أحدث الأخبار
  • 11:50 . واشنطن تراجع أوضاع 55 مليون أجنبي يحملون تأشيرات دخول سارية... المزيد
  • 11:41 . نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية لإطلاق الأسرى ويعتمد خطة احتلال غزة... المزيد
  • 10:32 . التربية تعتمد مواعيد الدوام المدرسي للعام الدراسي الجديد... المزيد
  • 10:30 . اجتماع طارئ "للتعاون الإسلامي" الاثنين لبحث مواجهة احتلال غزة... المزيد
  • 10:29 . السعودية وأمريكا توقعان اتفاقية شراكة عسكرية جديدة... المزيد
  • 12:10 . ماكرون: فرنسا والسعودية تقودان مساراً ملزماً للاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 12:09 . الشرع يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري... المزيد
  • 11:34 . استطلاع: أغلبية الأمريكيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين ودعم المدنيين في غزة... المزيد
  • 10:50 . رغم مخالفته الشريعة وهوية الدولة.. تسجيل 43 ألف عقد "زواج مدني" في أبوظبي منذ 2021... المزيد
  • 10:48 . انخفاض درجات الحرارة وفرصة أمطار غداً في بعض المناطق... المزيد
  • 09:58 . قرقاش: الإمارات ثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين وأهالي غزة... المزيد
  • 09:58 . انتخابات تاريخية للمجلس الإسلامي في إثيوبيا بمشاركة أكثر من 13 مليون ناخب... المزيد
  • 02:03 . التربية: إلغاء امتحانات الفصل الثاني وتطبيق منهج الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 02:03 . الكرملين: بوتين أطلع ولي العهد السعودي على نتائج محادثاته مع ترامب... المزيد
  • 02:02 . مقتل 27 على الأقل في هجوم على مسجد أثناء صلاة الفجر شمالي نيجيريا... المزيد
  • 10:09 . لجنة برلمانية بريطانية: أبوظبي تمارس قمعًا عابرًا للحدود وانتهاكًا لسيادة المملكة المتحدة... المزيد

اللاجئون إلى الموت!

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 13-12-2016


تخيل أن يقول لك أحدهم إن ابنتك ستفقد بصرها خلال أيام في حال لم تجر عملية جراحية، ثم تخيل أن تكلفة هذه العملية لم تكن في متناولك، ثم تخيل أن يأتيك ذلك الأمر وأنت لاجئ هارب من بلدك لا تكاد تجد قوت يومك. هذا هو حال ذوي الطفلة السورية اللاجئة في لبنان ريم الحلاق التي تنتظر عملية جراحية لتنقذ عينيها من الظلام الدائم، تكلف عمليتها 3000 دولار، ويحاول القائمون على رعاية اللاجئين السوريين في لبنان توفير المبلغ قبل أن يقع المحذور، وحالة ريم بلا شك ليست استثنائية، فآلاف الأطفال والشباب والكهول يرتمون في أحضان اليأس أمام تحديات هي في الظروف الطبيعية ليست بتحديات، آباء وأمهات يقفون عاجزين أمام أخطار محدقة تواجه أطفالهم يمكن تجنبها ببعض الدولارات، الآن تخيل كيف يكون شعور هذا الأب وهذه الأم؟ وكيف تكون نظرتهم للعالم؟
الانفجار في عدد اللاجئين عبر العالم الذي يقوده تفاقم الأزمة السورية وتفاعلات الوضع الدموي في العراق ينتج تكوينا بشريا جديدا المشترك بين أفراده هو اليأس من واقعهم، أولئك الملايين من اللاجئين الذين يعيش معظمهم في أوضاع لا يمكن تخيلها ينتقلون الآن من حالة الأزمة المؤقتة إلى ديمومة الأزمة، أجيال جديدة تنشأ وتترعرع في ظروف قاسية وعلى بعد كيلومترات قليلة منهم تتمتع الشعوب من حولهم برفاهية وأمن يشكل بالنسبة لهم خيالا، هذه الأجيال تنشأ وفي تركيبتها رغبة مبررة في الانتقام من الوضع القائم، من الظروف التي أوجدت حالتهم، هذه الأجيال ستكون وقودا لكل حراك يحارب الواقع أيا كانت خلفيته الفكرية.
ربما لم تمر بالعالم العربي حالة مثل هذه منذ عام 1948 الذي شهد بداية مأساة اللجوء الفلسطينية، ورأينا أن تلك الحالة على الرغم من وجود عدو واضح وهدف محدد، إلا أنها وفي أحيان كثيرة أفرزت حالة من العنف في دول اللجوء، ووجد الكثير من اللاجئين أنفسهم في مواجهة مع واقع تلك الدول المستقبلة للاجئين، وتلك الدول في كثير من الأحيان فشلت في التعاطي مع حالة ديمومة اللجوء تلك، وذهب الآلاف ضحية لهذا الفشل وللعنف الناتج عن استمرار المأساة.
اليوم الأرقام أكبر بكثير، والمأساة أكثر اتساعا جغرافيا وديموجرافيا، اللاجئون اليوم ينتمون إلى عرقيات وخلفيات دينية مختلفة وينتشرون بين عشرات الدول، الكثير من هذه الدول إما ليست لديها الرغبة في توفير حياة كريمة لهؤلاء اللاجئين أو تنقصها القدرة على توفير ذلك، وبالتالي من المتوقع أن تكون النتيجة أجيالا من المضطهدين المعدمين الذين لا يجدون أمامهم عدوا واضحا؛ لأن الواقع يحكي لهم قصة، الشرير فيها هو كل من حولهم وليس فيها من بطل.
استقراء الواقع السياسي حول أزمات المنطقة لا يوحي بأي انفراجة قريبة في الأفق، بل على العكس الأزمات تتتابع وعدد اللاجئين مرشح للازدياد، كما أن العنف ضد اللاجئين في ازدياد مضطرد سواء في أوروبا أو في دول المحيطة بسوريا والعراق أو داخلهما، أينما ذهب هؤلاء اللاجئون يجدون الموت حاضرا، وحتى في الدول التي تتوفر فيها الإرادة السياسية لتحقيق حياة كريمة للاجئين مثل تركيا فإن تزايد الأعداد يفوق القدرات وسيصل إلى نقطة انكسار تدريجيا لا يمكن معها الحفاظ على خدمات متوازنة لصالح اللاجئين.
المستفيد الأول من هذه الحالة هي التنظيمات المسلحة والأجهزة الاستخباراتية التي تبحث عن كوادر لمشاريع نشر الفوضى في المنطقة، خلال الأيام القليلة الماضية هزت التفجيرات اسطنبول والقاهرة ومقديشو، هذه التفجيرات بغض النظر عن منفذيها لن تكون الأخيرة، ووقودها سيكون أولئك الذين يعيشون اليوم ظروف اللجوء والظروف الباعثة على اليأس بشكل عام في مختلف دول المنطقة وسيصل البعض منهم إلى مرحلة تجعلهم جاهزين للتجنيد، واليوم في المنطقة العربية الكل يجند «إرهابيين» لصالحه، بدءا بتنظيم داعش وداعميه مرورا بالدول الراعية للإرهاب مثل إيران وانتهاء بأجهزة الاستخبارات العالمية التي تدير مجموعات وخلايا تنفذ لها ما تريد من عمليات ممكن توجيه أصابع الاتهام فيها للخصوم عند الحاجة.
الأمل هو السلاح الوحيد الذي يمكن من خلاله حماية الأجيال القادمة من اللاجئين من الوقوع فريسة للعنف، ومتى انتزع الأمل من عيون الصغار فعلى العالم أن يتوقع امتدادا للعنف إلى كل عاصمة على وجه البسيطة، الملايين من اللاجئين سيصبحون عشرات الملايين خلال سنوات قليلة، وأكثر من ذلك خلال عقود قليلة، اللاجئون اليوم يساوون عدد سكان دولة متوسطة الحجم، هذه الدولة ستكون أكبر مصدر للفوضى والأمراض والإرهاب إذا لم تتوقف دوامة الدم، الولايات المتحدة وروسيا وغيرها من قوى العالم لن يكون لديهم من يلومون غير أنفسهم، الأزمة المفتعلة التي يساهمون في تذكيتها لأجل مصالح ضيقة ستعود لترتد عليهم خلال وقت قصير كما ارتدت مؤامرات جهاز الاستخبارات الأميركي عليهم في الحالة الأفغانية، المستقبل لا يمكن أن يكون مزهرا إلا إذا التفت العالم إلى الملايين المنسية، علينا أن نساهم جميعا في إنقاذهم اليوم حتى لا نكون ضحايا إهمالنا لهم في المستقبل.;