دفعت أسباب عسكرية وسياسية، إلى إعلان التحالف العربي، بقيادة السعودية، إنهاء عملية "عاصفة الحزم" العسكرية في اليمن، وبدء عملية "إعادة الأمل".
وتحدث مراقبون للأناضول عن أهم هذه الأسباب متمثلة في نفاد الأهداف الاستراتيجية للضربات الجوية للتحالف، ورفع الضغط عن التحالف بضرورة التدخل براً، والبحث عن بدائل ربما تشمل إطلاق عمليات برية يقودها الجيش الموالي للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وأخيراً فتح الباب أمام حلول سياسية عبر إطلاق عملية "إعادة الأمل".
نفاد الأهداف الاستراتيجية للضربات الجوية للتحالف بالقضاء على الأهداف الثابتة، كان أهم هذه الأسباب، وقد تمثلت- وفق مراقبين- في تدمير مخازن السلاح والصواريخ الباليستية للحوثيين، التي كان ينظر إليها على أنها خطر يتهدد دول الجوار، بحيث بات استمرار الضربات بدون أهداف لا معنى له عسكرياً، وربما يجلب على التحالف الكثير من الانتقادات الدولية مع طول الوقت، ولذلك فإن مبادرة التحالف إلى وقف العاصفة أفضل من أن يجبر على ذلك تحت الضغط الدولي.
لكن هذا لا يعني انتهاء "عاصفة الحزم" تماماً، فثمة نوعان من العمليات، بحسب محللين؛ الأولى عمليات استراتيجية، وشملت تدمير الصواريخ الباليستية، التي مثلت تهديداً استراتيجياً لأمن السعودية، والأخرى تسمى بالعمليات التكتيكية، وتهدف إلى وقف أي تحركات للحوثيين على الأرض، والأخيرة تستمر بالتوازي مع عمليات إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية، لذلك لا يمكن القول إن "عاصفة الحزم" انتهت كلياً، فهي باقية في الجانب التكتيكي.
كما أن الإعلان عن انتهاء "عاصفة الحزم" يمثل إجراء تكتيكياً مهماً، يهدف أساساً إلى تخفيف الأعباء السياسية عن التحالف، فضلاً عن أن إطلاق عملية إعادة الأمل لم يُنهِ التدخل العسكري للتحالف، وأبقى سيطرته الجوية والبحرية على اليمن.
وأيضاً رفع الضغط عن عمليات التحالف لضرورة التدخل براً، وهو أمر كان مطلوباً مع نفاد الأهداف الاستراتيجية للضربات الجوية، فضلاً عن أن التحول من ضربات جوية لحماية المدنيين يوفر غطاء سياسياً وأخلاقياً للتحالف لدعم عمليات المقاومة الشعبية الداعمة للقيادة الشرعية.
ومن المتوقع أن تشهد العمليات العسكرية تحولاً بحيث تنتقل قوات التحالف من واجهة قيادة العمليات العسكرية لتحل محلها القوات اليمنية الموالية لهادي، بما يخفف الضغوط عن التحالف، وهو ما ظهر في كلمة هادي الأخيرة، بعد الإعلان عن انتهاء عاصفة الحزم، حين دعا إلى الاستمرار في مقاومة التمرد الحوثي المدعوم من صالح في حال لم يجنحا إلى الحلول السياسية.
ومن غير المستبعد أن تشهد الأيام القادمة الإعلان عن قيادة عسكرية يمنية للعمليات على الأرض لدحر المليشيات الحوثية والقوات الموالية لها، وستكون هي المخولة بالحديث عن سير تلك العمليات، وهو الدور الذي كان يضطلع به الناطق باسم قوات التحالف، فيما سيستمر دور التحالف في تقديم الدعم للقوات اليمنية عبر غطاء جوي.
وللمسار السياسي أهمية بالغة في تحديد ماهية نهاية أي عملية عسكرية، حيث إن أي عملية عسكرية، بحسب محللين، تُعطي للبعد السياسي الدور الأكبر في رسم ملامح النصر أو الهزيمة، كما أنه في الجانب السياسي يمكن تحقيق انتصارات أهم من الجانب العسكري.
وقبل ستة أيام من إعلان إنهاء "عاصفة الحزم"، اتصل الرئيس الأمريكي بارك أوباما، هاتفياً، بالعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وهو اتصال بلا شك كانت له علاقة بإعلان إنهاء "عاصفة الحزم"، لا سيما أنه قبلها بيوم دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، في نادي الصحافة بواشنطن، كافة الأطراف في اليمن إلى الوقف الفوري لجميع العمليات القتالية، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، وهو ما رآه مراقبون تمهيداً لإيقاف "عاصفة الحزم".