اعتبرت صحيفة "الغارديان" أن خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يؤكد أن لا نية لديه لإغلاق ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن خطاب أردوغان كان دعوة للمجتمع الدولي لكي يكون حازماً مع السعودية، التي عليها "دفع ثمن" فعلتها تلك.
وتابعت "الغارديان": "لقد أعطى الرئيس التركي درساً في التشويق الجيوسياسي؛ ففي الأسابيع التي تلت اختفاء خاشقجي، كانت الصحف مليئة بالتسريبات التي تتحدث عن جريمة قتل مرعبة كأنها حدثت في القرون الوسطى، ويبدو أن أردوغان أدرك أن الجمهور ضاق ذرعاً بتلك التفاصيل المزعجة، لعملية قتل وتقطيع صحفي تمت بدم بارد، ليمنح الصفة الرسمية في خطابه لتلك التسريبات".
وأكد أردوغان أن "خاشقجي قُتل بطريقة وحشية، وأن عملية قتله كانت متعمدة وليست وليدة لحظتها، ليقضي على الرواية السعودية؛ ومن ثم فإنه لن يترك القضية، ولن يغلق ملف أسوأ أزمة سياسية تواجهها السعودية منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001".
أردوغان -بحسب الصحيفة- أشاد بالملك سلمان خلال خطابه، لكنه لم يشر إلى ولي العهد محمد بن سلمان، فالرئيس التركي وإن لم يقل ذلك متأكد من أن عملية من هذا النوع لا يمكن أن تتم من دون موافقة بن سلمان، كما يريد محاسبته على فعلته.
وفي سياق ذلك، رجحت الصحيفة أن تستمر الحكومة التركية في تسريب المزيد من الأدلة التي تؤكد فرضية تورط محمد بن سلمان نفسِه في جريمة قتل خاشقجي.ومنذ أن اعتلى الملك سلمان العرش في 2015 -تقول الصحيفة- عزز نجله، ولي العهد، من سلطاته وتعامل بلا رحمة مع معارضيه، فاعتقل النشطاء ووضعهم بالسجون، كما شنَّ حرباً كارثية في اليمن أدت إلى قتل آلاف المدنيين وتجويع الملايين، الأمر الذي جعل خطواته الإصلاحية جوفاء وبلا معنى.
وصنفت "الغارديان" ما فعله ابن سلمان بالصحفي السعودي الراحل في خانة ممارسات الطغاة العرب، مثل حافظ الأسد وصدام حسين، الذين كانوا يقتلون معارضيهم في الخارج ثم يستدعون أبناءهم لتقبُّل العزاء، مضيفة: "لقد استدعى بن سلمان أبناء خاشقجي وشقيقه لتقديم العزاء في والدهم المقتول!".
كما ترى الصحيفة أن ابن سلمان يستمد قوته من افتقار إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إلى القيادة الأخلاقية على المسرح الدولي، فهو يعرف أن الأخير أيضاً يريد أن يغلق ملف خاشقجي، خاصة مع قرب دخول الحزمة الثانية من عقوباته على إيران حيز التنفيذ في أوائل نوفمبر المقبل، مطالبة إياه بأن "يستيقظ على حقيقة أن رهانه على السعودية قد فشل".وتؤكد أن على الملك سلمان أن يسارع لاتخاذ خطوات ضد المسؤولين عن مقتل خاشقجي؛ لأنه لا أحد يعتقد أن عملية من هذا النوع يمكن أن تكون من عمل وتنفيذ مستشار إعلامي لنجله فقط.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالقول: "نعم، قد لا يملك الملك سلمان الإرادة أو القدرة على القيام بذلك، خاصة إذا كانت تلك الخطوات تستهدف ابنه القوي، ولكن على المجتمع الدولي -إن كان مقتنعاً بأن خاشقجي قُتل داخل القنصلية- أن يفرض عقوبات على السعودية، منها ما يتعلق بوقف مبيعات الأسلحة، خاصة إذا تباطأت الرياض في اتخاذ إجراءات مناسبة تحمي بها الشعب السعودي من ولي عهد لا يعرف الرحمة".