ولطالما كانت العوامية مكاناً مشتعلاً بالمظاهرات الخاصة بالأقلية الشيعية في السعودية، وقد كان نمر النمر، رجل الدين الشيعي المؤثر، الذي أعدمته الحكومة السعودية عام 2016، من تلك البلدة، وظلَّت المظاهرات والاضطرابات أمراً متكرراً هناك.
واقتبست جريدة الحياة كلام فلاح الخالدي، محافظ القطيف، الذي قال إنَّ عقوداً قد وُقِّعَت "تم التعاقد مع عدد من الشقق المفروشة فى مدينة الدمام لإيواء الراغبين فى الخروج من الأحياء المجاورة لحى المسورة".
لكن وفقاً لنشطاء وتقارير على الشبكات الاجتماعية، مازال العديد من الفارين في انتظار إعادة تسكينهم.
وقال أمين نمر، ناشط سعودي أصله من العوامية: "ما أراه منذ اليوم الأول هو أنَّ هناك عقاباً جماعياً.. هناك خطة للإجلاء القسري. ولا يهتم أحد بما سيؤول إليه حال أولئك الناس".
وأخبر نمير موقع "ميدل إيست آي" أنَّ تدمير البلدة وإجلاء سكانها تُحركهما دوافع سياسية، وليس السعي وراء التنمية أو مكافحة الإرهاب.
وأضاف: "ليس للأمر علاقة بالمسورة والتنمية، بل بمعاقبة تلك البلدة على مطالبتها بحقوقها وبإجراء إصلاحات منذ عام 2011".
إطلاق النار عشوائياً
لطالما كان التأكد من التفاصيل الدقيقة حول أحداث القطيف أمراً صعباً، وذلك بسبب القيود الصارمة التي تفرضها السلطات السعودية على الإعلام.
وقد قال تقرير نشرته وكالة "رويترز" للأنباء في وقت مبكر من هذا العام إنَّ وسائل الإعلام الأجنبية لا يمكنها أن تزور المنطقة إلا بصحبة مسؤولين حكوميين، وتزعم السعودية أنَّ ذلك لدواعٍ أمنية.
في أغلب الأحيان، تأتي المعلومات من الصحافة الحكومية السعودية، أو النشطاء المحليين، أو مواقع الأخبار المعنية بالشيعة.
واتهم نشطاء محليون قوات الأمن بطرد السكان من العوامية بإطلاقها النار عشوائياً على المنازل والسيارات، وذلك في ظل مواجهتهم لمسلحين في المنطقة، وهي اتهامات تُنكرها السعودية.
ويقولون أيضاً إنَّ العديد من المنازل والمتاجر قد أُحرِقت أو تضرَّرت نتيجة القتال.
وقد نُشر فيديو على شبكة الإنترنت يُظهر أنَّ معظم المدينة قد تحول إلى أنقاض.
وقد تُرك معظم المدينة بلا كهرباء، ولا ماء، وبلا خدمتَي جمع القمامة والإطفاء. وقد أُتلفت المولدات الخاصة إتلافاً كبيراً بسبب إطلاق النيران، ويواجه الباقون في المدينة صيفاً قائظاً بلا مكيفات للهواء.
ورغم تشكيل لجان محلية لمحاولة الحفاظ على بعض الخدمات، يزداد البقاء في المدينة صعوبةً على العديد من السكان.
وقال أندرو هاموند، مستشار سياسات الشرق الأوسط، إنَّ إخلاء العوامية قد يكون جزءاً من استراتيجية لإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة الشيعية المُضطربة في السعودية.
وقال هاموند في تصريح لموقع "ميدل إيست آي" إنَّ "هذا جزء من نمط. فقد حدث ذلك داخل الخليج، في البحرين، وحدث خارج الخليج في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أظن أنَّه من المنطقي تحليل الوضع بهذه الطريقة".
وأضاف أنَّ القتال قد نجح أيضاً في أن يكون "إلهاءً مفيداً" عن الاضطراب السياسي الذي أعقب تولّي محمد بن سلمان، الابن الشاب للملك الحالي، لولاية العهد بدلأً من الأمير محمد بن نايف.
وأوضح هاموند: "أظن أنَّ هذا كان أكثر تعقيداً مما كانوا يأملون. أظن أنَّه كانت هناك بعض المقاومة للأمر، وهناك توتر بسبب مدى الغضب تجاه ما حدث، إلى حد أنَّ بن نايف لم يترك البلد في الأسابيع الأخيرة في الوقت الذي كان يجب أن يغادر فيه. لذا أظن أنَّ هناك هذا التوتر السياسي الحالي في البلد، ودائماً ما يفيدهم الصراع مع الشيعة بهذه الطريقة".
يشار أن إيران تسعى لاستهداف الأمن والاستقرار في السعودية بتحريض عدد ممن تصفهم السلطات بالإرهابيين والخارجين عن القانون للتمرد على النظام العام، وهو ما تنفيه إيران كعادتها، وتزعم أن هناك مطالب و"مظالم" لدى سكان المناطق الشرقية في المملكة على السلطات العمل على حلها.