منذ عشرين عاماً، وفي بداية التسعينات، أصدر صاحب السمو رئيس الدولة، توجيهاته بتأسيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في إمارة أبوظبي، وقد حددت وقتها الأهداف من إنشاء المركز، والتي تتلخص في إجراء البحوث والدراسات حول الموضوعات المتعلقة بالدولة والخليج العربي خصوصاً، والقضايا الحيوية الراهنة على الساحة الدولية عموماً في جميع المجالات..
إضافة إلى تقديم برامج لخدمة المجتمع ودعم دوائر صنع القرار الحكومية. الرؤية والأهداف لمركز الدراسات واضحة وبالتالي سياسة العمل كانت أكثر وضوحاً من خلال الممارسات التي انتهجها في سبيل تحقيق الأهداف. فقد استطاع المركز الدعوة لمؤتمرات يتم اختيار موضوعاتها بعناية فائقة تتناسب مع قضايا الساعة، واستقطابه شخصيات لها ثقلها في العالم لتشارك في إثراء المؤتمرات والندوات والورش التي يقيمها المركز أو الإصدارات والدراسات التي تصدر عنه سنوياً، جعلت منه مرجعاً للباحثين والدارسين ليس في الإمارات فحسب، بل على المستوى الدولي.
لا أحد يجهل حجم الميزانيات المطلوبة لتشغيل هذا النوع من المراكز البحثية بأسلوب حرفي، ولا يغيب عن أحد ندرة الباحثين المتخصصين في العالم العربي ومنطقة الخليج تحديداً، لكن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وبتوجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد، سخر كل الإمكانات المادية لتشغيل المركز وفق أفضل التقنيات والأدوات البحثية، وسخر الإمكانات للاستثمار في شريحة من الباحثين مواطنين وغير مواطنين، تمكنوا خلال السنوات الماضية من إعداد قاعدة لكوادر بحثية مواطنة قادرة على دعم صناع القرار في الدولة.
النجاحات التي حققها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في إمارة أبوظبي والمتمثلة في قدرته على دعم صنع القرار في مختلف المجالات، وتعزيز سياسة الإمارات الخارجية وعلاقاتها الدولية، لابد وأن يدفعنا للمطالبة بالاستفادة من تجربته على مستوى كل إمارة بتكوين خلايا تفكير بحثية بخبرات وطنية في مجال الأبحاث والدراسات.
الحاجة لهذا النوع من الباحثين لخدمة قضايا مجتمعنا المحلي مسألة مهمة ليس على مستوى المؤسسات الحكومية فحسب بل على مستوى الأمن القومي.
البدء في الاعتماد الذاتي على مراكز أبحاث ودراسات وطنية لمناقشة القضايا والموضوعات الوطنية التي لها حساسيتها الأمنية والاستراتيجية مسألة مهمة، ويكفي أنها ستوجد لدينا باحثين إماراتيين قادرين على مناقشة قضايا المجتمع المحلي والدولي.