قد تؤدي الزيارة التي قام بها رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية إلى المملكة العربية السعودية إلى ارتفاع مستوى القلق في واشنطن وعواصم غربية أخرى، من أن السعودية وباكستان قد أكدتا من جديد على الاتفاقية القائمة بينهما، والتي تقوم باكستان بموجبها بتزويد السعودية برؤوس نووية، في حال طلب منها ذلك.
وكان الاجتماع الأهم على جدول أعمال زيارة الجنرال الباكستاني، رشيد محمود، هو لقاؤه مع العاهل السعودي، الملك سلمان. وقد أفادت التقارير بأنه جرى خلال الاستقبال التأكيد “على عمق العلاقات بين الدولتين … وكذلك استعراض عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك“.
ويبدو أن المسؤول السعودي البارز الوحيد الذي كان غائبًا عن الاجتماعات مع الجنرال الباكستاني هو ولي العهد، الأمير مقرن. حيث التقى الجنرال رشيد أيضًا مع وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، الذي قدم له ميدالية الملك عبد العزيز من الدرجة الممتازة، وكذلك مع نائب ولي العهد ووزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، ووزير الحرس الوطني، الأمير متعب بن عبد الله.
واعتبرت الرياض مؤيدة للبرنامج الباكستاني للأسلحة النووية على مدى عقود، وذلك بسبب توفيرها التمويل في مقابل ما يفترض على نطاق واسع بأنه تفاهم يتمثل بقيام إسلام اباد، إذا ما تطلب الأمر، بنقل التكنولوجيا أو حتى الرؤوس الحربية إلى المملكة.
ومن الملاحظ أيضًا أن التغييرات في القيادة في أي من الدولتين كانت سرعان ما تتبع بعقد اجتماعات على مستويات عالية بين مسؤولين من كلا الطرفين. وهذا يوحي بأن هذه اللقاءات تعقد في سبيل التأكيد على الاتفاقيات النووية.
وفي عام 1999، أي بعد عام فقط من اختبار باكستان لاثنين من أسلحتها النووية، زار وزير الدفاع السعودي حينها، الأمير سلطان بن عبد العزيز، الموقع الذي جرت فيه عملية التخصيب بالطرد المركزي وغير المؤمن في كاهوتا خارج إسلام أباد، وهو ما أدى إلى احتجاج دبلوماسي أمريكي.
وأيضًا في العام الماضي، وبينما ارتفعت مخاوف الرياض من احتمال هيمنة إيران نوويًا في الخليج، حضر رئيس أركان الجيش الباكستاني، الجنرال رحيل شريف، كضيف شرف، استعراض المملكة العربية السعودية لصواريخها الصينية CSS-2، وهو الاستعراض العلني الأول منذ تسليم هذه الصواريخ في الثمانينيات.
وكانت صواريخ CSS-2، على الرغم من قدمها الآن، قد شكلت ذات مرة العنصر الرئيس في قوة الصين النووية. وأيضًا، كانت أجهزة باكستان النووية الأولى قد بنيت على أساس تصميم صيني.
وزار رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، المملكة العربية السعودية في 23 كانون الثاني/ يناير، للمشاركة في جنازة الملك عبد الله، وكان هناك أيضًا قبل ذلك بأسبوعين للاطمئنان على العاهل السعودي المريض.
وجاءت الزيارة التي قام بها الجنرال رشيد بعد يوم من إعلان باكستان عن إجراء اختبار ناجح على صاروخ كروز اسمه “رعد” ويتم إطلاقه من الجو، ومداه 220 ميلًا، ويقال إنه قادر على حمل رؤوس نووية وتقليدية بدقة بالغة.
وخلال ترؤسه حديثًا لأول اجتماع لمجلس وزرائه، أعلن الملك سلمان عن أنه لن يكون هناك أي تغيير في السياسة الخارجية السعودية.
ويبدو أن الاجتماعات رفيعة المستوى التي عقدت مع الوفد العسكري الباكستاني في الثالث من شباط/ فبراير تؤكد إعلان الملك السعودي هذا، بل وربما تضع المزيد من التحديات أمام جهود إدارة أوباما لتأمين التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع طهران حول البرنامج النووي الإيراني.