أنشأ المزارع صالح محمد يعروف المنصوري، من محضر الهويرة في مدينة ليوا بالمنطقة الغربية، مزرعة نخيل مائية، تضم 24 نخلة، تعد الأولى من نوعها في المنطقة، وكان قد زرع نحو 200 شجرة فاكهة، من 45 صنفاً (بواقع أربع إلى خمس أشجار من كل صنف)، وبلغ عدد الأصناف التي جنى ثمارها هذا العام 35 صنفاً، أبرزها النخيل والعنب واليوسفي والبابايا، والأناناس، والليمون، واللوز، والكرز، والجوافة.
وأكد المنصوري أن فكرة إنشاء مزرعة نخيل تعمل بنظام الزراعة المائية، راودته منذ فترة طويلة، لكنه لم يتمكن من خوض التجربة إلا بعدما استوفى العناصر الكفيلة بنجاحها، لافتاً إلى أنه بذل مجهوداً كبيراً في معرفة أسرار هذا النوع من التقنيات الزراعية، وخاض دورات علمية وعملية عدة في مناطق رائدة في هذا المجال.
وشرح أن فكرة الزراعة المائية بدأت تتبلور لديه منذ عام 1999، حين التقى خبيراً عالمياً من سنغافورة في مجال زراعة الخضراوات مائياً، خلال وجوده في مدينة أبوظبي، لافتاً إلى أنه أخذ يبحث في إمكانية تطبيق الأفكار التي تعلمها منه على أرض الواقع، لكن الكلفة المالية الكلية للمشروع كانت مرتفعة بالنسبة إلى شاب يتحسس خطواته الأولى على طريق الزراعة، وفق تعبيره، إذ قدرت كلفة إقامة المشروع على مساحته 10 آلاف متر مربع، بنحو مليونين و700 ألف درهم، الأمر الذي دعاه إلى التريث، وتأجيل الفكرة إلى حين توفير رأسمال المشروع، أو إيجاد ممول يدعمه.
وتابع المنصوري أنه بدأ العمل، من ذلك الوقت، على تطوير ذاته في مجال الزراعة المائية، فبحث واستكشف واطلع على تجارب محلية مختلفة، ثم توجه إلى سنغافورة، التي تمثل أحد البلدان الرائدة في مجال الزراعة المائية على مستوى العالم، بهدف تعميق خبرته، والاستفادة من التجارب التي حققت نجاحاً هناك.
وأكد أنه خاض عدداً كبيراً من الدورات العملية والعلمية فيها، حتى أصبح متمكناً بما فيه الكفاية للانطلاق في إقامة مشروعه الخاص، وإدارته بكفاءة واقتدار.
وقال المنصوري إنه أخذ يستجمع قواه، بعد عودته من سنغافورة، للبدء في تأسيس المشروع، وذلك خلال العام 2010. وفي ذلك الوقت، أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة (وزارة الزراعة والثروة السمكية سابقاً)، استقدام نظام الزراعة المائية، وبيعه للمزارعين بدعم يبلغ 50%، الأمر الذي أسهم في تسريع إطلاق المشروع، فبدأ ــ كمرحلة أولى ــ في زراعة الخضراوات، التي بدأ إنتاجها في مطلع العام 2011.
وأضاف: «كان المشروع متواضعاً، ويدر دخلاً جيداً، يحقق جزءاً من الرضا النفسي للمزارع»، متابعاً أنه لم يتوقف خلال السنوات الماضية عن إجراء التجارب على زراعة أشتال لبعض أصناف الفاكهة الشجرية، التي تم استقدامها من مواطنها الأصلي، إلى أن تكللت تجاربه بالنجاح بعد توفير البيئة المناسبة لها، ليبلغ عدد الأصناف التي يعمل على إنتاجها في مزرعته 45 صنفاً، أبرزها النخيل، إلى جانب أصناف عدة من العنب، واليوسفي، والبابايا، والأناناس، والليمون بأنواعه، والبرتقال، واللوز، والكرز، والجوافة، وأصناف أخرى من الفاكهة التي تشهد إقبالاً شرائياً في الأسواق المحلية.
وحول الجدوى الاقتصادية من المشروع، أفاد المنصوري بأن معدل الإنتاج، من خلال استخدام نظام الزراعة المائية، يبلغ 300%، ويحقق وفراً في استهلاك المياه بنسبة 90%، مقارنة مع الزراعة التقليدية. أما إنتاج البيت البلاستيكي الواحد (عرض ثمانية أمتار، بطول 36 متراً)، فيبلغ 6000 كيلوغرام (ستة أطنان) من الخضراوات، في الدورة الواحدة.
وأضاف يمكن زراعة البيت البلاستيكي لثلاث دورات، وبذلك يبلغ معدل الإنتاج السنوي نحو 18 طناً للبيت البلاستيكي الواحد، فضلاً عن توفير نحو 40 يوماً من عمر الزراعة، حيث تمت زراعة البذور قبل انتهاء الدورة الزراعية في البيت البلاستيكي، وبعد إزالة النباتات القديمة تزرع الأشتال المنتجة من البذور، مقارنة بالزراعة التقليدية التي يتم فيها التخلص من النباتات القديمة قبل زراعة البذور وانتظار نموها، وقد تموت مجموعة من البذور فلا تنمو أساساً.
وأشار المنصوري إلى أنه يمتلك حالياً نحو 12 بيتاً بلاستيكياً، تنتج أنواعاً متنوعة من الخضراوات، ويتم توريدها إلى السوق، إلى جانب أكثر من 200 شجرة فاكهة.
وقال إنه يعمل على التوسع في زراعة أشجار الفاكهة، بعد نجاح التجارب الأولية، وقطف ثمار 35 صنفاً هذا العام، بجودة عالية، وموافقة للمواصفات والمقاييس الإماراتية.
وأكد المنصوري أن مشروعه يمتاز بإنتاج يحقق جدوى اقتصادية ممتازة، ويحافظ على المكونات البيئية، من خلال استهلاك كميات من المياه أقل من تلك التي تحتاج إليها الزراعة التقليدية، إضافة إلى استغلال مساحات زراعية أقل. وهو لا يلجأ إلى المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية في مشروعه، كون الزراعة فيه تتم في بيئة آمنة وتحت المراقبة.