بعد مرور عام ونصف العام منذ انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، وهدم الاحتلال عدداً كبيراً من الأنفاق الهجومية التي استخدمتها حركات المقاومة لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية، كشفت تقديرات استخباراتية إسرائيلية أن هذه الأنفاق عادت على الرغم من شدة الحصار والتضييق على دخول مواد البناء.
في هذا السياق قال المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" العبرية إن أجهزة أمن الاحتلال تؤكد أن حركة حماس عادت لتحفر الأنفاق، وترمم تلك التي هدمها الجيش خلال الحرب والتي كان عددها 32 نفقاً، ثلثها كان موجهاً نحو مناطق النفوذ الإسرائيلي. وأضاف هارئيل أن عدد الأنفاق التي حفرتها الكتائب في غزة نحو أهداف إسرائيلية مؤخراً وصل إلى عددها الأصلي قبل الحرب، وما يزيد خطورة هذه الأنفاق هو تجاهل ميزانية الاحتلال لعام 2016 تخصيص المبلغ المطلوب لتفعيل المنظومات التكنولوجية للكشف عنها.
وهنا يطرح هارئيل تساؤلاً إن كانت حركة حماس تبحث عن مواجهة عسكرية مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن الإجابة المرجحة هي النفي. وذلك لكون غزة لم تستفق بعد من آثار الحرب الأخيرة، ولم تطبق خطة إعادة الإعمار إذ لا يزال هناك عشرات آلاف الغزيين الذين هدمت مساكنهم بلا مساكن بديلة.
بالمقابل يرى هارئيل أن هناك سيناريوهات أخرى ستؤدي لاندلاع مواجهة عسكرية؛ الأول هو أن تتمكن حماس من دفع خلاياها في الضفة الغربية إلى تنفيذ عملية نوعية ضد الاحتلال؛ الأمر الذي سيشعل مواجهة عسكرية لا يريدها أي من الأطراف.
أما السيناريو الثاني فهو أن يعمل الاحتلال على الكشف عن مواقع هذه الأنفاق وأن يبادر إلى هدمها؛ الأمر الذي قد يستفز قادة الكتائب ويدفعهم إلى المبادرة بتنفيذ هجوم أحادي الجانب قبل أن يحاول الاحتلال هدم الأنفاق.
إلى جانب ذلك يرى هارئيل أن هناك عوامل استراتيجية مشابهة لتلك التي سبقت الحرب الأخيرة؛ فهناك ضغط كبير على غزة من الجانب المصري، فقد قامت القوات المصرية بإغراق قسم كبير من الأنفاق في رفح ممّا أضر بشكل كبير بالوضع الاقتصادي لغزة، فقد كانت مدخولات حماس تعتمد بشكل كبير على جباية الضرائب من البضائع التي تدخل عبر الأنفاق.
ويذكر أنه في الأسابيع الأخيرة كشف جهاز الاستخبارات العام (الشاباك) عن 3 خلايا تابعة لحركة حماس على الأقل، في الضفة الغربية والقدس المحتلة، إذ قام باعتقال عدد من الفلسطينيين وتقديم لوائح اتهام ضدهم تشمل تهم التخطيط لعمليات خطف وتفجير وإطلاق نار.
وفي هذا السياق يرى هارئيل أنه بناء على هذه المعطيات وعلى التصريحات المتكررة لشخصيات بارزة بحركة حماس، فمن الواضح -بحسب رأيه- أن حماس معنية بتحويل انتفاضة القدس التي بدأت منذ شهور إلى انتفاضة مسلحة.
لكن يؤكد هارئيل تقارير سابقة حول تحسن علاقة جهاز أمن الاحتلال مع السلطة الفلسطينية فيما يتعلق بالتنسيق الأمني، إذ يقول إن الشاباك بالتعاون مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة تمكن في الفترة الماضية من إحباط غالبية مخططات حركة حماس، لكنه يرى أنه في حال تمكنت حماس في الضفة من تنفيذ عملية نوعية ضد أهداف إسرائيلية فسوف ينعكس ذلك على الأوضاع عند الحدود مع قطاع غزة، في إشارة إلى احتمال حصول تصعيد.
وتعتبر الأنفاق إلى جانب قوة الضفادع البشرية لكتائب القسام أخطر تهديدين أمنيين وفق الاعتبارات الإسرائيلية والتي وجهت لها المقاومة عبرها في العدوان الأخير دروسا كانت باهظة الثمن أمنيا وعسكريا على جيش الاحتلال وجبهته الداخلية.
ورغم ما تحاول أن تقوم به مصر من تشديد الحصار على غزة ومساعدة إسرائيل في محاصرة المقاومة بصورة دفعت صحيفة معاريف العبرية تشيد بحجم العبء الذي خففه نظام السيسي عن كاهل الاحتلال في محاربة أنفاق غزة مع مصر رغم أن الغالبية العظمى منها كان لتهريب الغذاء والدواء- رغم كل ذلك فلا تزال المقاومة تعمل تحت الأرض وفوقها ليل نهار مؤكدة أنها ستفاجئ العالم وفق أحدت تصريحات لإسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مؤخرا في الذكرى العشرين لاغتيال القائد في الكتائب يحيى عياش.