أحيت منظمة العفو الدولية "أمنستي" الذكرى السنوية الثالثة لاعتقال الحقوقي الإماراتي د. محمد الركن الذي يصادف (12|4)، تحت عنوان "1000 يوم في السجن: محمد الركن يضحي بحريته في سبيل حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة". فمن هو الحقوقي الركن، وما هي قضيته، وكيف احتفت به المنظمة الدولية، وبماذا طالبت؟
محمد الركن.. حقوقي إماراتي
في إطار ما يعرف إعلاميا بقضية "94" اعتقل الركن من منزله في دبي في 12 أبريل 2012، إثر "شن حملة قمعية جماعية على نشطاء سياسيين ونشطاء حقوق الإنسان" في الإمارات وفق "أمنستي"، وذلك على خلفية توقيعه عريضة الثالث من مارس 2011 التي وجهها نشطاء إماراتيون لرئيس الدولة للمطالبة بتعزيز تجربة المجلس الوطني الاتحادي بتوسيع قاعدة الانتخاب والترشح ومنحه الصلاحيات التشريعية والرقابية كما هو حال السلطة التشريعية في كل دول العالم.
الحقوقي الركن، والمدافع عن حقوق الإنسان هو رئيس جمعية الحقوقيين الإماراتيين لأكثر من دورة انتخابية كما أنه محام كرس جهده للدفاع عن حقوق الإنسان الإماراتي بصفة خاصة. وهو عضو حقوقي ناشط ومنتسب للعديد من المنظمات الحقوقية الدولية منها "أمنستي".
الدكتور الركن، رشحته منظمات حقوق الإنسان الدولية إلى لنيل جائزة هيئة "فرونت لاين ديفندر" لعام 2014 باعتباره من أكبر المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، بالشراكة مع شبكة الجزيرة الإعلامية التي تعهدت بنقل الملف الحقوقي للفائز على مستوى العالم وتسليط الضوء على قضيته.
وعرفت الهيئة المسؤولة عن الترشيح، الدكتور الركن:" على الرغم من مناخ العداء الرسمي و سلسلة من القوانين القمعية التي وضعت للحد من أنشطة حقوق الإنسان، ظل محمد الركن بطلاً صامداً من أجل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان العالمية. تم إخفاؤه قسراً في عام 2012، في مكان سري لمدة ثمانية أشهر وتعرض للتعذيب. و في عام 2013 حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات إثر محاكمة جائرة، ومنع من تقديم استئناف".
الذكرى الثالثة للاعتقال
قالت "أمنستي"، "إن مناضليها حول العالم يكافحون من أجل إطلاق سراحه". وأضافت، على مدى الأسبوعين الماضيين أحصت نحو 4,000 بطاقة ورسالة جميلة للمطالبة بإطلاق سراحه والإشادة به بعد أن ألف يوم في سجن خاضع لإجراءات أمنية مشددة في صحراء أبو ظبي".
وأكدت "أمنستي" بأن 100.000 شخص مارسوا ضغوطاً من أجل إطلاق سراح الركن كجزء من حملة "الكتابة من أجل الحقوق" التي قامت بها في ديسمبر الماضي. وأملت المنظمة الحقوقية، في أن يتمكن الركن وأفراد عائلته من قراءة جميع تلك الرسائل وأن يستمدوا القوة والشجاعة عندما يعرفون أنهم ليسوا وحدهم. وتستدرك، قائلة،" لكن من المؤسف أن إرسال أي شيء لهم أمر غير آمن بسبب المخاطر المحتملة التي تحدق بهم ولأن عائلات سجناء الرأي في الإمارات تتعرض لضغوط هائلة من قبل السلطات لحملها على التزام الصمت"، وفق تأكيد "أمنستي".
التضامن بين الخوف والحظر
واستطردت "أمنستي"، "لقد صُدم العديد من الأشخاص عندما زُجَّ بالدكتور الركن في السجن، ولكنهم يخشون التعبير عن ذلك لأن أحداً لا يريد المصير نفسه"، على حد تعبيرها. وأضافت، " لا أحد يريد أن يُقبض عليه وأن يُحتجز منفرداً لعدة أشهر وأن يُسجن لمدة 10 سنوات. بل إن الناس يخشون التحدث إلى منظمة العفو الدولية بهذا الخصوص".
وبينت "أمنستي" مناخ التحرك للمطالبة بالإفراج عن الركن أو التضامن معه، قائلة " من الصعب للغاية القيام بحملة تتعلق بالإمارات، كما أنه ليس من السهل أن ترى العين مثل تلك الحقائق، وذلك بتأثير ناطحات السحاب المدهشة وجمال التسوق والشواطئ المتوفرة في الإمارات"، على حد وصفها.
وتقول "أمنستي"، "خلف تلك الواجهة ثمة عدد كبير من النشطاء وعائلاتهم ممن تم إسكاتهم في السنوات القليلة الماضية إثر قيامهم بالدعوة إلى الإصلاح الديمقراطي والمطالبة بالمزيد من الحقوق والحريات".
مضامين رسائل التضامن
وبينت "أمنستي" بعض مضامين تلك الرسائل، "أن جميع الرسائل تعبِّر عن مشاعر الصدمة والحزن وعن الإعجاب بالقوة التي أبداها في ما أقدم عليه من عمل لا يملك الشجاعة في الإقدام عليه سوى عدد قليل جداً من الناس". وتتابع، "لقد كان شغوفاً بالدفاع عن حقوق الإنسان في الإمارات على الرغم من أنه كان بإمكانه أن يتجنب سنوات من التعرض للمضايقة وحظر السفر والرقابة والسجن لو أنه اختار الطريق الأسهل".
ومن بين تلك الرسائل المكتوبة، تم عرض بعض منها في "فيديو" قصير تضمن عددا من رسائل كتبها أطفال إماراتيون وخليجيون وعربا حول العالم، أبدوا تضامنهم مع الركن من جهة، وأبدوا استهجانهم من جهة ثانية "أن دولة الإمارات ذات السمعة الطيبة والتنمية الناجحة أن يكون فيها معتقلي رأي مثل محمد الركن، مطالبين أطفال العالم بالتضامن معه، كونه أب لخمسة أطفال مثلهم ينتظرون التعاطف والتضامن معهم أيضا".
وأكدت المنظمة الحقوقية، "لم نتلقَّ أي رد من السلطات الإماراتية حتى الآن، ولكنها على علم بحملتنا وأنها ستقرأ المدوَّنة، آملة أن تتحسن الأوضاع في هذا البلد؛ فهو بلد عظيم، وقد حقق قادته الكثير من الإنجازات منذ تأسيسه في عام 1971.
وجوب إطلاق سراح الركن
وأنهت "امنستي" حملتها بالأمل، "أن يتم إطلاق سراح محمد الركن وغيره من النشطاء المسجونين معه فوراً وبلا قيد أو شرط". ودعت إلى إعادة العمل برخصته الخاصة بمزاولة مهنة المحاماة كي يتمكن من مواصلة عمله النبيل كمحام، والسماح له بإعطاء محاضرات بصفته أستاذاً في القانون من جديد. وأضافت الحملة، "رسالتنا إلى الدكتور الركن وعائلته في ذكرى مرور 1000 يوم على وجوده في السجن هي: "إن محنتك باتت معروفة في شتى أنحاء العالم، وإننا سنواصل النضال من أجلك إلى أن تستعيد حريتك".