أحدث الأخبار
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد

اللغة والدور الحضاري

الكـاتب : محمد الباهلي
تاريخ الخبر: 18-08-2017


ما كتبه جيرالد جيمس تومر في كتابه «حكمة الشرق وعلومه.. دراسة العربية في إنجلترا في القرن السابع عشر»، هو تأكيد واضح وصريح لما كتبه كثير من علماء الغرب الآخرين، ومنهم بعض المستشرقين المنصفين الذين أنجزوا دراسات علمية عميقة اعتماداً على المراجع الأصيلة، فأنصفوا اللغة العربية بآرائهم وأدلتهم وبراهينهم وحججهم القاطعة والواضحة، وقد نقولها من مصادرها الحقيقية وتوصلوا من خلالها إلى نتيجة تقول، إن اللغة العربية منتج ثقافي ووعاء إنساني وحضاري بالغ الرقي، وإنها نقلت المعرفة والخبرات والأفكار التراكمية وتراث الأمة العربية عبر الأجيال، لذلك فهي تمثل معالم الحدود الحقيقية لوجود الأمة، الجغرافي والوطني والقومي، وهي أساس الهوية ومكوناتها الشخصية. وكما أوضحوا أنها من أوسع اللغات التي عبّرت عن أرقى المعالم الحضارية في عصر النهضة، عندما كانت حضارة الإسلام تسود العالم.


وقد استطاعت اللغة العربية أن تحيط بكل العلوم، كالكيمياء والفيزياء والفلك والطب.. وما تزال مصطلحاتها متداولة حتى الآن حتى صار العلماء الأوروبيون يتتلمذون على العلماء العرب في جامعات الأندلس وصقلية، ويدرسون فيها كتب ابن رشد والرازي وابن سينا والخوارزمي.. في الطب والفلسفة والرياضيات. ومن هذه الجامعات جامعة بالرنو في جنوب إيطاليا، والتي كانت تسمى أم الجامعات الطبية الأوروبية.


ولو أمعنا في قواميس اللغات السامية وأحصينا مفرداتها، حسب الدكتور أحمد هبو («مستقبل اللغة العربية»، ص: 148)، لوجدنا العربية أغناها جميعاً، وقد زادت مفرداتها على مجموع مفردات اللغات السامية الأخرى مجتمعةً، وهي تتفوق على أخصب لغات العالم لما تحتويه من مفردات وألفاظ تشمل كل مستلزمات الحياة، وتعبر عن كل ما يجول في نفس الإنسان.


ولعل المشكلة الجوهرية في واقع اللغة العربية لا تكمن فيها كلغة بحد ذاتها، بل في التهميش الذي تلاقيه من بعض أهلها، إذ تبارت أطراف كثيرة، بمختلف توجهاتهم الفكرية والأكاديمية، في التحذير من العربية وإثارة العداء ضدها إلى حد غير معهود.


لذلك لا يجب أن نستغرب اليوم من شباب عرب جامعيين، بل من مسؤولين عرب، لا يتقنون لغتهم الأم، وإنما يتحدثون بلغة عربية لا ينطقها حتى تلميذ المرحلة الابتدائية.


إن إنجاز المشروع الحضاري لهذه الأمة لن يكتمل إلا بعد تحديد هوية لغتها الأصلية واعتمادها اعتماداً كاملاً في جميع مجالات الحياة المختلفة، لأنها هي التي ستعطيها التميز المطلوب والشرعية الحقيقية والوجودية ومبررات التحضر والنهوض، وهذا ما حدث لأغلب الأمم التي نهضت من التخلف. وبخلاف ذلك ستظل الأمة في حالة ركود وجمود، وستعيش في مهب التيارات اللغوية الفكرية الجارفة التي تجعلها في اختلال دائم لمفهوم اللغة والهوية والذوبان في لغات المنتصر. فالحفاظ على اللغة العربية هو حماية للأمة ولأمنها الثقافي واستراتيجية لإخراجها من إشكالية التبعية الحضارية، والتخلص من آثار الهزيمة النفسية والروحية.