على مدى 4 أشهر أرسلت الحكومة السعودية رسائل نصية لكل هاتف محمول في المملكة تأمر فيها "العمال الوافدين المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود" بمغادرة البلاد قبل انقضاء مهلة انتهت بالفعل أواخر يوليو2017.
وحذرت حملة "وطن بلا مخالف" من تغريم وسجن وترحيل أي شخص يتم القبض عليه من دون وثائق إقامة سارية بعد انقضاء فترة المهلة (العفو) وذلك في محاولة متجددة للحد من السوق السوداء الضخمة للعمالة في المملكة.
وتقدر السلطات السعودية أن أكثر من 600 ألف شخص استفادوا من المهلة التي تتيح لأي وافد مخالف لقوانين الإقامة، في أكبر دولة مُصدرة للنفط في العالم، مغادرة البلاد دون عقاب.
لكن ملايين غيرهم بقوا إما بسبب عزمهم على البقاء أو عدم قدرتهم على الاستفادة من العرض. وهم الآن يترقبون حملة ضد من تصفهم الرياض بالمخالفين أو المتجاهلين لأمر المغادرة.
وقال عاطف علام (28 عاماً)، وهو عامل هندي في مخيم للعمال في شرق الرياض يخشى من مداهمة الشرطة، "لا نعرف ما سيحدث لنا". ونادراً ما يغادر عاطف المخيم ويخشى من القبض عليه عند نقاط التفتيش الخاصة بالشرطة على الطرق بأنحاء الرياض.
ويرفض أورانجزيب أكرم (43 عاماً)، وهو عامل باكستاني، في المخيم فكرة أنه شخص "مخالف" أو "متجاهل".
وقال وهو يمسك بطاقة إقامة منتهية الصلاحية "وضعي قانوني، جئت إلى هنا لشركة بن لادن".
وتذكر إحصاءات رسمية أن 12 مليوناً، من أصل 32 مليون نسمة يعيشون في السعودية، هم من الوافدين ومعظمهم من ذوي المهارات المنخفضة من آسيا وإفريقيا ويعملون في قطاعي البناء والخدمات.
لكن هناك عدة ملايين آخرين يعيشون خارج نطاق القانون ويديرون أعمالاً غير مسجلة أو يقبلون عملاً غير رسمي مع شركات تتجنب متطلبات توظيف سعوديين برواتب أعلى.
وذكرت صحيفة الحياة أن السلطات لم تصدر تقديرات سكانية للمخالفين لكن عضواً بمجلس الشورى طالب، قبل بدء فترة المهلة، بترحيل 5 ملايين شخص.
ودخل البعض البلاد بشكل غير قانوني وخاطروا بخوض رحلة خطيرة عبر الصومال واليمن، في حين تجاوز آخرون مدة تأشيرات عملهم وواجهوا نزاعات عمالية مع أرباب العمل وجاء البعض الآخر لأداء الحج أو العمرة ولم يعودوا لديارهم قط.
وتحملت السلطات السعودية مخالفات العمالة على مدى عقود، بسبب تكاليف عمليات الترحيل وتوابعها الاقتصادية.
لكن مع زيادة الضغوط خلال العقد الأخير لتوفير فرص عمل للسعوديين، الذين تبلغ نسبة البطالة بينهم 12.7 في المئة، التزمت الحكومة بالتخلص من العمالة الزائدة.
وترك أكرم عمله في أكتوبر الماضي بعد أن أدى التباطؤ الاقتصادي في قطاع البناء إلى توقف مجموعة بن لادن عن دفع أجور مقاوليها من الباطن وعشرات الآلاف من العاملين الوافدين.