أحدث الأخبار
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد

العمدة المسلم

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 10-05-2016


بنسبة عالية من الأصوات، استطاع السياسي البريطاني - من أصل باكستاني - صادق خان حيازة منصب عمدة واحدة من أكبر مدن العالم، وأكثرها اكتظاظاً بالسكان، ليكون بذلك ثالث شخص يتقلد المنصب منذ إنشائه في مطلع القرن، المنصب من الناحية العملية ليس بتلك الأهمية، فالنظام السياسي البريطاني ما زال مركزياً إلى حد كبير، ولكن المنصب يعطي العمدة سيطرة على أكبر ميزانية تحت إدارة منصب واحد في بريطانيا، هذا باعتبار أن رئيس الوزراء يمثل البرلمان في إدارة الموازنة العامة ولا تدخل ضمن صلاحياته بشكل مباشر كما هو الحال مع عمدة لندن، لكن بغض النظر عن هذا كله ففوْز خان مثَّل انتصاراً رمزياً لقوى مختلفة داخل وخارج بريطانيا، وهزيمة معنوية كبيرة لمعسكر معاداة الإسلام والمهاجرين في الغرب.
في العام الذي يصعد فيه ترامب سلم الانتخابات الأميركية على خلفية خطابه المعادي للمسلمين والمهاجرين عموماً، جاء وصول مسلم من أصل باكستاني إلى منصب سياسي رفيع بهذا المستوى في بريطانيا، ليبث الأمل لدى القوى الليبرالية المعتدلة سياسياً في الغرب بأن الأغلبية الصامتة حين تستثار ستكون أكثر اتزاناً وعدلاً من النخبة السياسية التي تستخدم سلاحَي الخوف والنزعة القومية لتحقيق مكاسب سياسية، خان واجه حملة مسعورة من المحافظين والإعلام التابع لهم، حاولت تصويره على أنه مؤيد للإرهابيين مستغلين حضوره بعض الفعاليات الإسلامية وعلاقته ببعض الرموز الإسلامية البريطانية، ورغم أن تاريخ خان السياسي مليء بالمواقف التي حاول فيها أن ينأى بنفسه بشكل متطرف عن مواقف الغالبية المسلمة، مثل تأييده زواج الشواذ ووقوفه ضد مقاطعة إسرائيل، فإن الحملة ضده تجاهلت ذلك كله، في نهاية المطاف لم تنجح حملة التخويف وفاز خان بنسبة %57 من الأصوات، وهي الأعلى إذا ما قورنت بنتائج سابقيه، حتى بعض قيادات المحافظين انتقدوا الحملة باعتبارها تبث التفرقة في المجتمع البريطاني، لكن ماذا يعني فوزه للمسلمين داخل وخارج بريطانيا؟
خارج بريطانيا، وفي العالم العربي تحديداً، دار النقاش حول كون خان سنياً أو شيعياً، حول مواقفه من زواج الشواذ والقضية الفلسطينية وما شابه، وهذا مفهوم في السياق، فبالنسبة لمن يعايش أزمات العالم العربي المتلاحقة سياسياً واجتماعياً هذه هي القضايا التي يستقطب حولها الشارع العربي اليوم، وكانت تغريدة استفزازية من برلماني شيعي كويتي احتفلت بفوز خان باعتباره شيعياً كفيلة بإطلاق جدل وصراع كبير في وسائل التواصل الاجتماعي، في الحقيقة خان سني كما أكد الكثير من قادة المجتمع المسلم البريطاني، ومنهم الدكتور أنس التكريتي الذي كتب رداً مطولاً ينتقد فيه النقاش في السياق العربي، ويؤكد فيه انتماء خان لأهل السنة والجماعة، أما خان ومؤيدوه وحزبه فهم غير معنيين بهذا النقاش الذي يدور بعيداً عن دوائر التأثير التي تهمهم، وعليه فبغض النظر عن تقييمنا للجدل الذي دار حول شخص خان فإن ذلك لا يحمل أهمية حقيقية، كما أن فوزه لا يمثل «انتصاراً» لنا في العالمين العربي والإسلامي، خاصة ومجتمعاتنا معظمها ما زال محروماً من أدنى درجات التمثيل السياسي.
بالنسبة للمجتمعات المسلمة في الغرب، القصة مختلفة تماماً، هناك بلا شك انتصار، هذا الانتصار لا يكمن في شخص العمدة الجديد، خان في النهاية سياسي بريطاني من حزب العمال والكثير من مواقفه لا تتفق ومصالح الغالبية من مسلمي بريطانيا، ولا تتوافق مع رؤيتهم للعالم من حولهم، وباعتباره مسلماً سيكون خان أكثر حذراً من سابقيه في تقديم أي خدمات قد تُفهَم أنها لصالح المسلمين تحديداً، بل قد يضطر أن يبدو أكثر تشدداً تجاه المسلمين ليبرئ نفسه من التهم التي رافقته طوال حملته الانتخابية، لكن بغض النظر عن هذا الواقع فإن فوز خان كسر السقف الزجاجي نحو تولي المسلمين مناصب سياسية كبيرة، فرغم أنه ليس الأول، إلا أن هناك مسلمين تقلدوا مناصب وزارية عدة، بل إن أكبر مسؤولي حزب المحافظين في فترة من الفترات كانت سعيدة وارسي وهي سيدة مسلمة، لكن هذا المنصب يعد الأكثر رمزية بين هذه المناصب، وهذه الرمزية تعززت في فترة بورس جونسون العمدة السابق الذي ينتمي لحزب المحافظين، حيث نجح في إضفاء أهمية رمزية عالية على المنصب، حتى اعتبره البعض منصباً تمهيدياً لمنافسة جونسون القادمة على رئاسة حزبه.
كذلك بالنسبة للأقليات المسلمة في أوروبا وأميركا الشمالية، يأتي هذا الفوز في ظل صعود اليمين المتطرف الذي نجح في دفع عدد من المسؤولين المسلمين في أكثر من دولة أوروبية إلى الاستقالة، ويعتبر الانتصار الثاني بعد هزيمة هاربر رئيس الوزراء الكندي السابق الذي جعل من العداء للمسلمين واجهة لحملته الانتخابية، فوز خان وإن كان غير ذي قيمة من ناحية مواقفه السياسية بالنسبة للمسلمين، إلا أنه يشكل انتصاراً في معركة من معارك الحرب الدائرة ضد المسلمين في الغرب، وفي الحقيقة فإن الرمزية أوسع من كونه مسلماً، فهو ابن سائق شاحنة مهاجر، وهذا هو بيت القصيد، فوْز ابن سائق الشاحنة على طريقة عائلة جولدسمث الثرية، وفشل حملة الخوف ضده. وكما قال خان بعد فوزه: «الخوف لا يجعلنا أكثر أماناً، إنه يجعلنا أضعف فقط».