أحدث الأخبار
  • 08:34 . باير ليفركوزن أول فريق ألماني يحرز "الدوري الذهبي"... المزيد
  • 07:27 . القضاء المصري يرفع اسم أبو تريكة و1500 آخرين من قوائم الإرهاب... المزيد
  • 07:24 . خالد مشعل: لدينا القدرة على مواصلة المعركة وصمود غزة غير العالم... المزيد
  • 07:20 . الأرصاد يتوقع انخفاضاً جديداً بدرجات الحرارة في الإمارات غداً... المزيد
  • 07:02 . "الموارد البشرية" تعلن عن 50 فرصة عمل بالقطاع الخاص للمواطنين... المزيد
  • 06:49 . القسام تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا شرقي رفح... المزيد
  • 06:16 . صحيفة: أبوظبي تسعى لتلميع صورتها رغم سجلها الحقوقي السيئ... المزيد
  • 11:12 . رئيس الدولة يلتقي ولي العهد السعودي للمرة الأولى منذ مدة... المزيد
  • 11:02 . "أدنوك" تعتزم إنشاء مكتب للتجارة في الولايات المتحدة... المزيد
  • 10:58 . مستشار الأمن القومي الأمريكي يزور السعودية نهاية اليوم... المزيد
  • 10:55 . تعادل مثير يحسم مباراة النصر والهلال في الدوري السعودي... المزيد
  • 10:53 . "أكسيوس": أميركا أجرت محادثات غير مباشرة مع إيران لتجنب التصعيد بالمنطقة... المزيد
  • 10:46 . البحرية البريطانية: تعرض سفينة لأضرار بعد استهدافها في البحر الأحمر... المزيد
  • 10:43 . محكمة تونسية تؤيد حكما بسجن الغنوشي وتحيل 12 إلى دائرة الإرهاب... المزيد
  • 01:06 . "هيئة المعرفة" تبرم حزمة اتفاقيات لتوفير منح دراسية للطلبة المواطنين بدبي... المزيد
  • 01:05 . عائدات "مبادلة" تسجل 99 ملياراً والأصول 1.1 تريليون درهم خلال 2023... المزيد

الحاجة إلى ثورة تعليمية

الكـاتب : عبدالله علي الشرهان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

لا أعتقد بوجود اختلافات كبيرة في المفاهيم بين الدول حول مسارات التربية والتعليم إلا من حيث الإمكانات والقدرة على تنفيذ الرؤى والخطط والبرامج التدريسية والتربوية .
إن التطور الاجتماعي والاقتصادي العلمي يحمي المجتمعات من العوامل السلبية التي تقف حجر عثرة أمام تطورها وهي عوامل إنسانية في معظمها، وإذا عرفنا أن هذا التطور لا يمكن أن يتحقق من دون التربية والتعليم تكون الأخيرة هي العامل الرئيسي القادر على حل المشكلات إضافة إلى لجم وتحجيم العوامل الطبيعية السلبية لا بل تطويعها لكي تصبح أكثر ايجابية .
وفيما يخص التربية والتعليم في بلدنا العزيز فإنها وبالرغم من كل التقدم الذي أحرزته دولتنا خلال هذه الفترة الوجيزة من عمرها، فإنها مازالت بحاجة إلى تميز أكبر تستحقه، ولذلك فهي بحاجة إلى وقفة أخرى تتجاوز الحساسيات لدى البعض في هذا الميدان الحيوي والخطر . إن ضمان مستقبل الإمارات سواء أكان اجتماعياً، ثقافياً، علمياً أم اقتصادياً يتوقف على امتلاك ناصية العلم الذي يمكن أن يكون إحدى الوسائل الاستراتيجية في تعويض الحجم السكاني للدولة إضافة إلى الجوانب التربوية التي يمكن أن تتحقق على صعيد المجتمع، ولذلك فإننا نعتقد بأن فتح النقاش في هذه المسألة الوطنية قد يكون أمراً مفيداً الهدف منه تقديم الشكر والامتنان لكل من أسهم في وضع أية لبنة مهما كان حجمها في عملية المخاض التي ابتدأت قبل عدد قليل من السنين لا تكاد تحسب في عمر الأمم التي سبقتنا في هذا المضمار، لكن التقييم المستمر وعملية النقد والنقد الذاتي التي يقصد منها تجاوز الهنّات والهفوات والأخطاء، أمر طبيعي في أي عمل إنساني فكيف الأمر إذاً في عملية بناء الإنسان؟
لذلك على المختصين من التربويين والعلميين والكوادر الحكومية على مستوى الوزارات التنفيذية ذات الصلة أن يبدأوا في التصدي المبدئي والعلمي من خلال البحث العميق والجاد لسؤال واحد فقط: هل نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في بناء الإنسان الإماراتي كما نتمنى، وذلك مقارنة بأقرانه في الدول المتقدمة وليس في الدول النامية فحسب .
وهنا يجب ألا نكتفي بمقارنات رقمية أو بذكر المناهج التي تسير وفقها مدارسنا أو جامعاتنا أو مقدار ما نصرف عليها من دخلنا الوطني السنوي ولا بموازنتنا السنوية، بل يجب أن نبحث في نجاحاتنا وفي إخفاقاتنا وأسباب ذلك النجاح لنعمل على تعزيزها، أو ذلك الإخفاق لكي نفكر في تجاوزها بكل شفافية من خلال عملية مسح شاملة تبدأ بالمنهج والطالب والمعلم من جهة والمجتمع وأهدافه ممثلاً بالحكومة التي تعمل وفقاً لتوجيهات شيوخنا حكام الإمارات بقيادة رئيس الدولة حفظهم الله جميعاً .
وبما أن الموضوع يتعلق بمستقبل الدولة والمجتمع فلا بد أن يكون هناك دور أساسي للمختصين في فلسفة المنهج والمناهج التعليمية وطرق التدريس والمدارس التربوية في العالم وعلم النفس التربوي وعلم الاجتماع وشروط المعلم الناجح لكل مادة ومرحلة، كل ذلك وفق خطة مدروسة واضحة تضع الهدف ووسائل تحقيقه من إمكانات بشرية ومالية .
وهنا أود أن أعرج على بعض النقاط على سبيل المثال لا الحصر التي أرى أن لها أولوية في الوقت الحاضر من أجل تجاوز بعض المعضلات بانتظار ثورة تعليمية يقودها حكامنا من أجل رفعة ومنعة بلدنا العزيز تكون من نوع الثورات العلمية والتربوية التي شهدتها دول مثل سنغافورة القريبة من واقعنا الديمغرافي والاقتصادي، وماليزيا التي قطعت أشواطاً متقدمة في ميدان التربية والتعليم والتي أصبحت مثلاً يحتذى حتى من قبل دول متقدمة جداً في أوروبا وأمريكا .
وإذا أردنا أن نلامس الواقع التربوي في الإطار العام علينا أن نتوجه ببعض التساؤلات البسيطة: لماذا لا تستقطب مدارسنا الرسمية عموماً أبناء عدد كبير من أبناء الوطن ولماذا يهجر الآباء المرفهون مالياً مدارسنا ويتفاخرون بانتساب أبنائهم إلى بعض المدارس الخاصة؟ أرجو ألا يعتبر القصد من هذا السؤال الإساءة إلى أي أحد، نحن في دولة الإمارات نتمتع بحرية كاملة في اختيار المؤسسة التعليمية والتربوية التي نرغب في تعليم ابنائنا فيها، لكن الإجابة عن هذا السؤال تعطينا إشارات ذات دلالات ومغاز مهمة ومفيدة باتجاه تطوير المنظومة التعليمية في بلدنا العزيز . والسؤال الآخر هو لماذا بقي قطاع التعليم في الدولة بعد مرور أكثر من أربعين عاماً على نشوء دولة الإمارات، طارداً وليس جاذباً خاصة لمهنة التعليم التي يعرف الجميع أهميتها ودورها الوطني في عملية بناء الإنسان في الدولة، حيث لا يلبث المعلم أو المدرس من الذكور الذي يجد مهنة أخرى أن يهجر مهنة التعليم، والنتيجة أن نسبة التوطين في هذه المهنة مازالت بعيدة عن الطموح . أنا أعرف أن هناك الكثير من المعلمين والمعلمات العرب الذين يعملون بجد في هذا القطاع، وإنما أردت فقط الإشارة إلى ضرورة دراسة هذه الظاهرة خاصة في إعلاء شأن المعلم المواطن مادياً ومعنوياً واجتماعياً . إنها مسألة على درجة من الأهمية تستحق وقفة جدية من جانب المسؤولين عن بناء إنسان المستقبل في وطننا . والسؤال الثالث يتعلق بكون المدرسة حالها حال المقرات الحكومية الأخرى تعتبر رمزاً مهماً للدولة في رعاية إبنائها، فهي البيت الثاني بالنسبة للتلميذ وارتباطه بمدرسته الجميلة في شكلها ومضمونها أمر أساسي في تكوينه السيكولوجي، لذلك نتمنى أن تكون دولتنا رائدة في الانتهاء من بناء المدارس الحديثة المجهزة بأحدث التقنيات والمرافق وتزويدها بأفضل المعلمين وإعطاء المحفزات المادية والمعنوية لمن يعمل في المناطق النائية لكي تكون أكثر جذباً للطلبة والمعلمين في آن .
نحن بحاجة إلى مواطنين يملكون الاختصاص بعد الجامعي في استراتيجيات التعليم والتخطيط التربوي والمناهج الدراسية والاختصاصيين التربويين والاجتماعيين، إضافة إلى المعلمين الذين يحبون مهنتهم واختصاصهم . هؤلاء هم الذين ستقع على عاتقهم مسؤولية الارتقاء بالتعليم تخطيطاً وتنفيذاً ويبقى دور الخبراء من غير الإماراتيين استشارياً وهو دور مهم ومطلوب للاستفادة من التجارب الرائدة في المنطقة والعالم . وقد يقول قائل كل ما ذكر معمول به منذ بداية قيام الدولة ونقول نعم ولكن نسبياً، لكن السؤال المهم ما هو مستوى مخرجات نظامنا التعليمي وهل يتناسب مع ما يصرف عليه أم أننا بحاجة إلى زيادة في الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي .
وبعد ذلك ننتقل إلى المنهج الدراسي الذي يعتبر حجر الزاوية في العملية التعليمية ونسأل لماذا يحتار الناس في الاختيار بين المنهج الأمريكي أو المنهج البريطاني أو الأسترالي؟ لماذا لا يطمئنون إلى المنهج الإماراتي الذي يؤمن الحصول على شهادة علمية وتربوية لا تقل قيمة علمية عما ذكر من مناهج؟ هذا الأمر لا يتم إلا عبر المراجعة الدورية لهذه المناهج وأن لا يكتفى بنقل مناهج الآخرين لا على مستوى المواد الدراسية الإنسانية ولا الاختصاصات العلمية، بل يجب العمل على تطويع جميع المواد الدراسية وفقاً لحاجة الوطن والمواطن . ولا بد أن يكون هناك حيز لكل اختصاص أدبي كان أم علمي لنهوض المجتمع المتوازن . نحن بحاجة إلى الفلسفة والشعر والأدب واللغة حاجتنا إلى الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا وغيرها من الاختصاصات الأخرى كعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم المنطق والنقد الأدبي وتأمين المدرسين المختصين باعتبارها علوماً تسهم في استكمال جوانب الشخصية الإنسانية . إذاً نحن كمجتمع بحاجة ماسة إلى اختصاصيين مواطنين يعملون على خلق المنهج الإماراتي، فالاعتماد على نقل مناهج الآخرين ليس بالضرورة الطريق الوحيد السليم . نعم لقد بدأنا به ولكن يجب أن نبحث عن منهجنا نحن فهو السبيل لإنتاج شخصيتنا وتجربتنا الرائدة، ولم لا، فقد سبقتنا لذلك دول صغيرة بتعداد سكانها نجحت في أن تكون رائدة في ميادين متعددة في الوقت ذاته .