طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية الحكومة البريطانية بالتوقف عن دعم الحكومة السعودية في حربها باليمن، وفرض عقوبات أممية على ولي العهد محمد بن سلمان الذي يشغل منصب وزير الدفاع، مؤكدة أن لندن تخاطر بالتواطؤ في "جرائم حرب".
وقال بيان المنظمة الدولية، نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء: إن "الطريقة التي يدير بها التحالف بقيادة السعودية الحرب أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني، الضعيف أصلاً، وتحويله إلى أزمة إنسانية كاملة، وهي الأسوأ في العالم"، مبيناً أنه "يعاني نحو 1.8 مليون طفل يمني من سوء التغذية الحاد، وهناك أكثر من مليون حالة مشتبه بأنها كوليرا، و8.4 ملايين يمني على حافة المجاعة".
وانتقدت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان دور الحكومة البريطانية مؤكدة أنها "واحدة من أقوى الداعمين للسعودية والتحالف الذي تقوده"، موضحة أنها "قدمت دعماً غير نقدي إلى حد كبير لدور السعودية في الحرب، فضلاً عن بيعها معدات عسكرية بقيمة 4.6 مليارات جنيه إسترليني خلال فترة الحرب".
وتساءل البيان: "كيف تدافع الحكومة البريطانية عن مثل هذه السياسة غير المتسقة تجاه اليمن؟ يصر الوزراء على أن البقاء على مقربة من السعودية، وتقديم النصيحة وراء الأبواب المغلقة، هو أكثر الطرق فعالية للتأثير على أفعال السعودية، إلى جانب المشورة العسكرية والدعم العملي من خلال مبيعات الأسلحة".
كما شدد على أنه "في الزيارة الأخيرة التي قام بها ولي العهد السعودي وزير الدفاع، محمد بن سلمان، إلى بريطانيا، فرش الوزراء البريطانيون السجادة الحمراء له، وتحدثوا عن وعوده بالإصلاح، وأعدوا صفقات الأعمال، ووافقوا على حزمة مساعدات، كما أجازوا بيع 48 طائرة مقاتلة إلى السعودية؛ كل هذا دون أن يظهر أي تغيير ذي مغزى في السياسة السعودية تجاه اليمن. كان ثمة ثلاثة مجالات للفشل".
وفندت المنظمة مزاعم بريطانيا بأن "السعودية تلتزم خلال حملتها العسكرية بما يتوافق مع القانون الإنساني الدولي"، واصفة هذا الادعاء بـ "السخيف" و"الخيال"، كاشفة أنها وثقت "87 هجوماً غير قانوني من قبل التحالف الذي تقوده السعودية، أدت إلى مقتل ألف مدني تقريباً، وبعض هذه الهجمات قد تصل إلى جرائم حرب".
وطالبت المنظمة في نهاية خطابها الحكومة البريطانية يإعادة التفكير في نهجها تجاه السعودية والصراع اليمني، مع "عدم وجود نهاية تلوح في الأفق لهذه الحرب التي تشوبها الانتهاكات"، موضحة أن "بريطانيا تخاطر بالتواطؤ في جرائم الحرب من خلال تزويد السعوديين بكميات كبيرة من الأسلحة، في ظل انتهاك قوانين الحرب بشكل روتيني".
وأشارت إلى أن "عدم اعتراض بريطانيا علناً على الغارات الجوية غير القانونية، والأرواح التي فقدت بسبب القيود السعودية على الموانئ اليمنية الرئيسية، سيقوض بشكل خطير الجهود الإنسانية الجديرة بالثناء التي تقودها وزارة التنمية الدولية، ويلطخها بشكل لا رجعة فيه" مؤكدة الحاجة لجهود دبلوماسية بريطانية علنية و"قائمة على المبادئ" تجاه اليمن.
وفي تغريدة على صفحتها الرسمية، قالت المنظمة: "تقول بريطانيا إنها تفضل دعم السعودية وإدلاء النصيحة عن قرب للتأثير بشكل أفضل.. ثلاثة أعوام من الانتهاكات في اليمن ولم تأت النصيحة بأي تغيير، فهل تبدّل بريطانيا نهجها؟".
وفي مقطع فيديو نشر بنفس التغريدة، قالت: "هيومن رايتس ووتش تطالب الأمم المتحدة بفرض عقوبات على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بسبب حرب اليمن وحصاره".
ويشهد اليمن منذ مارس 2015 حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المسنودة بقوات التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى.
وخلّفت هذه الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، أدّت إلى إغلاق عدد كبير من المرافق الصحية في البلاد، بالإضافة إلى تفشي الأوبئة في أوساط الأطفال، إضافة إلى سوء التغذية، الذي يعاني منه أكثر من 400 ألف طفل، حسب تقديرات أممية سابقة.
والشهر الماضي زار محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لندن، وهو ما قوبل باحتجاجات من المعارضة البريطانية والرأي العام، متهمين إياه بالمسؤولية عن وقوع جرائم حرب في اليمن.