تحيي الإمارات اليوم رسميا وشعبيا يوم الشهيد، تعبيرا عن الاحترام والإجلال والإكبار لتضحيات القوات المسلحة وشهداء الدولة ممن قدموا دمائهم في سبيل الدفاع عن الوطن ومصالح شعبه لينعم شعلنا في أمن واستقرار، ولتكون تضحياتهم صفحة خالدة في تاريخ الدولة، ولتعكس مشهداً مهيباً من التلاحم الوطني.
تخليداّ لذكرى الشهيد الأول
ووقع الاختيار على يوم (30|11) كيوم للشهيد لمصادفته ذكرى استشهاد أول جندي إماراتي في الاتحاد وهو الجندي سالم سهيل خميس، والذي استشهد أثناء دفاعه عن جزيرة طنب ضد الهجمة الإيرانية عليها بهدف احتلالها في عام 1971، لتخلد هذه التضحية للشهيد سالم خميس الذي واجه خطراً حقيقياً على أراضي الدولة واستشهد وهو يدافع عن وحدته ضد الهجوم الإيراني رافضاً الاحتلال لجزيرة إماراتية، لا تزال تحت الاحتلال الإيراني وتتطلب المزيد من الشهداء والتضحيات لتحريرها تماما.
وكان الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الدولة، قد أمر في أغسطس من عام 2015 بأن يكون (30|11) من كل عام يوماً للشهيد، تخليداً ووفاءً وعرفاناً بتضحيات وعطاء وبذل شهداء الوطن وأبنائه البررة، الذين وهبوا أرواحهم لتظل راية الإمارات خفاقة عالية، وهم يؤدون مهامهم وواجباتهم الوطنية داخل الوطن وخارجه في الميادين المدنية والعسكرية والإنسانية.
وأمر رئيس الدولة باعتبار هذه المناسبة الوطنية إجازة رسمية على مستوى الدولة، تقام فيها مراسم وفعاليات وطنية خاصة تشترك فيها مؤسسات الدولة وأبناء شعب الإمارات والمقيمين فيها استذكاراً وافتخاراً بقيم التفاني والإخلاص والولاء والانتماء المتجذرة في نفوس أبناء الإمارات، والتي تحلوا بها وهم يجودون بأرواحهم في ساحات البطولة والعطاء وميادين الواجب.
شهداء عام 2017
نحو 24 شهيداً إماراتيا قضوا خلال العام الحالي في الدولة واليمن وأفغانستان من بينهم سفيرنا لدى أفغانستان والذي استشهد مع خمسة إماراتيين من نشطاء العمل الإغاثي إثر تفجير قندهار مطلع العام الحالي، فيما إرتقى أربعة شهداء خلال الشهر الحالي كان آخرهم الشهيد عبدالله أحمد عبدالله الحوسني في اليمن، فيما سبقه في ذات الشهر استشهاد ضابطين طيارين إثر سقوط طائرتهم في اليمن أيضا، ليتبعهم جندي ثالث كان يعتزم العودة للدولة بعد انتهاء فترة خدمته العسكرية في نجران السعودية .
ومنذ مشاركة الإمارات في التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن استشهد نحو 110 جنود إماراتيون،استشهد أكثر من 60 منهم في هجوم استهدف القاعدة العسكرية للتحالف العربي في محافظة مأرب (شرق صنعاء) في سبتمبر 2015.
لكن وبسقوط الشهيد تلو الشهيد على أرض اليمن، باتت أهداف مشاركة الإمارات في معركة اليمن غير واضحة ا في ظل ما يتوارد عن صراع مع الحكومة اليمنية على بسط النفوذ في جنوب الإمارات، كما يعتقد إماراتيون أن تحرير الجزر الإماراتية المحتلة من جانب إيران منذ نحو 46 عاما أولى أن ترتوي بدماء أبنائنا إذا لم يكن من بد للحرب والقتال، على حد قولهم.
الاحتفاء الحقيقي بالشهداء
مما يؤخذ على جهات رسمية، هو حالة التعتيم حول مكان وملابسات استشهاد بعض أبنائنا وأسباب وفاتهم، وفي بعض الحالات لا تكشف الدولة عن أسمائهم أبدا كما حدث في عِدة حالات في يونيو 2016.
وقد طالب العديد من الإماراتيين السلطات بمزيد من الوضوح ونشر سيّر الأبطال الذين قدموا دمائهم من أجل كرامة المواطن والحفاظ على أمنه واستقراره وبذلوا من أجل ذلك الغالي والنفيس، هذا فضلا عن الاهتمام بالعائلات وبأولادهم ورعايتهم.
وفي نفس الوقت، فإن السلطات في الدولة لم تكرر الخطأ الكبير الذي جرى العام الماضي من تزامن الاحتفاء بيوم الشهيد مع حفل راقص للنجمة العالمية ريهانا لجمهور العاصمة أبوظبي، ضمن فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان «يا سلام 2016»، ما اعتبره مواطنون إساءة للأجواء الوطنية السائدة التي تظلل الإماراتيين في مثل هذه الأيام الوطنية تكريما واحتراما لتضحيات الشهداء من جهة وتقديرا لمشاعر ذويهم من جهة ثانية، إضافة إلى كشف المعلومات الحقيقية حول تفاصيل وحيثيات استشهاد جنودنا البواسل لا سيما في اليمن.
لذا، فبين أول شهيد إماراتي عام 1971 و بين اليوم، شهداء كثر إرتقوا في سبيل خدمة الوطن، مما يجعل على عاتق السلطات واجباً يتعدى عملية تنكيس الأعلام أو تعطيل الدوائر الرسمية، بحيث تترجم هذه الدماء الطاهرة لبناء رؤية وطنية واضحة نابعة من الشعب الإماراتي و من أجل مصالحه، ما يتطلب مواكبة الأداء السياسي لحجم البطولات والتضحيات التي يبذلها الإماراتيون كافة والشهداء على وجه الخصوص، مع اختيار المعركة الصحيحة وتحديد العدو الحقيقي في المكان والزمان المناسبين أيضا واستثمار الانتصارات والدماء لمستقبل زاهر للإمارات، وحتى لا تذهب هذه الدماء الزكية هدرا، بدون مشروع وطني جامع في سياق أداء دبلوماسي وأجندة سياسية عادلة وشرعية ومشروعة.