أحدث الأخبار
  • 12:10 . ماكرون: فرنسا والسعودية تقودان مساراً ملزماً للاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 12:09 . الشرع يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري... المزيد
  • 11:34 . استطلاع: أغلبية الأمريكيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين ودعم المدنيين في غزة... المزيد
  • 10:50 . رغم مخالفته الشريعة وهوية الدولة.. تسجيل 43 ألف عقد "زواج مدني" في أبوظبي منذ 2021... المزيد
  • 10:48 . انخفاض درجات الحرارة وفرصة أمطار غداً في بعض المناطق... المزيد
  • 09:58 . قرقاش: الإمارات ثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين وأهالي غزة... المزيد
  • 09:58 . انتخابات تاريخية للمجلس الإسلامي في إثيوبيا بمشاركة أكثر من 13 مليون ناخب... المزيد
  • 02:03 . التربية: إلغاء امتحانات الفصل الثاني وتطبيق منهج الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 02:03 . الكرملين: بوتين أطلع ولي العهد السعودي على نتائج محادثاته مع ترامب... المزيد
  • 02:02 . مقتل 27 على الأقل في هجوم على مسجد أثناء صلاة الفجر شمالي نيجيريا... المزيد
  • 10:09 . لجنة برلمانية بريطانية: أبوظبي تمارس قمعًا عابرًا للحدود وانتهاكًا لسيادة المملكة المتحدة... المزيد
  • 10:08 . "إسرائيل" تصادق على خطط احتلال غزة وتستدعي عشرات الآلاف من جنود الاحتياط... المزيد
  • 10:07 . برعاية أمريكية.. الكشف عن مباحثات "سورية ـ إسرائيلية" في باريس لخفض التصعيد بجنوب سوريا... المزيد
  • 05:42 . ترامب يعلن عن ترتيبات للقاء بين بوتين وزيلينسكي... المزيد
  • 05:37 . بوركينا فاسو تعلن منسقة الأمم المتحدة شخصا غير مرغوب فيه... المزيد
  • 05:35 . عشرات الشهداء بينهم 5 أطفال في هجمات إسرائيلية على غزة منذ الفجر... المزيد

أيُ فصل للدين عن السياسة؟

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 04-05-2017

من أكثر الشعارات طرحاً في أيامنا الحالية شعار فصل الدين عن السياسة. وبالطبع فان وراء هذا الطرح المتعاظم ما فعله الجنون الجهادي التكفيري بالمجتمعات العربية والإسلامية من تشابك الدين بالسياسة في أسوأ صوره وأخطرها.
لكن طرح هذا الشعار سيحتاج إلى توضيحات وإلى بناء نظري متماسك مقبول من غالبية الناس، وإلا فانه سيعالج صراعات سياسية عبثية خطرة بإدخال العرب والمسلمين في متاهات وصراعات فكرية وثقافية أخطر من تلك التي يعالجها.
من البداية دعنا نستذكر بأن علاقة الدين بالسياسة لم تحسم بعد، حتى في الدول الديمقراطية العريقة. وكتوضيح لذلك لنأخذ الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً. هنا سنأتي بموقفين متواجهين من قبل شخصيتين أمريكيتين شهيرتين. ففي الستينات من القرن الماضي رشُح جون كيندي نفسه لخوض انتخابات رئاسة الدولة الأمريكية. ولأنه كان كاثوليكياً طرح الكثيرون عليه هذا السؤال بقوة وإصرار: هل ستؤثًر قناعاتك الدينية الشخصية بشأن بعض القضايا، من مثل موضوعي الإجهاض والزواج المثلي، على مواقفك وقراراتك كرئيس للجمهورية؟
أجاب كيندي في خطاب طويل شهير بالنفي التام وبأن القناعات الدينية لكل الناس يجب أن تبقى بعيدة عن المناقشات السياسية العامة.
لكن، بعد حوالي خمسين سنة، عندما طرح السؤال نفسه على باراك أوباما، قبل نجاحه في الانتخابات وبعده، كان الجواب مختلفاً. لقد استشعر أوباما التوق الروحي، وبالتالي الديني، في أعداد هائلة من المواطنين الأميركيين… هذا التوق الذي يحتاج أن يعُبر عن نفسه كجزء من الصوت السياسي.
قال الرئيس أوباما بأنه يشعر بأن صخب الحياة الأمريكية اليومية، بدون قيم أخلاقية روحية وبدون أهداف غير مادية وحسية، تجعل حياة الأمريكي خاوية. ولذا فمن واجب التقدميين، الذين يطرح بعضهم حيادية الدولة في الشؤون التي تعارف عليها الناس بأنها قيمية وأخلاقية، يجب أن لا يتجاهلوا «الخطاب الديني»، بل عليهم أن يتعاملوا مع هذا الحقل برفق وزمالة.
لم يكن ذلك الطرح شعارياً انتهازياً، بل كان طرحاً فكرياً سياسياً. ذلك أن طرح موضوع القيم والفضيلة في الحياة السياسية يؤدي في الحال إلى طرح موضوع العدالة والصالح العام في حياة المجتمعات والبشر.
إضافة إلى ذلك فهذا الطرح من قبل أوباما يشكك في صواب مدرسة «الحيادية الليبرالية» التي تنادي بإعطاء الحرية الكاملة للفرد لكي يختار، هو وحده فقط بدون رقيب أو حسيب، ما يعتقد أنه صالح له ومفيد لحياته. إنه طرح يرفض أقوال المدرسة الفلسفية النفعية، التي تقول بأن كل ما هو نافع للفرد هو عادل حتى ولو كان على حساب الآخرين والمجتمعات والبيئة، إي الفردية المطلقة في أقصى جموحها.
والواقع أن الحديث هنا عن القيم والأخلاق الروحية لا يقتصر على السياسة فقط، بل يتعداه إلى حقل الاقتصاد. إنه ردٌ على الفلسفة الرأسمالية النيوليبرالية المنادية بالحرية التامة، غير المنقوصة وغير المنضبطة من قبل تدخُلات الدولة، للأسواق. مثل الفردية المطلقة يجب أن يكون السوق. كلاهما حران فيما يقررانه، باطلاً أو حقاً أو عادلاً.
وبالطبع فان هكذا سياسة وهكذا اقتصاد سيؤديان إلى حياة الغاب، حيث القوي يأكل الضعيف، وإلى غياب تام لمبدأ الصالح العام. ولذلك تجري نقاشات طويلة ومعقدة بشأن هذا الموضوع سواء في اجتماعات الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، أو في الدوائر الأكاديمية. فانعكاسات أخذ وجهة النظر هذه أو تلك ستكون هائلة على حياة الإنسان العادي.
إذا كان مثل هذا الموضوع لا يزال في طور الأخذ والرد في مجتمع استقر فيه النظام الديمقراطي إلى حدٍ كبير، فكيف بمحاولة الوصول إلى نتائج حاسمة في مجتمع عربي لا يزال يحبو في انتقاله إلى الديمقراطية؟
نحن نشير إلى ذلك للفت الانتباه إلى ضرورة درس الموضوع دراسة معمقة، بعيدة عن الغضب العارم الذي يجتاح الوطن العربي من جراء الممارسات الوحشية للجماعات الجهادية التكفيرية، لتحدد معاني الكلمات المطروحة، وتأخذ بعين الاعتبار التاريخ والثقافة والتوق الروحي الإنساني، وتنقل المجتمعات العربية إلى عوالم المشترك المواطني والإنساني التضامني، وتتعلًم من تجارب الآخرين، وتهدف في النهاية إلى عالم يسود فيه العدل والمساواة، وتتوازن فيه الحقوق والمسؤوليات، ويتناغم الرباني مع البشري.
إنها مهمة صعبة ومعقدة، ولكنها ضرورية ونحتاج إلى حملها ومواجهتها بأمانة وصلابة.