أرسل حقوقيون سعوديون "عريضة معتقلي الرأي" للديوان الملكي، لمطالبة الملك سلمان بن عبد العزيز، بلم الشمل وزرع الثقة وإطلاق سراح سجناء الرأي المعتقلين على ذمة قضايا متعلقة بإبداء الآراء السياسية أو الدينية أو الفكرية، التي لا تتفق مع أراء الحكومة السعودية.
وأشارت العريضة إلى أن بلاد الحرمين تمرّ بتحدّيات محلّية وإقليمية ودولية خطيرة تستلزم مزيدًا من التلاحم والثقة بين الشعب وقيادته، قائلة: "بالنظر إلى الحوادث الناتجة عن العنف والاستقطابات السياسية للمواطنين نتيجة للنزاعات المسلّحة في المنطقة وللاختلافات الفكرية، فلا أفضل من تدعيم ثقة الشعب في قيادته".
وأوضحت أن ذلك يكون بإتاحة المجال للمواطنين ليقوموا بدورهم الحقيقي، فيشاركوا في صناعة السياسات ومراقبة مؤسسات الدولة ويتبادلوا الرأي والمشورة حول الشأن العام، ويقيموا الأنشطة المدنية لدعم دور المؤسسات الرسمية في كافة المجالات، ويدعم ذلك قانون عادل مكتوب يحمي حقوقهم من بطش أي مسؤول أو تجاهله لدورهم وإسهاماتهم، بما يحقّق مقاصد النظام الأساسي للحكم والتزامات المملكة دوليًا وإقليميًا فيما يخص حقوق المواطنين وحرّياتهم".
وخاطب مرسلو العريضة الملك سلمان قائلين: "خادم الحرمين الشريفين صرّحتم في خطابكم للشعب غرّة توليكم الحكم، عن توجيهاتكم لوزير الداخلية وأمراء المناطق بالاستماع لأفكار ومقترحات المواطنين لخدمة مصالحهم وخدمة الوطن، وأكّدتم على دور الإعلام في إتاحة الفرصة للمواطنين للتعبير عن آرائهم، وعلى تعزيز التزام المملكة بالمبادئ المذكورة في اتفاقياتها الإقليمية والدولية لتحقيق السلام والتنمية الإنسانية، ونحن نثّمن رؤيتكم في هذا الخطاب الحكيم لدور المواطن في بناء وطنه".
ودعا الحقوقيون السعوديون، الملك سلمان لإعادة النّظر في المنهج الأمني في توقيف و محاكمة المواطنين، قائلين بالعريضة: "وقد ساءنا كمواطنين اعتقال نخب من مثقفي الوطن على خلفية اتهامهم بشق الصّف والخروج على ولي الأمر وما إلى ذلك من اتهامات لا أساس لها من الصحّة"، مشيرين إلى توعّد خبر منشور بتاريخ 19 ذو الحجة 1436هـ في صحيفة مكة، المواطنين بالعقوبات وحتى القتل تعزيرًا على مجرد إبدائهم آراء سلمية.
وواصلوا مخاطبة الملك سلمان، قائلين: "خادم الحرمين الشريفين: تدخل المملكة العربية السعودية عهدًا ملكيًّا جديدًا تتطلّع فيه الأجيال الحالية والمقبلة إلى حرياتها وحقوقها، للمشاركة الكاملة في بناء وطنها بأمن وسلام، ولا شيء يعزّز من قيادتكم في حماية هذه الحقوق والحريات كإطلاق سراح كافة المواطنين من معتقلي الرأي والمطالبين بالإصلاح، وأن تتوقف سياسات التوقيف والترهيب الأمني والفكري للمواطنين".
وأضافت العريضة التي نشرت تفاصيلها عدة مواقع سعودية معارضة من بينها موقع "شؤون خليجية" الإخباري: "كما لا يخفى على قيادتكم ما يقوم به المواطنون في كل حدث يمرّ به الوطن من تنظيم صفوفهم ودعم جهود الأجهزة الرسمية وغير ذلك، مما يوضّح الدور الأساسي للمواطنين في تفعيل الرقابة على أجهزة الدولة، وتحفيز الحوار الفكري الضروري للنهوض الثقافي والاجتماعي، وهو دور حيوي للدفاع عن الوطن ومستقبله ومكتسباته في كل مجال، ولا يجب تجريمه بأي حال".
وتابعت: "خادم الحرمين الشريفين: إن استهداف الشخصيات الوطنية ومعاقبتها على اهتمامها بالشأن العام هو إقصاء لدورهم في وطنهم، وتقويض للعلاقة بين الشعب وقيادته، وهذا الخطاب هو دعوة من مواطنين للمّ الشّمل وزرع الثقة ودعم جهود التنمية والإصلاح الحقيقي، ولتحقيق رؤية وطنية جامعة في وطن آمن و حر وقوي".
وفي دول الخليج فإن توجيه عريضة للحكومات والحكام هو ممارسة سياسية نادرة كون هذه الحكومات لا تتسامح عادة مع مثل هذه الرسائل الحقوقية البحت. ففي الإمارات قدم عشرات الناشطين عريضة مارس 2011 والتي اقتصرت على المطالبة بتطوير تجربة المجلس الوطني الاتحادي فقابلها جهاز الأمن بقمع واعتقال الموقعين على العريضة واتهامهم بـ"تشكيل تنظيم سري لقلب نظام الحكم" وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكاما بالسجن على عشرات الناشطين فترات بين (5-7-10-15) عاما في القضية المعروفة إعلاميا ال"94".