أحدث الأخبار
  • 11:05 . إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن بالقدس المحتلة... المزيد
  • 11:03 . حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" تغادر الشرق الأوسط بعد الاتفاق مع الحوثيين... المزيد
  • 09:45 . الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على موانئ يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين... المزيد
  • 09:02 . مفاوضات إسطنبول.. اتفاق أوكراني روسي على تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار... المزيد
  • 08:54 . استشهاد 93 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر الجمعة... المزيد
  • 08:53 . متجاهلا الإبادة اليومية.. عبد الله بن زايد يدعو لإطلاق سراح أسرى الاحتلال وإيجاد بديل لحكم حماس... المزيد
  • 07:37 . دمشق تختار الإمارات وألمانيا لطباعة عملتها الجديدة بعد تحسن العلاقات وتخفيف العقوبات... المزيد
  • 07:28 . بعد رفع العقوبات الأمريكية.. موانئ دبي تضخ 2.9 مليار درهم في ميناء طرطوس السوري... المزيد
  • 07:17 . الإمارات والولايات المتحدة تعززان التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة... المزيد
  • 11:47 . محاولات ديمقراطية في الكونغرس الأمريكي لوقف صفقات أسلحة إماراتية... المزيد
  • 11:45 . "الصحة" تطلق خدمة فورية لإثبات شهادات التمريض من الخارج دون أوراق... المزيد
  • 11:31 . وزير الاقتصاد: 13 ألف شركة أمريكية تعمل حالياً في السوق الإماراتي... المزيد
  • 11:26 . الشارقة تُلزم معلمي الكليات غير التربوية بالحصول على دبلوم تربوي لمزاولة المهنة... المزيد
  • 11:25 . إسطنبول تحتضن اليوم اجتماعين ثلاثيين للسلام بين روسيا وأوكرانيا... المزيد
  • 11:24 . "أكسيوس": نتنياهو طلب من ترامب عدم رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 11:18 . تحقيقات أميركية في منشور لجيمس كومي يُشتبه أنه تلميح لاغتيال ترامب... المزيد

غياب الموجة الثورية الثانية

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 31-12-2014

خرجت الشعوب في مصر وتونس ثائرة على الظلم، وتحملت أقسى أدوات الطغاة، ونجحت في خلع رأس الأفعى، وأفرزت ثوراتهم عملية سياسية، وبعد فترة من الزمن دبت الحياة في الأفعى واستبدلت رأساً بآخر وعادت القوى الممثلة للأنظمة السابقة لتسود المشهد السياسي، في مصر تحدثت القوى السياسية الداعمة للثورة عن الثورة المضادة وهددت بموجة ثورية ثانية، حدثت مظاهرات واحتجاجات هنا وهناك وما زالت ولكن لم يخرج الشعب كما خرج أول مرة، بل إنك تجد لا مبالاة واضحة لدى المصريين إن لم يكن تأييداً للانقلاب على الشرعية التي أفرزتها ثورتهم التي ضحوا من أجلها.
في تونس جاءت اللامبالاة بشكل مختلف، عبر الصناديق، أعطت الجماهير أصواتها لصالح مرشح أقل ما يقال عنه إنه كان ابن النظام السابق، بل ووزير داخلية في دولة أمنية، وهذا غير عمره الذي قارب التسعين، القوى التي خاضت الثورة وانبثقت عنها عوقبت عبر الصناديق لتدفع إلى المراكز المتدنية بعد أن كان فوزها قبيل الثورة حتمياً في أي استحقاق شعبي، عاد رجال نظام بن علي دون مقاومة بل إن قطاعات واسعة من الشعب التونسي خرجت تحتفل بعودتهم، وهناك كذلك حصلت احتجاجات هنا وهناك ولكن لم يعد الناس إلى الشوارع مطالبين برحيل رجال بن علي.
لم إذاً؟ لماذا خرج مئات الآلاف في المرة الأولى وسكنوا بعد أن عادت الظروف التي أخرجتهم؟ في الحقيقة هناك مجموعة أسباب تقف خلف حلول اللامبالاة والسلبية مكان الحماس الثوري والتضحية، أولاً هناك سبب بدهي وهو أن العقل الجمعي سريع الملل والإحباط، المجموعات الكبيرة تحتاج لوقت طويل ليتم تجييشها وتحريكها ولكنها إن هدأت يصعب إشعال جذوة الحماس فيها ثانية وعلى وجه السرعة، والعملية السياسية استنفذت الحماس الذي حرك الجماهير وبلدت الموقف السياسي.
ثانياً، القوى السياسية التي شاركت في الثورة تفرغت بعد الثورة للخلافات فيما بينها على حساب الحراك الثوري الموحد، وهذا بدوره أسهم في إذكاء حالة الإحباط من النظام السياسي بعد الثورة، كما أن الشعوب وجدت أن المطالب التي خرجوا من أجلها والتي ارتبطت بحياتهم اليومية وتحسين ظروفهم المعيشية ورفع الظلم والقهر عنهم تم تنحيتها جانباً لصالح أجندات أيديولوجية ونخبوية لا تعنيهم بشكل مباشر، فالشعوب لا تهتم بنقاشات دستورية وإصلاحات سياسية ما لم يترافق مع هذه التغييرات تحسن في الظروف المعيشية وحلول سريعة لكل ما يعقد حياتهم، الناس في المجتمعات المثقلة بالفقر والجهل لا يأكلون الديمقراطية ولا يلتحفون الحرية، إنهم يبحثون عن لقمة العيش التي تحفظ كرامتهم، وسيقفون في صف واحد مع من يعدهم بتوفير الحياة الكريمة حتى وإن لم يؤمنوا بأفكاره السياسية.
ثالثاً، خلال الحراك الثوري وما بعده ساومت القوى السياسية كثيراً لتحقيق مكاسب سياسية، والجماهير لا تفهم لغة التفاوض السياسي خاصة حينما يعني ذلك التضحية بمكتسبات ومطالب الثورة في مقابل أن يحصل هذا على منصب هنا وذاك على قانون يريده هناك، الكثيرون بلا شك شعروا بالخيانة بعد هذه «التضحيات» السياسية التي فرضتها البيئة السياسية على القوى المؤيدة للثورة ودفعتها إلى درجة التنازل لصالح أدوات النظام السابق أحياناً، كما فعل الإخوان في بداية تفاوضهم مع العسكر، وفعلت النهضة في نهاية تفاوضها مع نداء تونس، السياسيون سيقولون دائماً إن كل ذلك له تبريره ولكن من يقنع الشعوب التي نزفت الدماء حتى تصل هذه القوى إلى مراكزها أن هذه التنازلات هي للمصلحة العامة وليست مصالح حزبية ضيقة.
رابعاً، هناك قاعدة سياسية تقول: إن ارتفاع تكلفة الحراك السياسي تنقص من احتمالية حدوث هذا الحراك، وبعد أن شاهدت الشعوب ما حدث من جرائم في مصر على يد العسكر وفي سوريا على يد نظام الأسد أصبحت معادلة الحراك السياسي تفضل البقاء بين الأهل على الخروج إلى الشارع الذي لا يوفر ضماناً للتغيير، خاصة أن التجربة الأولى عادت بما لم يرتجيه الشارع.
الموجة الثورية الثانية قد تحدث ولكنها بحاجة إلى إدراك لدى النخب السياسية الثورية لأمرين رئيسيين: الأول هو أن الشعوب لن تستجيب لشعارات فارغة ولا لرايات أيديولوجية اليوم، الشعوب تبحث عمن هو مستعد للتضحية بالغالي والنفيس ليحقق لها العيش الكريم، وإن جاء مع ذلك مزيد من الحرية والحكم الرشيد فلا بأس ولكن ليس الطرح الأكاديمي هو ما سيعيد ثقة الناس بالقوى السياسية، الأمر الثاني هو أن الشعوب بحاجة إلى مساحة للتنفس بين الحراكين والاستمرار دون انقطاع في لغة ثورية ومظاهرات يومية سيزيد من إحساس الناس باللامبالاة تجاه الثورة والثوار؛ لأن الموضوع سيتحول من استثنائي إلى اعتيادي رتيب ممل، لذلك لا بد من انتظار لحظة مناسبة جديدة ومقنعة، وإلى موجة ثورية قادمة.