اعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في افتتاحيتها أن التدخل العسكري السعودي في اليمن يرسل برسالة قوية إلى إيران، التي تمثل المنافس الإقليمي للمملكة، لكنه في ذات الوقت قد يحول الصراع الداخلي متعدد الأطراف باليمن إلى حرب أهلية شاملة.
وأشارت الصحيفة إلى أن السعودية حاولت لعقود، ممارسة بعض السيطرة على اليمن عبر خليط من الرشاوى وسياسة فرق تسد والإجراءات العقابية العابرة، وكان يعتقد أن المملكة تعرف جيدًا ما تقوم به بحكم الروابط القبلية بينها وبين اليمن، إلا أن النتائج تتناقض مع هذا الاعتقاد.
وأضافت أن الانقسام الأهلي الممتد في اليمن منذ 50 عامًا، أظهر أنه من المستحيل حكم هذا البلد، الذي واجهت فيه الإمبراطورية العثمانية والبريطانية مصاعب كثيرة ومن بعدهما الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، الذي خرج جيشه من اليمن مهزومًا، ثم تلى ذلك حكم الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، الذي حكمه لمدة 3 عقود، ووصف حكم اليمن بأنه أشبه بالرقص على رؤوس الأفاعي، وأطيح به على خلفية ثورات الربيع العربي في 2011م.
وتحدثت عن أن اليمن ينشط به تنظيم القاعدة في الشرق والجنوب، وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية عن ظهوره بتفجيرين استهدفا مسجدين للحوثيين الشهر الجاري، بينما الجيش اليمني منقسم بين موالين للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والمخلوع علي عبد الله صالح.
واعتبرت الصحيفة أن حديث الزعماء الدينيين الشيعة في إيران عن أن الحوثيين يمثلون امتدادًا طبيعيا للثورة الإيرانية، التي قد تصل قريبًا إلى المنطقة الشرقية بالسعودية، التي يتواجد بها معظم نفط المملكة وكذلك الأقلية الشيعية، غذى كل ذلك من حالة الذعر لدى الرياض.
وحذرت من أن القصف الجوي وحده لن يغير كثيرًا من التعقيدات في النسيج اليمني، كما أن الاجتياح البري سيضيف المزيد إلى حالة الفوضى، وتحدثت عن أن اليمن أصبح مثله مثل سوريا أو ليبيا، حيث لا توجد خطوط واضحة للمعركة، ولا يوجد سوى انتشار للمظالم وتنام للخطر الجهادي.
وأشارت إلى أنه في الوقت الذي تقصف فيه أمريكا بجانب القوات الشيعية المدعومة من إيران تكريت في العراق، تقوم حليفتها السعودية بقصف المتحالفين الشيعة مع إيران في اليمن.
وطالبت الصحيفة بضرورة سعي الولايات المتحدة وحلفائها لجمع السعودية وإيران على طاولة واحدة، إذا نجحت القوى العظمى في إبرام اتفاق نووي مع إيران، مضيفة أن القضية النووية لا يمكن فصلها عن الصراع الطائفي، الذي يجتاح الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
وفي سياق متصل، قال موقع مجموعة الأزمات الدولية على موقعه الإلكتروني: إن اليمن يتجه نحو العنف طويل الأمد على عدة جبهات، مشيرًا إلى أن هذا المزيج من الحروب بالوكالة والعنف الطائفي وانهيار الدولة وحكم الميليشيا أصبح مألوفًا في المنطقة، لكن من غير المرجح أن يفوز أي شخص في مثل هذا الصراع.