجارية نظرا لامتلاك الإمارات مراكز تسوق ضخمة في "لاس فيغاس"، بحسب الصحيفة.

ولكن، ألم ترسل أبوظبي مساعدات طبية للشعب الفلسطيني؟! بلا، فعلت! ولكن الفلسطينين رفضوا استقبالها لأنها جاءتهم دون تنسيق معهم، ووصلت عن طريق تل أبيب وليس عن طريق الأردن أو مصر. لقد اعتبر الفلسطينيون بمن فيهم حكومتهم وفصائلهم، أن طريقة إرسال الأدوية لتكون غطاء للتطبيع مع الكيان المحتل، في وقت يتخلص منه الفلسطينيون من اتفاقيات التسوية معه! إذن، هناك اعتبارات سياسية، بحسب الفلسطينيين.

مساعدات طبية إماراتية وصلت تل أبيب رفضها الفلسطينيون

لقد كان بشار الأسد أحد الجهات التي حظيت بـ"رضا" أبوظبي، إذ اتصل به الشيخ محمد بن زايد لأول مرة منذ عام 2011، وأظهر دعمه للشعب السوري في ظل الوباء. في الواقع، وبغض النظر عن الاتصال، فإن توجه مساعدات إماراتية إلى دمشق ينسجم مع الاسترايجية المعلنة. ولكن "التحفظ" هو أن هذه الاستراتيجية انتقائية. أنور قرقاش، إزاء سيل من الانتقادات حول مساعدة نظام دمشق اضطر أن يكتب تغريدته السابقة، وهي كاملة كالتالي: "الظروف الاستثنائية المرتبطة بفيروس كورونا تتطلب خطوات غير مسبوقة، وتواصل الشيخ محمد بن زايد بالرئيس السوري هذا سياقه، البعد الإنساني له الأولوية وتعزيز الدور العربي يعبر عن توجه الإمارات، خطوة شجاعة تجاه الشعب السوري الشقيق تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة".

لكن، هل تحقق هذا المعيار بحالتي اليمن والبلقان في جائحة كورونا.. الحقائق صادمة؟

اليمن سنتوقف عندها مجددا أيضا بعد قليل، ولكن هنا سوف نتحدث عن مؤتمر إنساني رعته الرياض الأسبوع الماضي، لجمع ملياري دولار ونصف لإنقاد اليمن المنهك بحرب السعودية والإمارات منذ 5 سنوات. الأمم المتحدة أكدت أن اليمن على شفير انهيار صحي وغذائي. المجتمعون عن بُعد، أعلنوا عن تبرعات بنحو نصف المبلغ المطلوب. وكانت المفاجأة أن أبوظبي لم تساهم في درهم أو دولار واحد في هذا المؤتمر؛ ما دفع مسؤولين يمنيين باتهامها "بتدمير اليمن والتخلي عنه، وقصر مساعداتها على المجلس الانفصالي في الجنوب"، على حد قولهم.

وماذا بشأن البلقان.. الأيدولوجية وأردوغان عاملان حاسمان في هذه الساحة؟!

على مدار الأيام القليلة الماضية ثار جدل واسع النطاق في أوساط مسلمي البوسنة والهرسك، عن سبب حرمان أبوظبي للشعب البوسني المسلم من المساعدات لمواجهة كورونا، في حين أن أسطول طائراتها لم يتوقف عن صربيا وكرواتيا المسيحيتين. وليس هناك أي تحفظ عن مساعدتهما، ولكن التساؤل عن سبب استثناء المسلمين من المساعدات.

فقد قال مفتي البوسنة "حسين كافازوفيتش": إن البوسنيين يجب ألا يغضبوا من الإمارات لأنهم أرسلوا مساعدات إلى كرواتيا وصربيا والجبل الأسود المجاورة وليس إلى البوسنة، وهذا على الأرجح نتيجة لسوء التفاهم بين السياسات المختلفة. وشدد أنه "لا ينبغي للبوسنيين تفسير ذلك على أنه رسالة سيئة من الإمارات".

مفتي مسلمي البوسنة

واستدرك: البوسنة لديها عدد كاف من الأصدقاء في العالم الذين قدموا مساعدتهم خلال الأزمة، و"الأبطال، وكذلك الأصدقاء، يتم التعرف عليهم أثناء المحن"، على حد تعبيره.

أبوظبي أرسلت 11.5 طن من المواد الطبية إلى كرواتيا، و10 أطنان إلى صربيا، منها أجهزة تنفس صناعي، و 3.5 طن من المواد الطبية للجبل الأسود. أما تبرعات أبوظبي إلى البوسنة، فهي "صفر". الإعلامي سمير حسين، كشف في مقال له على موقع "عربي21"، من المقصود "بالأصدقاء" وما المقصود "بسوء التفاهم بين السياسات المختلفة"، وهو أن "قادة مسلمي البوسنة تربطهم علاقات وثيقة مع الرئيس أردوغان". علما أن تركيا أرسلت مساعدات إلى جميع دول البلقان بمن فيها الدول ذات الغالبية المسيحية، وفق وكالة أنباء الأناضول التركية.

"منتدى الشرق"، وهو موقع بحثي، أنصف شعب الإمارات ودولته، عندما وثق الوقفة التاريخية للإماراتيين: آباء مؤسسين وحكومة وشعبا، إلى جانب مسلمي البوسنة في التسعينات عندما شن الصرب والكروات حملة تطهير عرقي أفزعت العالم، في حينه.

الموقع كان أكثر صراحة، عندما قال إن العامل الرئيس الذي تغير في سياسة الإمارات اتجاه البوسنة،  هو رحيل، المغفور لهم، الآباء المؤسسين.

المنتدى أيضا، كشف أن لمحمد دحلان دور في توجهات أبوظبي الجديدة إزاء مسلمي البوسنة لتتجاهلهم على هذا النحو.

إضافة إلى ذلك، فقد نقل المنتدى عن سياسيين قولهم: لا يجب تجاهل الأبعاد الإيديولوجية للانقسام الجغرافي السياسي المستمر في الشرق الأوسط - تلك الخاصة بالإمارات ضد تركيا وقطر. وبالتحديد، أنقرة كانت ولا تزال لاعباً رئيسياً في البلقان وأبوظبي تريد بوضوح إزاحتها خارج المنطقة.

كما أغضب أبوظبي إقامة مسلمي البوسنة صلاة الغائب على روح الرئيس المصري الشرعي محمد مرسي واعتباره "شهيدًا". كما يُنظر إلى علاقات البوسنة الودية مع قطر ومقر قناة الجزيرة الإقليمية في سراييفو بشك من جانب أبوظبي.

وفي النهاية، وصلت طائرة مساعدات إماراتية إلى مسلمي البوسنة، لكنها ليست من أبوظبي، وإنما كانت هدية شخصية من الشيخة هند بنت مكتوم آل مكتوم، زوجة الشيخ محمد بن راشد.

هل هناك أيضا "تجاوزات" أخرى في مجال العمل الخيري.. تهريب أسلحة وتجسس؟

بالعودة إلى اليمن، فقد زعم يمنيون أن "اسم "الهلال الأحمر الإماراتي" في اليمن أصبح  يثير الرعب بعدما ارتبط بأنشطة استخباراتية وانتهاكات بحق اليمنيين".

وقالوا: "لم تحفظ أبو ظبي للهلال الأحمر الإماراتي طبيعته الخاصة المفترضة، بل أدخلته ضمن غطاء واسع من العمل الإنساني والتطوعي الذي يقوم بدور استخباراتي وأمني وذلك عبر تنظيم عدد من الفعاليات والأنشطة التطوعية التي تحرص من خلالها على اختراق المجتمع اليمني وجمع المعلومات وتسجيل الانطباعات عنه تحت هذه الأعمال".

وفي مارس الماضي، ضبط أمن ميناء سقطرى، حاوية قادمة من الإمارات، تحمل مدرعة ومعدات عسكرية، داخل "سفينة تابعة لمؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية". وكانت الحاوية "تحمل توقيع شركة برايم للأسماك الإماراتية".

وفي أكتوبر الماضي، أعلن المكتب التنفيذي بمحافظة سقطرى، رفضه، ما سماها "استغلال بعض الجهات العاملة في سقطرى للعمل الإنساني، لخرق النظام والقانون المعمول به والمتعارف عليه دوليا"، في إشارة إلى المؤسسة الخيرية المذكورة.

وعليه، فإن خاتمة التقرير لن تكون منطوقة أو مكتوبة، بل مفهومة ومستنتجة تماما، للإجابة عن جميع التساؤلات المطروحة فيه، أو حتى التساؤلات الأخرى التي لا تزال في أذهاننا!