أحدث الأخبار
  • 11:20 . البنتاغون يقبل رسميا الطائرة الفاخرة التي أهدتها قطر للرئيس ترامب... المزيد
  • 11:10 . عبدالله بن زايد يبحث مع نظيره الأذربيجاني تعزيز فرص التعاون... المزيد
  • 11:03 . مقتل جنديين في هجوم على قاعدة جوية روسية في سوريا... المزيد
  • 10:57 . طالب إماراتي يحصد المركز الأول في الكيمياء بمعرض "ISEF"الدولي... المزيد
  • 10:54 . أمريكا: مقتل موظفيْن بسفارة الاحتلال الإسرائيلي في إطلاق نار أمام المتحف اليهودي بواشنطن... المزيد
  • 10:16 . صحوة متأخرة للضمير الأوروبي... المزيد
  • 10:05 . "فلاي دبي" تستأنف رحلاتها إلى دمشق بعد 12 عاماً من التوقف... المزيد
  • 07:36 . قوات الاحتلال تطلق النار على دبلوماسيين في جنين.. وإدانات دولية واسعة... المزيد
  • 07:17 . بجوائز تبلغ 12 مليون درهم.. إطلاق الدورة الـ28 من جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم... المزيد
  • 06:50 . لماذا تُبقي الشركات على المدير السيئ؟... المزيد
  • 12:34 . "رويترز": القيادة السورية وافقت على تسليم متعلقات كوهين لـ"إسرائيل"... المزيد
  • 11:31 . فرنسا وبريطانيا وكندا تتجه للاعتراف بدولة فلسطين... المزيد
  • 11:25 . الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا.. والتعاون الخليجي يرحب... المزيد
  • 11:14 . أبوظبي تقحم نفسها كلاعب أساسي في إدخال المساعدات إلى غزة... المزيد
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد

كنت في الأندلس

الكـاتب : فاطمة الصايغ
تاريخ الخبر: 16-01-2017


لم تكن زيارتي لإسبانيا زيارة سائح عادي فقد كانت دراستي للتاريخ الإسلامي دافعاً أساسياً للتعرف عن قرب على تاريخ وحضارة الأندلس ورؤية كل ما قرأته عن الوجود الإسلامي الذي دام أكثر من 800 عام.

ومما لا شك فيه أن الزائر العربي إلى الأندلس ينتابه مزيج من الذكريات المؤلمة والفخر، الألم بسبب ما آل إليه حال العرب والمسلمين اليوم، والفخر بأن العربي والمسلم الذي سكن هذه البقعة قبل أكثر من ألف عام قد ترك تراثاً حضارياً تفخر به الإنسانية جمعاء.

الصروح الإسلامية في الأندلس لا يمكن مقارنتها بأي عمارة أخرى في تلك البلاد، والإرث الحضاري الذي تركه المسلمون عميق ومتجذر في الثقافة الإسبانية حتى اليوم. فمثلاً، يوجد في اللغة الإسبانية حوالي 4 آلاف كلمة مشتقة من اللغة العربية.

كما ترك العرب المسلمون حضارة متقدمة وراقية للغاية في مجالات التكنولوجيا والفلاحة والعمارة والفنون وغيرها من مجالات الحياة. فقد جلب المسلمون إلى تلك البقاع زراعات عدة كالبرتقال والرمان وغيرها من المحاصيل.

حالما تطأ قدماك الأندلس يأخذك الخيال إلى الماضي بكل عبقه وذكرياته بكل ما توحيه تلك العمارة الإسلامية والتراث الذي خلّفه المسلمون وراءهم. فعظمة البنيان ورقي الإنسان جعلت من الأندلس في تلك الفترة جنة من جنان الأرض.

ولا يمكن مقارنة الجموع التي تأتي في كل يوم لمشاهدة تلك الروائع الإسلامية بأي جموع تأتي إلى إسبانيا لمشاهدة الآثار الأخرى، حيث تحتشد صفوف الزائرين لآلاف الأمتار وقوفاً بالساعات انتظاراً لدخول أحد الصروح الإسلامية كقصر غرناطة أو مسجد قرطبة أو قصر إشبيلية.

معالم رائعة وصروح خيالية أثبتت قدرة العرب المسلمين على الابتكار والاختراع قبل غيرهم من الشعوب، وتركوا وراءهم إرثاً حضارياً رائعاً. كما أن حضارة الأندلس تثبت أن المسلمين قد سبقوا غيرهم في مجالات عدة متقدمة حتى باتت حضارة الأندلس مضرب الأمثال في التقدم والرقي. ولكن ما هي عوامل ضعف المسلمين وانهيار دولتهم وتفرق عددهم في الأندلس؟

عوامل كثيرة أدت إلى ضعف المسلمين بعد قوة وانفراط عقد دولتهم بعد وحدة، فمنذ أن استطاع عبد الرحمن الداخل تأسيس الدولة الإسلامية في الأندلس واتخاذ قرطبة عاصمة والمسلمون مستمرون من نصر إلى نصر حتى وصلوا إلى جبال البرانس في فرنسا، وباتت كل الممالك المسيحية في أوروبا تراقب تحركهم بكل حذر خوفاً من أن تقع هي الأخرى تحت سيطرة المسلمين.

واستمر التقدم الإسلامي حتى باتت كل أوروبا تنظر إلى التقدم الإسلامي على أساس أنه واقع حاصل. هذا النصر أورثهم حقد أوروبا. بالإضافة إلى هذا العامل، فقد كان التناحر بين الممالك الإسلامية في عصر الطوائف عاملاً حاسماً في تفرق عددهم وانهيار دولهم.

لم يترك المسلمون أثراً سياسياً على أوروبا فقط بل تركوا إرثاً حضارياً لا يمكن مقارنته بأي إرث حضاري في العالم أجمع.

فصروح الأندلس دخلت التراث الإنساني كأجمل ما خلدته يد إنسان على وجه البسيطة إلى جانب ما خلده المسلمون في بقاع العالم كتاج محل في الهند وصروح سمرقند وبخارى، وليست الصروح المادية هي فقط ما خلفه المسلمون وراءهم بل الفنون والعمارة وذلك الإرث الفكري الذي خلفه علماء الأندلس مثل الإدريسي وابن رشد وابن العربي وغيرهم الكثير.

ولكن كيف تعاملت الممالك المسيحية مع الإرث العربي الإسلامي بعد سقوط آخر مملكة إسلامية في الأندلس وهي غرناطة؟ بعد سقوط الأندلس على يد الممالك الإسبانية وخروج العرب من إسبانيا تعامل الإسبان مع الإرث العربي بكل قسوة.

فالكثير من الكنوز الأدبية أحرقت وتحولت العديد من المساجد الإسلامية إلى كنائس ومنها مسجد قرطبة الكبير. فالزائر إلى هذا المسجد اليوم يحزنه أن يرى المسجد وقد تم تغير اسمه إلى كاتدرائية والصليب وقد نصب في وسط المسجد المشهور بعمارته الإسلامية وأقواسه التي دخلت التاريخ شاهداً على روعة الحضارة الإسلامية.

دروس عدة يمكن استيعابها من الأندلس ولكن قد يكون أولها أن العربي المسلم قادر على الإبداع والابتكار بشكل استثنائي إذا ما سنحت له الفرصة، وثانيها أن الإسلام لم يركز على العبادات فقط بل أيضاً ركز على عمارة الأرض. إن هذه الدروس هي في حد ذاتها دروس توعية للأجيال المسلمة الجديدة التي تعتقد أن الإسلام هو فقط الأركان الشرعية.