ذكرت صحيفة "ذي إندبندنت" أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتشدد من قطر لا علاقة له بصلات الدوحة مع إيران أو تمويلها للإرهاب، بل يأتي في سياق الانتقام لصفقة مالية منيت بالفشل.
وأوضحت الصحيفة أنه قبل دخول دونالد ترامب إلى السباق الانتخابي رسميا في يونيو عام 2016 بسنة، كان صهره جاريد كوشنير يعقد سلسلة لقاءات مع رجل أعمال قطري يعد من أغنى أثرياء العالم حول صفقة لإعادة تمويل ممتلكات في نيويورك بمبلغ قدره نحو 500 مليون دولار. واستمرت المفاوضات حول الصفقة مع هذا الرجل وهو رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، لأكثر من عامين، لكنها انقطعت في مارس الماضي، عندما قرر الشيخ حمد التخلي عن الفكرة نهائيا، لأن كوشنير لم يتمكن من إيجاد أي تمويل إضافي للصفقة، وهذا ما طرحه الجانب القطري كالشرط الأساسي لعقد الصفقة.
ولفتت "ذي إندبندنت" إلى أن الحديث لم يدر عن خيانة أو خدعة، بل قام آل ثاني بما حذر منه مسبقا، بعد أن قررت شركة تأمين صينية، بدت مهتمة بالصفقة، الخروج من المفاوضات فجأة.
وبعد مرور شهرين فقط تحول ترامب إلى "آفة" على قطر، متهما هذا البلد الصغير بأنه أكبر ممويل للإرهاب في العالم.
وذكرت "ذي إندبندنت" أنه بعد أقل من شهر من قمة الرياض الأمريكية الإسلامية وتصريحات ترامب ضد قطر بعد عودته إلى البيت الأبيض، بدأت السعودية وحلفاؤها حصارهم على الدوحة بعد أن تلقوا تشجيعا من خلال كلام ترامب.
وتساءلت الصحيفة: "لكن هل تم اختيار قطر للعقاب فعلا لأنها تغازل إيران وتعد فعلا أكبر داعم للإرهاب في العالم؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا تحتفظ أمريكا بقاعدتها التي تضم 10 آلاف عسكري في أراضي هذه الدولة؟ أو ربما لأن الدوحة خذلت العائلة (عائلة ترامب)؟".
وقارنت الصحيفة هذا الوضع بكلام شخصية "دون فيتو كورليوني" من فيلم "العراب" الشهير، عندما يقول : "الانتقام هو طبق يُفضّل أن يُقدم باردا".
وذكّرت "ذي إندبندنت" بأن مبنى المكاتب التابع لكوشنير - رقم 666 في الشارع الخامس بمانهاتن في نيويورك، يواجه مأساة مالية، ولم يعد يقدم عائدات كافية لتسديد ديون عائلة ترامب التي يجب عليها أن تدفع 1.3 مليار دولار بعد أقل من سنتين لتسديد قروض الرهن العقاري.
وأضافت الصحيفة أن المحققين الأمريكيين الذين سبق لهم أن فتحوا تحقيقا في العلاقات بين كوشنير وروسيا، يدرسون إمكانية أن يكون صهر الرئيس قد بحث في ديسمبر الماضي عن أموال من مصرف حكومي روسي لإعادة تمويل العقار نفسه في نيويورك.
وتابعت الصحيفة: " الشيء المخيف هو وقوع كل هذه السلطة وزعامة العالم الحر، في أيدي رجل لا يملك أي خبرة سياسية بل هو مجرد زوج ابنة للرئيس".
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن لعائلة كوشنير "سوابق" عندما يدور الحديث عن الانتقام، موضحا أنه سبق لوالد جاريد – تشارلز أن استأجر "بائعة هوى" لإغراء صهره الذي كان يتعاون مع تحقيق أجرته السلطات ضد عائلة كوشنير.
ونقلت الصحيفة عن أحد مقربين من وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، الذي يتولى حاليا مهمة الدبلوماسية المكوكية لتسوية الأزمة القطرية: "ريكس أخذ بالأسباب واستنتج أن هذا الطفل المترهل يدير سياسة خارجية ثانية من المقر الأسري في البيت الأبيض".
واعتبرت "ذي إندبندنت" أنه على تيلرسون أن يقنع الزعماء في الخليج أن البيت الأبيض لا يمارس نهجا خارجيا بديلا منحازا للسعودية ضد قطر. وعليه أيضا أن يقنع السعوديين بمراجعة مطالبها الـ13 المفروضة على الدوحة وتحويلها إلى "شيء ما يمكن التفاوض حوله".
وأضافت: "الدبلوماسية المكوكية لتيلرسون تشكل اختبارا كبيرا لقوة أمريكا ولتأثيرها في المنطقة".