أحدث الأخبار
  • 10:57 . إذاعة "جيش" الاحتلال: ترامب قرر قطع الاتصال مع نتنياهو... المزيد
  • 10:54 . العاهل السعودي يدعو قادة دول الخليج إلى قمة "خليجية أمريكية" تزامنا مع زيارة ترامب... المزيد
  • 10:53 . أكثر من مليار دولار .. حجم الخسائر العسكرية في مواجهة الحوثيين... المزيد
  • 10:52 . أبوظبي ترد على تقرير العفو الدولية عن أسلحة السودان: "مضلل وبلا أدلة"... المزيد
  • 10:51 . “أبواب الجحيم”.. القسام تعلن قتل وإصابة 19 جنديا للاحتلال في رفح... المزيد
  • 11:24 . رويترز: التعاون النووي الأمريكي مع السعودية لم يعد مرتبطا بالتطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 09:20 . تحقيق استقصائي يكشف قاتل شيرين أبو عاقلة ومصيره... المزيد
  • 07:48 . تصاعد الخطاب الدبلوماسي بين أبوظبي والسودان بعد قرار قطع العلاقات... المزيد
  • 06:28 . العفو الدولية تكشف تزويد أبوظبي قوات الدعم السريع بأسلحة صينية... المزيد
  • 12:01 . أمريكا تسمح بالتمويل القطري لرواتب موظفي سوريا... المزيد
  • 11:30 . شرطة نيويورك تقتحم جامعة كولومبيا وتعتقل عشرات المؤيدين لفلسطين... المزيد
  • 11:30 . انفجارات لاهور تزيد من حدة المواجهة الهندية الباكستانية... المزيد
  • 11:29 . السعودية ترفض التصريحات الإسرائيلية حول التوسع في غزة وتطالب بوقف الانتهاكات... المزيد
  • 11:13 . أبوظبي ترفض الاعتراف بقرار السودان قطع علاقاته معها... المزيد
  • 10:11 . ترامب يعتزم تغيير اسم "الخليج الفارسي" إلى الخليج العربي... المزيد
  • 07:02 . ضبط المتهمين في أحداث مباراة "الوصل" و"شباب الأهلي" وتغريم الناديين... المزيد

الإنسان الحقيقي

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
توقفت كثيرا عند هذا التعبير «الإنسان الحقيقي» وحين شرحه صاحبه قال: أقصد الإنسان الذي لا يخلو من الأفكار الساطعة التي تميزه عن غيره، الذي يمتلك قناعاته ورؤاه الخاصة، ذلك الذي يمكنه التعبير عن نفسه بثقة وقوة واقتحام، لأنه مؤمن بنفسه ولأنه تعب كثيراً ليكون ما هو عليه. 

في الحقيقة لقد راق لي هذا الوصف، وتمنيت أن أحظى دائماً بفرصة الجلوس والحديث مع هذا النوع من الناس، لكن الواقع يفاجئك حين تجلس مع كثيرين فتتحول الأحاديث الى عملية اجترار تشبه الى حد كبير عملية إعادة إنتاج الورق المستعمل لآلاف المرات، الأصعب حين تتوقع أحاديث ونقاشات مختلفة فتجد الناس يقولون كل شيء الا ما يتوجب أن يقولوه أو يعبروا عنه ببساطة !

عادة ما تفقد المجتمعات طبيعتها الإنسانية كلما أوغلت في المدنية والتطور والإعجاب بالحداثة والتقنية، ففي نهاية الأمر تظل التقنية وسيلة لا أكثر، أما حين نضعها محل الإنسان فلن نتوقع الكثير من الإنسانية حتماً، سيتحول الإنسان تدريجياً الى كائن يتحدث بأصابعه ، لا يفكر كثيراً أو بمعنى أدق لا يستخدم عقله في معظم الوقت، لا يتحدث ولا يتفقد جهة صدره اليسرى، ليتأكد إن كان ثمة دوي في صدره أم لا، هل افتقد شقيقه الذي لم يره منذ شهور، هل اطمأن على والدته، هل يعلم إن كانت جدته على قيد الحياة بعد أم غادرت ؟ هل لا زال جاره العجوز يقطع الطريق إلى المسجد كعادته خمس مرات في اليوم أم أقعده المرض والعمر ؟؟ الذي يتماهى مع الآلة يتحول أغلب الظن الى أكثر من آلة، لأن الآلة صنعت آلة لا تزيد ولا تنقص أما الإنسان فيبذل جهداً مضاعفاً ليتفوق عليها !

الإنسان الحقيقي تصنعه الظروف الحقيقية، الحياة الحقيقية، الناس والأصدقاء والآباء والأمهات والتفاصيل الحقيقية، يولد في بيت عادي، يكبر، يواجه الظروف، يعاني، يقرأ، يتحدى، يجتهد ليصنع غده ومستقبله، يملأ نفسه بالتصميم والإرادة، يزود شخصيته بالكثير من الأدوات التي تعينه على اجتياز دروب الحياة الصعبة، في نهاية الأمر لا يوللد كعجين الكيك الرخو ولا يتقولب في أوان من الكريستال، الإنسان الحقيقي هو الذي يؤسس كيانه من كل ما يحيط به، هذا لا يعني أن يكون من جنس الملائكة ولا يعني أن يكون مثاليا فاضلاً بالمطلق، لكنه بالتأكيد لا يكون مضطراً ليكون شخصاً آخر، وللأسف فكثيرون ممن نلتقيهم يحاولون بل يجتهدون بقوة كي لا يكونوا هم، يلبسون أقنعة ليخفوا حقيقتهم، ليزيفوا طرقاتهم وأهدافهم ، ليرسموا ابتسامات وضحكات وكلاما لا يعنونه لكن الظروف تتطلب أن يقولوه، ويظلون طيلة النهار يرسمون خيالاً وشكل شخص لا يمت لهم بصلة حتى ينسوا في النهاية من هم وماذا يريدون بالضبط !

الإنسان الحقيقي يبدو واضحاً للجميع، لا لبس ولا ضبابية في حدوده وملامحه وشكله، خريطة مخه واضحة، تضاريس قلبه واضحة، ولشدة وضوحه يصفه ميلان كونديرا بالكائن الذي لا تحتمل خفته، وأول من لا يطيقه ولا يحتمله أولئك المزيفون، كثيرو الادعاء من لابسي الأقنعة، الإنسان الحقيقي يسير وحيداً معظم الوقت لكنه لا يشعر بوحشة الطريق أبداً، ربما لأنه يمشي في طريق آمن رغم وعورته، ولقد اتضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الأمان هو المطلب الأكثر إلحاحاً وضرورة وأن معظم الناس مستعدة لتقايض الدنيا بقليل من الأمان.