أحدث الأخبار
  • 07:34 . "سي إن إن": "إسرائيل" تستعد لضرب منشآت نووية إيرانية... المزيد
  • 07:31 . ترقية قائد الجيش الباكستاني إلى مارشال بعد اشتباكات الهند.. فمن هو عاصم منير؟... المزيد
  • 09:43 . السودان يتهم أبوظبي بالوقوف وراء هجوم بورتسودان... المزيد
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد

انتخابات بلا طوابير

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 20-10-2015


في العلوم السياسية، هناك مبحث جميل مخصص لسلوك الناخب، ويركز هذا المبحث على دوافع المشاركة السياسية، يدرس لماذا يخرج الناخب من بيته ليصوت، كيف يصوت، ولمن يصوت، كما يقارن الباحثون فيه بين نسب المشاركة في الدول المختلفة وتأثير الثقافة المحلية وشكل النظام السياسي على المشاركة. يختلف المختصون بطبيعة الحال في النتائج التي يصلون إليها، ولكنهم يتفقون على مجموعة من الدوافع التي تساهم في التشجيع على المشاركة السياسية، ومثبطات تساهم في خفض نسب المشاركة السياسية.
يقسم المختصون دوافع المشاركة السياسية إلى قسمين: دوافع مؤسسية وأخرى ثقافية، ويقصد بالمؤسسية تلك التي ترتبط بالنظام السياسي والقوانين المنظمة للانتخابات، مثل سهولة وصعوبة تسجيل الناخب لنفسه، هل التصويت إلزامي أم اختيار، هل يصوت الناخب لأشخاص أم لقائمة حزبية، وحجم وتوزيع الدوائر الانتخابية. هذه العوامل وإن كانت مؤثرة إلا أنها لا تمكن من قياس فاعلية البيئة السياسية لأنها ترتبط بأسباب إجرائية ولا تعبر بشكل مباشر عن قناعات الناخبين. الدوافع الثقافية أكثر ارتباطاً بقناعات الناخب حول النظام السياسي والطبقة السياسية في بلاده. بينجهام باول الباحث السياسي الأميركي يجمل هذه الأسباب في: الثقة في النظام السياسي، حدة الاستقطاب السياسي، درجة اهتمام المواطن العادي بالسياسة والإيمان بوجود أثر حقيقي للتصويت. حسب باول وآخرين، هذه الدوافع يمكن من خلالها تفسير الإقبال المتزايد أو المتناقص على التصويت في الانتخابات.
في العالم العربي قليلة هي الدول التي تجرى فيها انتخابات عامة بشكل دوري منتظم، نظراً لأن معظم الدول العربية إما ليس فيها هيئة تشريعية منتخبة، أو أن هذه الهيئة غير ذات صلاحية إذا ما قورنت بالسلطة التنفيذية. هناك حالياً ثماني دول عربية ينتخب فيها كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكل مباشر وهي: العراق وتونس ولبنان والمغرب والجزائر ومصر والسودان وجيبوتي وموريتانيا. بطبيعة الحال الانتخابات في معظم هذه الدول توصف بأنها غير نزيهة لأسباب مختلفة باستثناء تونس، والتي خاضت استحقاقها الانتخابي الأول بعد الثورة، وبالتالي من الصعب الحكم على استقرار ديمقراطيتها. والمغرب الذي وإن كان رئيس حكومته يمثل الأغلبية البرلمانية، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، وما زال القصر يتمتع بصلاحيات عالية في مواجهة الحكومة البرلمانية. أما موريتانيا فقد قاطعت أحزاب المعارضة فيها الانتخابات الرئاسية الأخيرة اعتراضاً على سياسات الرئيس العسكري الذي وصل للسلطة عبر انقلاب، ثم شرعن وجوده عبر الانتخابات. لبنان يعيش حالة من الفوضى السياسية إثر فشل نظام المحاصصة الطائفية، وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الطائفي في العراق. الجزائر أفضل حالاً، ولكن كرسي الرئاسة فيها يشغله بوتفليقة للمرة الرابعة، وقد وجهت انتقادات كثيرة للأسلوب الذي أديرت به الانتخابات التي فاز فيها الرئيس بنسبة تفوق %80. السودان وجيبوتي فيهما سيناريو مشابه برؤساء يتحولون تدريجياً إلى ثوابت في الحالة السياسية وانتخابات مشكوك في نزاهتها. الحالة المصرية التي تشكلت بعد الثورة أفرزت في البداية نظاماً سياسياً أعرج، ولكن توفر من خلاله برلمان منتخب ورئيس منتخب، ثم جاء الانقلاب العسكري ليعيد إنتاج الجمهورية السابقة من خلال إقامته لانتخابات يستبعد من الترشيح فيها كل من يعارض النظام، وينتشر فيها التزوير، ولم تكن انتخابات الأمس البرلمانية التي أفرزت واحدة من أدنى نسب المشاركة السياسية في التاريخ الحديث إلا دليلاً على أن الجمهورية العسكرية عادت من جديد.
على اختلاف في تحديد نسب المشاركة بين الهيئات المختلفة، إلا أن النسبة النهائية التي توقعتها وكالة رويترز في الانتخابات البرلمانية المصرية هي ما دون %10، وإذا ما قارننا ذلك بنسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها السيسي، فإن النسبة تمثل أقل من ربع نسبة المشاركة في تلك الانتخابات، وإذا ما استدعينا الدوافع التي ذكرها باول للمشاركة السياسية فليس من الصعب تفسير هذه النسبة المتدنية، إلا أن هذه النسبة استثنائية حتى على مستوى العالم العربي، فلم يسبق أن جاءت انتخابات برلمانية عربية بهذه النسبة، هذا طبعاً مع التأكيد على أن بعض الانتخابات البرلمانية العربية اعتراها التزوير وبالتالي يصعب ضمان أن ذلك لم يحدث، ولكن على المستوى الرسمي على الأقل هذه الانتخابات هي الأقل من ناحية المشاركة حتى إذا ما قارناها بالانتخابات البلدية أو المحلية والتي تكون عادة أقل إقبالاً من الانتخابات العامة على مستوى العالم. من ناحية من الممكن اعتبار هذه النسبة مؤشراً صحياً لناخب واع يرفض المشاركة في انتخابات صورية في ظل نظام عسكري، ولكن من ناحية أخرى فإن النسبة من المفترض أن تكون أعلى إذا احتسبنا نسبة المؤيدين للنظام العسكري، فحسب الاستبيان الذي نشرته مؤسسة بيو للأبحاث ذات المصداقية العالية في مجال قياس الرأي العام، فإن أكثر من نصف المصريين في 2014 أظهروا تأييداً للرئيس الحالي، ولو سلمنا لنتيجة هذا الاستطلاع فإنه من المفترض ألا تقل نسبة المشاركة عن مثيلتها في الانتخابات الرئاسية، ولو افترضنا انخفاض نسبة التأييد للنظام فمن الصعب انخفاضها للمستوى الذي يجعل المشاركة متدنية بهذه الصورة. الحالة المصرية شاهد على أن الثورة المضادة وإن نجحت في استعادة السلطة إلا أنها فشلت حتى في إقناع مؤيديها بفاعلية النظام السياسي. هذه النسب تؤكد أن الكثير من المصريين الذين يدعمون النظام العسكري لا تتوفر لديهم قناعة أن هذا النظام يستحق أن تخرج من بيتك وتدلي بصوتك في استحقاق انتخابي.