معهد "ستراتفور" الأمريكي للتحليل الاستخباري: إن السعودية تحاول تأمين المنطقة الشرقية بدون إثارة العنف الطائفي، فرسميًا تحدثت الحكومة عن أن الدولة وحدها هي المسؤولة عن توفير الأمن، لكن فعليًا، تمكنت الشرطة والشيعة المحليون من التغلب على خلافاتهم الماضية، من أجل التعاون بينهما لتأمين المنطقة الشرقية، التي تضم أغلب حقول النفط والبنية التحتية للطاقة في المملكة.
وذكر أن الحكومة السعودية حذرت الشيعة من السعي للحصول على العدالة بأيديهم، لأن ذلك من شأنه أن يزعزع استقرار المملكة ويمثل تحديًا لسلطة الحكومة السعودية، في وقت تعتبر فيه المملكة حساسة تجاه خطر تصاعد قوة الشيعة داخل حدودها، بالتزامن مع المكاسب التي تحققها إيران في المنطقة على مستوى النفوذ، وفي ظل استمرار سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على اليمن المتاخم لحدود المملكة.
وأضاف المعهد أنه وعلى الرغم من المخاوف السعودية، إلا أن شيعة المملكة يأخذون الأمور إلى حد ما بأيديهم داخل مناطقهم، عبر تشكيل لجان أمنية وتنفيذ اعتقالات بدون تدخل حكومة الرياض، مشيرًا إلى أنه وعلى الرغم من ادعاء السلطات السعودية بأنها لن تتسامح مع تنفيذ القصاص باليد بعيدًا عن سلطة الدولة، إلا أن الحقيقة هي أن الشيعة وسلطات الدولة يتعاونون بهدوء للقبض على المشتبه فيهم السنة، خلال الأيام التي تلت الهجوم على مسجد الإمام علي بالقطيف.
وتحدث عن أن السلطات السعودية عززت تواجدها الأمني والاستخباري في المنطقة الشرقية، بعد الهجمات ضد الشيعة، لكنها أقدمت على تحرك دبلوماسي عبر الاتصال برجال الدين الشيعة، لتوصيل الرسالة بشكل جيد للشيعة، والتعبير عن تفهم الحكومة لمخاوفهم، كما سمحت الحكومة لمجموعات شيعية بإجراء تحقيقات وتنفيذ اعتقالات في ضوء تلك التفجيرات.
وأكد المعهد على أن هذا التطور مهم، فبعض تلك المجموعات لها صلات بميليشيات مسلحة شيعية قائمة حاليًا، وكانت هدفًا للتحقيقات التي تجريها السلطات السعودية، مضيفًا أنه في الماضي كان القيام بحشد مثل هذا يدفع السلطات للقيام باعتقالات والدخول في اشتباكات مع الشيعة.
ووصف المعهد التحرك السعودي بأنه يتميز بالدهاء، حيث إن الحكومة الحالية تتعاون مع المجموعات الشيعية، في مشهد يدل على أن الحكومة وضعت مسألة احتواء تهديد المسلحين السنة أولوية فوق منع تشكيل قوات الدفاع الذاتي الشيعية.
وأضاف أن تلك المجموعات الشيعية تعمل حاليًا مع الحكومة السعودية، بدلًا من معارضتها، من أجل تتبع واعتقال المسلحين السنة في الداخل، وبدلًا من قيام تلك المجموعات بمحاكمة أو إعدام المشتبه فيهم بأنفسهم، تقوم تلك المجموعات بتسليمهم إلى قوات الأمن لمحاكمتهم عبر قنوات العدالة الرسمية، وعلى الرغم من ذلك فإن البيئة مازالت متوترة، والرياض تخشى من اندلاع عنف طائفي، لكن قوات الدفاع الذاتي الشيعية اختارت تجنب القمع عبر العمل مع المسؤولين.
وحذر المعهد من أنه، وعلى الرغم من أن الأقلية الشيعية والحكومة السعودية تغلبا على خلافاتهما وعملا معا، إلا أن التوتر الطائفي مازال مرتفعًا، لذلك تتحرك السلطات السعودية بحذر، فالعلاقات بين شيعة المملكة والدولة متوترة، ومازالت حالة عدم الثقة المتبادلة مستمرة بين الجانبين.
وأضاف أن تفجيرات مساجد الشيعة جاءت في وقت حرج، فالمملكة تحاول أن تبحث عن وسائل للتعامل مع الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، وتحارب "داعش" في سوريا والعراق، وتقاتل الحوثيين الشيعة في اليمن، لكن إذا أصبحت هجمات السنة على الشيعة أكثر اعتيادًا ودموية، أو أن الشيعة أصبحوا غير راضين عن ردود الحكومة السعودية، فإن المواطنين المحليين من المرجح بشكل كبير أن يقوموا بإجراءات أمنية بأيديهم، وبالتالي جر السعودية إلى العنف الطائفي.
وأكد المعهد على أن الحقيقة حتى الآن، هي أن الشيعة في المملكة وقوات الأمن يعملان معًا لمواجهة عدو مشترك متمثل في المسلحين السنة، على الرغم من أن هذا التعاون قد يكون قصير المدى.