"اللهم انصر بوتين على داعش والنصرة وأحرار الشام نصرًا مبينًا وعزًا مكينًا.. اللهم انصر إخواننا الروس على أعداء الإنسانية يا رب العالمين.. شيخ الإسلام ابن تيمية مات ولم يتزوج.. تذكرت حديث الرسول الزواج سنتي فمن رغب عنها فليس مني!… لو تم إنتاج سجائر مكتوب عليها الجنة لن أترك الجيتان "دخان فرنسي"… ما يحدث في القدس بمفهوم الجميع هو زعرنة… إذا كانت قدوة الإرهابيين محمد الرسول، فنحن قدوتنا محمد بن زايد حفظه الله ورعاه!".

هذه التغريدات على شبكات التواصل الاجتماعي لم تصدر من بوتين أو امرئ كافر يناهض رسالة الإسلام وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، أو حتى من بشار يتقرب بها إلى سيده بوتين للإجهاز على الثورة في سوريا، وإنما تلك التغريدات صدرت من شخص يدعى حمد المزروعي المحسوب على جهاز أمن الإمارات والمقرب من النظام، وبتحديد أكثر الشيخ محمد بن زايد حاكم الإمارات الفعلي.

ومن دون حياء أو وجَل يتهجم على رموز الأمة، ويقارن مقام الرسول العظيم بمقام محمد بن زايد رجل السلطة المسرف في الاستبداد وتجاوز الأعراف والقوانين، كما يناصب الأمة العداء عبر الاستهتار بالصحابي الجليل أبوهريرة، بوضع صورة هرة سوداء على علبة سجائر نعتها بأنها اسلامية فاخرة وسماها سجائر أبوهريرة رضي الله عنه، ثم يتطاول على المرابطين في القدس ويسمي مقاومتهم البطولية بالزعرنة، ويشبه الجهاد الأفغاني لتحرير الوطن بالغزو الروسي لاحتلال سوريا!

من فضول القول أن نبين أن هؤلاء المتطاولين على عقيدة أمتهم وتاريخها لا يمثلون شعب الإمارات البتة، وإنما هم في الحقيقة أبواق نظام الإمارات يطلق عنانهم للتعبير عن توجهات وسياسات مسؤولي النظام، وللتنفيس عما يتكتمون عليه من حقد وكره للدين وأهله.

ومن المفيد القول أن الإمارات أضحت دولة عسكرية أمنية محاطة بهالة من الترهيب والترعيب، ذلك الذي يشير إلى أن هذا المدعو وغيره عبيد السلطة لا يستطيعون حيلة، ولا يملكون أن يغردوا بصورهم الحقيقية دون علم وإشراف سلطات الإمارات، بل إن الجهاز الأمني الذي ينتمي إليه هذا المدعو هو الذي يتبنى تلك الأفكار ويروّج لها.

الحقيقة المرة هنا أن سلطات الإمارات بقيادة محمد بن زايد ليس غريبًا عليها أن تحتضن تلك "الدواب"، ذلك لأنها منذ سنوات عديدة وهي تنال من مفاهيم الأمة وعقيدتها وتسعى لتشويه تاريخ الوطن، فهي التي شاركت في قتل أبناء رابعة خلال شهر رمضان المبارك وبعد عيد الفطر المبارك مباشرة، وهي ذاتها التي عقدت صفقات مع الصرب قتلة المسلمين في البوسنة والهرسك، وهي التي تبني الكنائس من أموال الشعب، وهي التي ترسل الوفود للمشاركة في معابد البوذيين، وهي التي استضافت المغنية "مادونار" فنشرت الرذيلة وسبت الأديان وتعرضت للناس على الهواء مباشرة، وهو النظام الذي يغلق المساجد ويغض الطرف عن بيوت الدعارة، وذات السلطات التي تحاصر الخطباء وتضبط خطبهم بورقة يعتمدها جهاز الأمن، وهي التي تطارد الأئمة والعلماء الصادقين الوسطيين وتقطع أرزاقهم، وهي التي تمنع عمل النساء المنقبات، وهي التي ضحت بدماء عشرات من المواطنين في سبيل عدم دعم المقاومة الشعبية اليمنية بالسلاح النوعي، وهي التي حاصرت مشروع الشيخ زايد لتحفيظ القرآن فهجره الأطفال والشباب، وهي التي تقيم علاقات سرية وعلنية مع العدو الصهيوني، وهي ذاتها التي تدعم العدو الصهيوني وبوتين والسفاحين السيسي وبشار، للنيل من مجاهدي غزة وثورتي مصر وسوريا.

للأسف سلطة الإمارات ومحمد بن زايد بشكل خاص نهلوا من الخطايا والإجرام، ولو سادت العدالة في عالم اليوم لقدم محمد بن زايد وزمرته إلى المحكمة الجنائية الدولية، ذلك لأنه مارس جميع أشكال التعدي والإجرام على حقوق الإنسان الإماراتي والعربي.

وتقتفي سلطات الإمارات هذا النهج، ذلك لأن غالبية شعب الامارات استمرأ الحياة الرغيدة فأصبح بمعزل طوعي أو إجباري عن انتهاكات سلطات الإمارات، على الرغم من أن النتيجة الوخيمة المؤكدة سيتحملها الشعب!

من المخزي أن تنجح الإمارات في ضرب ثورات الربيع العربي، ومن المعيب أيضًا أن تشتهر في منتديات الشعوب العربية بالاستبداد والعمالة وخيانة مشاريع الأمة العربية.. وأخيرًا أفعال تناقض عقيدة الإسلام.

من الغريب أن المدعو حمد المزروعي لم يعتذر لذلك، وأن حسابه مازال يتصدر دعم جهاز الأمن، وما فتئ يمارس إصدار تغريداته المستخفة بالشرع والأعراف، ولا يؤاخذ ولا يحاسب، في حين أن أحرار الوطن والمعارضين يقلب لهم ظهر المجنّ، فتنقلب المودة إلى الكره والسجون والمعتقلات بسبب تغريده واحدة لم تستسغها السلطة.

أسترجع كلام الله سبحانه وأنا أطالع تغريدات المدعو فتذكرت قوله تعالى: "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)" سورة الكهف، وذلك الذي يحدث في الإمارات رجال السلطة يمارسون أعمالًا يحسبونها إنجازًا، في حين أنهم يحفرون قبرهم بأيديهم! فمن ينقذ هؤلاء الأخسرين؟!