قال مراسل إندبندنت في منطقة الشرق الأوسط روبرت فيسك إن اتفاق السعودية وإسرائيل على إغلاق قناة الجزيرة يعني أن هذه القناة تفعل الشيء الصحيح، وأكد أن هاتين الدولتين تعتقدان أن هذا الإغلاق هو نوع من الإنجاز.
وأشار فيسك في مقاله بالصحيفة البريطانية اليوم إلى بعض مظاهر هذه العلاقة حسب قوله، بأنه عندما يمرض أثرياء السعودية يسارعون إلى تل أبيب في طائراتهم الخاصة للعلاج في أفخم المستشفيات الإسرائيلية، وعندما يشير الملك سلمان، أو بالأحرى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بأصبع الاتهام إلى إيران بأنها أكبر تهديد لأمن الخليج فمن المؤكد أن نتنياهو سيفعل الشيء نفسه بالضبط مع فارق أنه سيستبدل "أمن الخليج" بـ"أمن إسرائيل".
ولكن الغريب أنه عندما تسارع السعودية في قمع وسائل الإعلام لا تجد من يدعمها في ذلك حسب قول فيسك غير إسرائيل التي يُتغنى بأنها منارة الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية، أو دولة إسرائيل كما يريدها نتنياهو ومجلسه أو دولة إسرائيل اليهودية.
وأشار الكاتب إلى إعلان وزير الاتصالات الإسرائيلي أيوب قرا الذي وصفه بأنه مؤيد لاستعمار اليهود للأراضي العربية التي تحتلها إسرائيل في الضفة الغربية، عن خطط لسحب أوراق اعتماد صحفيي الجزيرة وإغلاق مكتبها في القدس وإلغاء بثها من مزودي خدمة الكابل المحلي والأقمار الصناعية بزعم أنها "ستجلب وضعا يجعل القنوات الموجودة في إسرائيل تنقل الأخبار بموضوعية"، وبعبارة أخرى، كما يقول فيسك، تهديد هذه القنوات لتكون متماشية مع الخط العام.
وقال فيسك إن أيوب أخذ هذا الأسلوب من زملائه العرب وهو يقر بذلك، عندما قال إن إسرائيل اضطرت لاتخاذ هذه الخطوات ضد "وسائل الإعلام التي حددتها جميع الدول العربية بأنها داعمة فعلا للإرهاب، ونحن نعرف ذلك بالتأكيد".
الأنظمة الاستبدادية
واستطرد الكاتب ساخرا بأن هذا معناه، على ما يبدو، أن الإسرائيليين يتلقون الآن دروسا عن الحريات الإعلامية من "جميع الدول العربية تقريبا" التي تمثل وسائل إعلامها المنفلتة، كما في مصر وسوريا والأردن والجزائر وجميع وسائل الإعلام الخليجية تقريبا.
وتساءل هل هذه حقا هي الطريقة التي تريد بها إسرائيل أن تعرف نفسها؟ وافترض أن الإجابة بنعم، لأنه إذا كان هناك تحالف غير مكتوب بين السعودية وإسرائيل، فإن جميع الخيارات تكون مطروحة حينئذ -كما اعتاد أن يقول الرؤساء الأميركيون ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون دائما.
وأضاف الكاتب أن المشكلة اليوم في الشرق والغرب هي أن حكوماتنا ليست صديقة لنا وأنها هي المضطهدة لنا أو المتسيدة علينا والقامعة للحقيقة والحليفة للظلم.
وأردف "هذا نتنياهو يريد إغلاق مكتب الجزيرة في القدس وولي عهد السعودية يريد إغلاق مقرها في قطر والرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش قصف مكاتبها بالفعل في كابل وبغداد ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قررت إخفاء تقرير حكومي عن تمويل الإرهاب خشية إزعاج السعوديين، وهو السبب نفسه الذي أغلق بموجبه توني بلير تحقيقا للشرطة البريطانية في رشوة بين السعودية وشركة بي أي إي سيستمز قبل ذلك بعشر سنوات.
وختم فيسك مقاله بأنه رغم كل ما سبق نتساءل عن سبب خوضنا الحروب في الشرق الأوسط ونتساءل عن سبب وجود تنظيم الدولة، الذي لم تقصفه إسرائيل والممول من دول الخليج، على حد قوله.