كشفت صور جوية حصل عليها موقع ستراتفور الإستخباراتي عن تواجد قوات وسفن بحرية إماراتية في ميناء "عصب" الإريتري، وهو ما قد يشير إلى مساهمة ودعم تقدمه القوات الإريترية لقوات التحالف العربي تحت قيادة السعودية في اليمن. وكانت الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية في 16 من سبتمبر الماضي قد أظهرت وجود 3 سفن إنزال حربية رست في الميناء ومن الواضح أنها سفن لا يملك الجيش الأريتيري مثيلات لها.
ووفق التحليل التفصيلي للصور الجوية فإن جميع النتائج تشير إلى أن هذه السفن تتبع دولة الإمارات العربية المتحدة، في الوقت الذي شهد مطالبات لإرتيريا بدعم جهود التحالف العربي في اليمن في حربه ضد الحوثي وميلشيا صالح، ومن الواضح أن حرية الاستخدام هذه التي حظيت بها السفن الإماراتية في الخليج الاريتيري جاءت بعد موافقة من إريتيريا على المشاركة في التحالف عن طريق تسهيل استخدام موانئها بل قد يتجاوز الأمر ذلك لتقدم ارتيريا على إرسال قوات عسكرية إلى اليمن لدعم التحالف في معاركه هناك وفق بعض الإشاعات.
ومن الواضح أن ارتيريا تملك دوراً محدداً ضمن التحالف لكنه لا يزال مبهماً للمتابعين، وبأي حال فإن هذه الصور لا يمكن أن تكون كافية لكشف تفاصيل هذا الدور وطبيعته. وعلى أقل تقدير فإن تواجد السفن الإماراتية هناك قد يشير إلى أن أرتيريا تقدم مساعدة عسكرية أو لوجستية مباشرة ضمن التحالف.
ومن خلال تفحص الصور بشكل أدق، يبدو أن إحدى تلك السفن الراسية في الميناء الأرتيري قد تكون السفينة المسماة بالقويسات أو الفطيسي، حيث تملك الإمارات سفينتين فقط من هذا النوع وتم تسليمهما لها في عام 2012.
وكانت إحدى هذه السفن كانت قد ساهمت في إنزال معدات وقوات عسكرية سودانية في ميناء عدن في ال 17 من شهر أكتوبر. ولذلك فمن الواضح أن تواجد السفن هناك كان بهدف نقل جنود ومعدات لليمن في سبيل التحضير لهجوم محتمل على صنعاء تعده قوات التحالف، ومع ذلك فإن مساهمة إرتيريا الحقيقية في التحالف لا يزال غامضاً حتى اللحظة.
وبنظرة تحليلة فإن ميناء "عصب" الإريتيري يشكل نقطة لوجستية محلية مهمة، لموقعه القريب نسبياً من منقطة الصراع الرئيسية هذا بالإضافة إلى اعتبار المسافة البحرية التي يجب على السفن أن تقطعها كل مرة إذا ما انطلقت من مصر أو السعودية أو السودان أو حتى الإمارات في طريقها إلى عدن، وهو ما يكسب الميناء الأريتيري ميزة لوجستية كبيرة من حيث الموقع وقرب المسافة. حيث يسمح تواجد السفن الكبيرة هناك بحركة أسهل للسفن الصغيرة المخصصة للإنزال بين عدن والموانئ الأقرب لها دون الحاجة إلى المرور كل مرة عبر الخليج العربي أوعبر عمق البحر الأحمر وهو ما يشكل عامل أمان كبير لعمليات نقل القوات والمعدات للمنطقة.
ومن المحتمل أن تكون القوات السودانية قد مرت عبر ميناء عصب الأرتيري في طريقها باتجاه عدن، على الرغم من أن الصور الجوية هذه لا توحي بأي شيء من هذا القبيل.
وفي سياق متصل، كشف تقرير للأمم المتحدة عن نشر 400 جندي ارتيري مؤخراً في عدن بهدف دعم قوات التحالف العربي هناك. واذا كان هذا الإدعاء صحيحاً فمن الممكن استنتاج الغرض الرئيسي من تواجد السفن الإماراتية في الميناء الأرتيري في ذلك الوقت، وهو على الأغلب لنقل معدات وجنود أرتيريين صوب عدن.
وبشكل عام، فإن هذه الصور لا توحي بالدور الحقيقي الذي تقوم به أرتيريا في اليمن أو مساهمتها ضمن قوات التحالف، لكنه يوحي بشكل أو بآخر إلى طبيعة الأحلاف السياسية الآخذة في التشكل بالمنطقة ولعل إعادة الاعتبار السياسي لارتيريا وربطها مجدداً بالسعودية وأحلافها في المنطقة هو الأكثر إثارة في مسألة تواجد السفن في الميناء الأرتيري.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أرتيريا كانت قد شكلت في وقت سابق حليفاً أساسياً للحوثي في اليمن، حيث عملت سابقاً كنقطة لعبور الإمدادات الإيرانية صوب قواعد الحوثيين في اليمن.وكان ممثلوا الحوثي قد اجتمعو في يناير الماضي بشكل معلن مع بعض الفاعلين السياسيين في أرتيريا في إشارة إلى طبيعة العلاقات بين الطرفين في ذلك الوقت.
ويبدو أن السعودية قد كللت جهودها بالنجاح وتمكنت من انتشال أرتيريا من التحالف الإيراني الحوثي وضمها للتحالف العربي المعادي للحوثيين وداعميهم الإيرانيين في اليمن. وكان تقرير للأمم المتحدة قد ذكر أن أرتيريا حصلت على دعم مالي ومساعدات نفطية من السعودية خلال الأشهر الماضية، والتي يمكن أن تصنف على أنها وسيلة لضمان تعاون أرتيريا مع السعودية وحلفها. هذا بالإضافة إلى توارد العديد من الشائعات عن قيام الإمارات باستئجار ميناء عصب لمدة 30 عام ولعل هذا مايفسر وجود السفن الإماراتية هناك بهذا الشكل.
وكانت العديد من التقارير قد تحدثت عن أن زيارات رسمية متبادلة بين الإمارات وأرتيريا تمت خلال الفترة الأخيرة بهدف تقوية العلاقات السياسية والاقتصادية حيث تسعى الإمارات لتأمين وصول جيد لها لسواحل البحر الأحمر عن طريق استئجار ميناء عصب الأرتيري. وحسب وصف ستراتفور فإن الإمارات بدأت تفقد ثقتها في حليفها المصري ونظامه "السيسي" خاصة بعد رفض الأخير المشاركة في العمليات العسكرية في اليمن إلا بمقابل مالي كبير.
وكانت بعض صحف المعارضة في أرتيريا قد كشفت عن زيارة غير معلنة قام بها وزير الخارجية الشيخ عبدالله بن زايد لارتيريا خلال جولته الإفريقية الأخيرة، حيث اتهمته صراحة بدعم النظام الدكتاتوري الحاكم في البلد الإفريقي، داعية الهيئات الدولية لوقف صفقة استئجار الميناء بحجة أنها ستخدم في إطالة أمد النظام الدكتاتوري الحاكم هناك وامداده بالأموال وانعاشه مما يحول دون مغادرته لمقاعد الحكم في ارتيريا.
من جهة أخرى، وصف موقع ستراتفور الدور الإماراتي في التحالف الذي تقوده السعودية بالوسيط أو السمسار الذي يعمل لصالح السعودية، حيث كشف الموقع عن رفض وزارة الخارجية السعودية الاشتراك في أي مفاوضات مع الجانب الارتيري منذ البداية، وأنها أوكلت الموضوع كاملاً لزملائهم الإماراتيين والذين أدوا المهمة على أكمل وجه ولم تتدخل السعودية إلا لمراجعة الاتفاقيات وتطبيق بنودها.