أحدث الأخبار
  • 11:37 . الموارد البشرية تحديد إجازة المولد النبوي للقطاعين الحكومي والخاص... المزيد
  • 11:35 . الإمارات تدين التصعيد الإسرائيلي في سوريا وتؤكد رفضها لانتهاك السيادة السورية... المزيد
  • 10:36 . قطر تطالب الاحتلال الإسرائيلي بالرد على مقترح وقف إطلاق النار بغزة... المزيد
  • 10:35 . الرحلة الأخيرة للمُعارضة البيلاروسية ميلنيكوفا.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 10:26 . 25 بلدا يعلق إرسال الطرود البريدية إلى أمريكا بسبب الرسوم الجمركية الجديدة... المزيد
  • 10:20 . غروسي يؤكد عودة أول فريق مفتشين لإيران وسط تهديد أوروبي بعقوبات... المزيد
  • 12:58 . حظر إماراتي على الشحنات القادمة من السودان يثير الجدل مع توقف ناقلة نفط خام... المزيد
  • 06:39 . أولمرت لصحيفة إماراتية: أعمل على إسقاط نتنياهو وحكومته... المزيد
  • 04:57 . أستراليا تطرد السفير الإيراني بتهمة ضلوع بلاده بهجومين معاديين للسامية... المزيد
  • 11:49 . استشهاد 20 فلسطينيا في غارات إسرائيلية متواصلة على غزة... المزيد
  • 11:43 . إيران وثلاث دول أوروبية تعقد محادثات في جنيف بشأن البرنامج النووي... المزيد
  • 11:11 . وزير خارجية الكويت يدعو من جدة إلى وقف فوري وشامل للعدوان على غزة... المزيد
  • 11:08 . المكتب الوطني للإعلام يحيل ناشطين للنيابة.. حماية المجتمع أم تكميم الآراء؟... المزيد
  • 10:54 . حاكم الشارقة يعلن السعي لتسجيل قلعة "الحصن" بدبا في قائمة اليونسكو بعد تطويرها... المزيد
  • 10:51 . أمير قطر يبحث مع الرئيس الفرنسي تطورات غزة وملفات المنطقة... المزيد
  • 10:45 . رئيس الدولة يلتقي السيسي في العلمين وسط تحولات إقليمية ودولية معقدة... المزيد

عصْر الشك

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 11-07-2016


كانت الحقبة السابقة لعصر النهضة في أوروبا تتسم بالإيمان الجماعي، والتسليم المطلق لتعاليم الكنيسة، التي لم تسيطر فقط على عقول الناس، بل حتى على السلطات السياسية في أوروبا.

وكانت الآراء والأفكار الفردية مرفوضة، وتهاجَمُ مِن الناس قَبْل رجال الدين، وكان رجل الدين وحده من يمنح الخلاص الروحي والعقلي، أما الذين تشجّعوا وقالوا آراءهم بصراحة فقد اتُّهِموا بالهرطقة، تماماً مثلما يوصف بعض المفكرين في عالمنا الإسلامي اليوم بالليبراليين أو العلمانيين، لمجرد أنهم ردوا على رجل دين، أو اختلفوا معه.

كان الصراع في تلك الحقبة في أوروبا محتدماً بين الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، واللوثريين (أتباع مارتن لوثر)، والكالفينيين (أتباع جون كالفن)، فأصيب الناس بحَيْرة روحية وتساءلوا مَن مِن هؤلاء على صواب؟! لم توجد إجابة شافية حينها، خصوصاً أن رجال الدين كانوا يدفعون الناس للحروب أكثر مما يدعونهم للسلام والتسامح، ولهذا انتشر المذهب الشكوكي (مذهب فلسفي قديم لكنه عاد وانتشر في تلك الفترة)، وبدأ الإلحاد يتسرّب إلى قلوب المؤمنين، إلا أن الفيلسوف الفرنسي رينييه ديكارت لم يرضخ لظلامية رجال الكنيسة، ولا ليأس الشكوكيين، فقرر أن يُعْمِل عقله ويفكر.

أراد ديكارت أن يصل إلى حقائق أو بديهيات مُطْلَقة، حتى ينطلق منها في التفكير والحكم على الأشياء، فبدأ بتأسيس منهج جديد في التفكير هو مبدأ «الشك المنهجي»، الذي استعمله الغزالي قبله، لكن بطريقة تختلف أدواتها وغاياتها، فالغزالي أراد أن يثبت الحقيقة الراسخة في نفسه «مُسْبَقاً» باستخدام الشك، أما ديكارت فأراد أن يؤسس منهجاً معرفياً ينطلق من الشك. شكَّ ديكارت في كل شيء حتى وصل للشك نفسه، وقال إن الشكّ في كونه يشكّ هو شكل من أشكال الشك، فأدرك عندها بأن الشك هو البديهية المُطْلقة التي يستطيع أن ينطلق منها. ثم وَجَدَ أن عملية الشك تعني أنه يُفكّر، والتفكير يعني أن هُناك مُفكّراً موجوداً، فوصل إلى النتيجة الشهيرة التي قرأناها كثيراً: «أنا أفكّر إذن أنا موجود»، وكانت تلك إحدى أهم شرارات عصر العقل في أوروبا.

ولضيق سعة المكان سأختصر وأقول إن أهمية منهج ديكارت الشكّي هو نسْفُه للمنظومة الفكرية «التّسليمية» السائدة في العالم المسيحي حينها، حيث كان الجهل يغشاها من كل جهة، وكان الناس، مدفوعين برجال الدين وسيطرتهم، يُقحمون الدين في المسائل العلمية الصِّرْفة، فيُعالجون المريض النفسي علاجاً دينياً لطرد الأرواح الشريرة منه، وكانت الأرض في الفكر الديني مسطحة، وكانت الآراء الحرة هرطقة، والكتب التنويرية ممنوعة، وكان الناس يُقيّمون دين المفكرين والعلماء قبل النظر في علومهم واختراعاتهم وآرائهم الفلسفية.

ويبدو أن العقل الإسلامي اليوم يمر بمرحلة شبيهة بتلك التي عاصرها ديكارت، فنحن نعيش في عالم يُحرِّك فيه رجل الدين ملايين الشباب ليُخرّبوا ويدمّروا ويُفجّروا، معتقدين تماماً بأن موعدهم الجنة، ورغم قناعتي التامة بأهمية دور علماء الأمة المحوري في دفعها إلى الأمام، إلا أن صوت الحكماء منهم غير مسموع، ويبدو أننا على أعتاب عَصْرِ شكٍّ طويلٍ في العالم الإسلامي، سنرى في العجب والإلحاد والعدمية، إلا إذا ظهر مِن بيننا مَن يحمل عقل ديكارت، وقلب مؤمن يَعْلَمُ يقيناً أن الله بريء مِن كُلّ مَن يدعو الناس إلى قتل الناس.