ما زالت تتكشف فصول جديدة عن أهم الجهات التي لعبت دورا في إجهاض الانقلاب الأخير الذي كاد يعصف بحكومة حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية المحافظة.
فقد روى شهود عيان لصحيفة "القدس العربي" اللندنية، تفاصيل العملية التي قامت به مجموعة صوفية ذات نفوذ ديني وشعبي واسع في البلاد، تدعى مجموعة الشيخ محمود افندي، تتمركز في حي الفاتح باسطنبول، حين هاجمت مجموعات الجيش للقوات الانقلابية أمام مركز بلدية الفاتح بالاشتراك مع مناصري حزب العدالة وعناصر الشرطة والاستخبارات.
ولكن الملفت في مشاركة هذه الجماعة الصوفية، هو أنها كانت مسلحة، بالسلاح الأبيض والأسلحة النارية الشخصية.
ويقول سليمان تاكين وهو أحد سكان حي الفاتح والذين شهدوا المواجهات التي دارت أمام بلدية الفاتح مع قوات الجيش الانقلابية إن المجموعة التي كانت أكثر تنظيما وشراسة هم مجموعة محمود أفندي أو «جبلي أحمد» كما يسمون، نسبة لارتدائهم الجبة، ويضيف سليمان « جاءوا بسروايلهم القصيرة، واخفوا سكاسكين حادة داخل جبة كل واحد فيهم، وبعضهم كان معه سلاحا فرديا، كالمسدسات أو بنادق صيد ".
ويواصل محمود خالص وهو أحد أنصار حزب العدالة في حي الفاتح سرد ما فعله الشباب المنتمون لتيار محمود افندي، مؤكدا أن الشرطة أطلقت النار بالفعل وقتلت عددا من الجنود في مركز البلدية، ويضيف « تجمعنا نحن شباب حزب العدالة أمام مقر بلدية الفاتح، حيث سيطر عليه مجموعة من جنود الجيش، مع عرباتهم، وجاءت الشرطة لمؤزارتنا، وأطلقت النار وقتلت عددا من الجنود، لكن مجموعة أخرى من الجنود ظلت مختبئة خلف عربات للجيش، فما كان من شباب مجموعة محمود افندي الصوفية إلا أن هاجموا العربة وقلبوها فوق رؤوس الجنود بداخلها، وأكلمت الشرطة المهمة باعتقال بقية الجنود.
من هو محمود افندي ؟!
عند مسجد محمد الفاتح، ستجد منطقة ذات طابع إسلامي خاص، يتوسطها جامع آخر للجماعة للشيخ اسماعيل آغا، في هذه المنطقة سيلفت نظرك أنصار هذه الجماعة بزيهم العثماني القديم، القميص الطويل، والسروال العريض، مع الجبة والعمامة، ومعظم أعضاء الجماعة يتكلمون اللغة العربية الفصحى التي تعلموها من الكتب.
أما النساء فزيهن أقرب ما يكون للنقاب، عباءة سوداء واسعة، تظهر منها العينان وجزء بسيط من الوجه.
أما شيخهم محمود أفندي، فهو من شيوخ الطريقة النقشبندية في تركيا، وعالم على المذهب الحنفي، واتباعه يقذرون بالملايين.
وهو ينتمي لمدينة طرابزون الساحلية على بحر الأسود، وهي مدينة مجاورة لبلدة الرئيس التركي أردوغان « ريزا»..
تعرض الشيخ محمد أفندي للنفي والاعتقال على يد جنرالات الجيش التركي منذ الثمانينات، وحوكم أكثر من مرة في محكمة أمن الدولة بتهمة تهديد العلمانية.. قبل أن يتعرض لمحاولة اغتيال عام 2007.
وبسبب الثقل الكبير الذي تتمتع فيه هذه الجماعة، فقد حظيت برعاية كبار المسؤولين في حكومة حزب العدالة، وقام أردوغان نفسه بزيارة الشيخ أفندي.
وتمتلك الجماعة مصادر تمويل غنية تتمثل بالمؤسسات الوقفية التي تمتلكها، وتدر عليها أموالا مكنتها من تأسيس مراكز تعليمية ودعم حلقاتها التعليمية التي يدرس فيها الجنسان.