أحدث الأخبار
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد

تحرك سعودي قد يقلب المعادلات

الكـاتب : عبد الله ناصر العتيبي
تاريخ الخبر: 22-06-2015


تناولت الصحافة العالمية بكثير من الاهتمام زيارة سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا الأسبوع الماضي. وكتبت مواقع إخبارية غربية وشرقية تحليلات وتقارير معمقة عن أهداف هذه الزيارة ونتائجها. وكان الطابع الغالب على هذه التحليلات والتقارير هو أن هذا التوجه السعودي الجديد يضع المسمار الأول في نعش العلاقات السعودية - الأميركية.

الزيارة وما تخللها من اتفاقات تمثل بالفعل - مثلما أشار كثير من وسائل الإعلام العالمية - نقطة تحول مهمة في العلاقات السعودية - الأميركية، غير أن هناك أيضاً في مقابل هذا المسمار آلاف المسامير الأخرى اللازمة لصناعة النعش، والتي يمكن أن تُستبعد وتُبعد من شهوة «الخشب والحديد» في حال راجع الأميركيون سلوكهم في منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة.

يعرف السعوديون أن العلاقات مع أميركا قوية وراسخة رغم الهزات التي تضربها بين آن وآخر، ويدركون أن الحليف الأميركي طرف يعتمد عليه في إدارة وضبط الملفات الإستراتيجية الكبيرة التي تمثل أهمية كبرى للبلدين، لكنهم أخيراً صاروا يتشككون في قدرة واشنطن على تعريف وتحديد ماهية هذه الملفات ومدى أهميتها. فالقضايا التي تعتبرها الرياض على رأس أولوياتها في المنطقة، أضحت مشاكل صغيرة جداً بالنسبة إلى واشنطن، ولا تتعدى كونها بنوداً روتينية يومية في سجل الديبلوماسية الأميركية، والهدف الرئيس منها إشغال ساعات موظفي وزارة الخارجية المعنيين لإبقائهم في «وضعية العمل» اللازمة للحصول على الرواتب في آخر الشهر!

كما أن واجبات التحالف التاريخي بين البلدين بدت في الأدبيات الأميركية المتأخرة مسألة غير واضحة المعالم، إذ اتضح جلياً للسعوديين أن أميركا غير مستعدة في المستقبل القريب للقيام برد فعل سريع وحازم وقاطع في مواجهة الأخطار التي تتهدد السعودية والمنطقة.

من هذا المنطلق، راحت السعودية تفتش عن خياراتها البديلة مع التأكيد دائماً أن علاقتها مع الولايات المتحدة ليست قابلة للانكسار تحت أي من الضغوط المتغيرة، وإنما هي تضعف وتقوى نتيجة للمتغيرات في داخل هذه العلاقة وفي خارجها.

اختارت السعودية روسيا لبناء حلف موقت. ذهبت إلى موسكو وهي تضع في حسبانها عاملين أساسيين لاستمرار هذا الحلف وتطوره في السنوات العشر المقبلة: قدرة الأميركي بعد كانون الثاني (يناير) 2017، موعد تسليم السلطة إلى الرئيس الأميركي الجديد، على ترميم العلاقة التاريخية بين واشنطن والرياض وحمايتها بضمانات مكتوبة، والعامل الثاني هو مدى جدية روسيا في الاهتمام بهذا الحلف وتطويره وتحمل تبعاته في المنطقة.

اختارت الرياض أن تبدأ تفعيل هذا الحلف الجديد بستة اتفاقات تجارية وعسكرية واقتصادية، لكن جوهر هذه الاتفاقات يتمثل في تقديري في ثلاث مسائل رئيسة.

أولاً: الاتفاق النفطي بين البلدين سيغير معادلة سوق النفط في العالم في شكل جذري، فالسعودية التي طالما كانت ضامناً للمصالح الغربية في أسواق النفط العالمية، اختارت أن تتنازل عن هذا الدور أخيراً لتشكيل رؤية مشتركة مع أكبر المنتجين العالميين للنفط من خارج «أوبك»، وهذا ما سيجعل الدولتين النفطيتين العملاقتين قادرتين في المستقبل المنظور الذي قد يمتد على الأقل إلى ما قبل 20 كانون الثاني (يناير) 2017، على تشكيل مزاج السوق العالمية وتطويعه لمصلحة موازنتي الرياض وموسكو بصرف النظر عما يمكن أن تعانيه موازنات الدول الكبيرة المستوردة للنفط. قبل سنة كان كثير من التقارير الصحافية يتحدث عن اتفاق سعودي - أميركي للضغط على روسيا من خلال العمل على خفض سعر برميل النفط عالمياً، واليوم صرنا نتحدث عن إمكان استخدام النفط السعودي والروسي لإعادة تشكيل خريطة القوى في الإقليم والعالم.

المسألة الثانية تتمثل في اختيار السعودية روسيا لتكون الشريك الرئيس في بناء 16 مفاعلاً نووياً. وفي هذا الأمر تحديداً تعمدت السعودية أن ترسل رسالة شديدة الوضوح إلى أميركا مفادها أنها باختيارها للتكنولوجيا الروسية في إنشاء هذه المفاعلات تعبر عن عدم رضاها عن طريقة إدارة المناقشات الطويلة بين أميركا وإيران حول برنامج الأخيرة النووي والنتائج الأولية التي أثمرتها هذه الجولات الطويلة والماراثونية من المحادثات النووية.

صحيح أن السعودية كانت تسعى إلى امتلاك الطاقة الذرية النظيفة منذ زمن ليس بالقصير، وأنشأت من أجل ذاك مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، إلا أنها باختيارها «العراب» نفسه الذي زود الإيرانيين بالتكنولوجيا النووية، باتت تعرف أن من يعول على روسيا في هذه المسألة هو الذي يكسب في النهاية.

المسألة الثالثة تتعلق بالتحالفات المتغيرة في المنطقة، فالسعودية التي طالما واجهت مصاعب جمة في إدارة مصالحها في الشرق الأوسط بسبب استقواء بعض الدول الإقليمية بالعملاق الروسي، قادرة اليوم على القفز على هذه المشكلة من خلال إعادة تصنيف قيمة التحالفات وأهميتها لدى الجانب الروسي. ستتمكن السعودية في المستقبل القريب من فرض رؤيتها في المنطقة تجاه القضايا الطارئة بأيسر السبل وأقصرها بسبب اتفاق محتمل مع روسيا واتفاق خامل مع أميركا.

روسيا ستظل شريكاً أساسياً مهماً في قضايا العالم كافة، والاتجاه السعودي الأخير لها يبيّن أهميتها الدولية التي اكتسبتها في السنوات الماضية، ويأتي احتراماً لعودتها إلى العالم الثنائي القطب من جديد الذي غادرته منذ زمن بسبب بيروسترويكا ميخائيل غورباتشوف، وما أعقبها من صدمة وجودية تسببت في انكفاء بوريس يلتسين إلى الداخل والتخلي موقتاً عن إدارة العالم الثنائية إلى جانب أميركا.

السعوديون لن يفرطوا بعلاقتهم التاريخية مع أميركا، لكنهم أدركوا أخيراً أن ليس في إمكان إدارة أوباما أكثر مما كان، لذلك اتجهوا شرقاً وأبقوا إحدى عيونهم باتجاه الغرب في إشارة متجددة للإدارة الجديدة التي ستعقب إدارة أوباما.