ناقش تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، العلاقات الروسية الإيرانية، وأورد أنها تشهد تعاونًا غير مسبوق بشكل وثيق، وتوصل إلى أن سياسات الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» تعمل لصالح «المحور الشيعي» في المنطقة.
وأوضح تقرير المجلة الذي ترجمه موقع «عربي 21» أن الخبراء والمسؤولين الروس يقولون إن إيران هي قوة «علمانية» محتملة لمواجهة الإسلاميين السنة. وبالفعل، صنّفت موسكو جماعة «الإخوان المسلمين» و«تنظيم الدولة» منظمات إرهابية، لكنها لم تطلق هذه الصفة على «حزب الله» الشيعي.
الوقت ذاته، تشيد وسائل الإعلام الروسية بتحالف بلادها مع إيران والتقدير العام لتمركز القوات الروسية هناك في المدة الأخيرة، مضيفًا أن موسكو وطهران اكتشفتا مؤخرًا التداخل الواسع بين مصالحهما في الشرق الأوسط.
واستعرضت معدة التقرير «آنا بورشفسكايا»، تاريخ تطور العلاقات بين البلدين، إذ بدأت بالتحسن مع وفاة «الخميني» في عام 1989؛ فحينها سعى بعض المسؤولين الإيرانيين إلى تحسين العلاقات مع موسكو. حتى إن «علي أكبر هاشمي رفسنجاني» سافر إلى موسكو في محاولة للتقارب. وبحلول نهاية التسعينيات، برزت روسيا مورّدا رئيسًا للأسلحة التقليدية لإيران، وبدأت تساعدها في برنامجها النووي.
وتابعت بأنه عقب وصول «فلاديمير بوتين» إلى السلطة في عام 2000، أصبحت العلاقة أكثر دفئًا مع طهران.
وتوسعت تجارة الأسلحة بين البلدين على نحو متزايد، ودعم دبلوماسيو الكرملين البرنامج النووي الإيراني جهارًا على أنه مسعى سلمي، وعملوا بجدّ لتخفيف العقوبات على طهران. وأصبحت الآن الاجتماعات الرفيعة المستوى بين كبار المسؤولين في البلدين أمرًا شبه اعتيادي، وفق ما تابعته «بورشفسكايا».
وأوضحت في تقريرها أن وزير الدفاع الروسي حينها «سيرجي شويجو»، زار إيران في يناير (كانون الثاني) 2015، تبعها زيارة بوتين في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهما الزيارتان الأوليان التي يقوم بهما «بوتين» ووزير دفاع روسي منذ عقد.
ومنذ ذلك الحين، اجتمع بوتين مرات عدة مع نظيره الإيراني «حسن روحاني»، وهو الأمر ذاته بالنسبة للوزراء ومساعديهم. ودعا بوتين هذا الصيف إلى قبول إيران عضوا في «منظمة شانغهاي للتعاون»، وهو اقتراح لم يسبق أن عرضه لصالح أي دولة عربية.
دوافع التحالف بين موسكو وطهران
ولفتت إلى أن ما يجمع موسكو وطهران أيضًا، هو تزايد المصالح السياسية المشتركة، فكلا البلدين يشعر بالقلق إزاء عودة ظهور حركة طالبان في أفغانستان بعد انسحاب الولايات المتحدة، ويخشى كلاهما صعود «التطرف السني»، الذي يرتبط بالنسبة إلى روسيا بعدم الاستقرار التاريخي في منطقة «شمال القوقاز»، الذي يعود إلى الحرب مع الشيشان، حين أدّت سياسات موسكو التعسفية إلى جعل الصراع متطرّفًا، بعد أن بدأ صراعًا انفصاليًا علمانيًا، وفق قولها.
وأدّت الأزمة السورية إلى جعل التعاون بين روسيا وإيران يتّجه نحو آفاق جديدة. فقد أصبحت البلاد التي مزقتها الحرب المكان الأمثل لكلا النظامين للتضييق على نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتوسيع سلطتهما في المنطقة.
وقالت إن «بوتين يريد على وجه الخصوص الترويج لنفسه كزعيم عالمي كبير، ويستخدم بشكل متهكم الحديث عن التعاون لمكافحة الإرهاب في سوريا لتحقيق هذا الهدف، بالرغم من فشله في استهداف تنظيم الدولة، باتباعه أسلوبًا يفتقر إلى الاتساق، حتى إنه ربما قام بتعزيز التنظيم في بعض الحالات»، بحسب قولها.
وتابعت: «من وجهة نظر الرئيس الروسي التي تعكس جنون العظمة، يوازي دعم الرئيس السوري بشار الأسد، دعم قبضة بوتين على السلطة في بلاده. ويؤمن الرئيس الروسي أن الغرب هو الذي دبّر الثورات الملوّنة في أوروبا الشرقية، وغيرها من الاحتجاجات المناهضة للنظام في منطقة الشرق الأوسط وروسيا. ويعتقد أنه إذا لم يعمل على تخفيف النفوذ الغربي، سيطيح به الغرب. وتحتاج إيران أيضًا إلى مساعدة موسكو لمساندة عميلها الأسد، وتريد الحصول على المزيد من الأسلحة الروسية».
ويقول بوتين إنه صديق الجميع في الشرق الأوسط، لكن في الواقع، تعمل سياساته لصالح «المحور الشيعي» في المنطقة.
إن بوتين هو شخص واقعي متهكم. فحتى عندما يلاطف إيران والنظام السوري، على سبيل المثال، يعمل أيضا على تحسين العلاقات مع تركيا وإسرائيل. بيد أن القوى الشيعية في الشرق الأوسط تميل إلى أن تكون أكثر مناهضة للغرب من الكتلة السنية، لذلك فإن التحالف معها ينسجم مع هدف بوتين المتمثل في مقاومة الغرب وإظهار نفسه كزعيم يتمتع بسلطة عظمى.