كتب الصحفي المصري جمال سلطان الذي يرأس صحيفة "المصريون" مقالا بعنوان "هل تنج المصالحة بين القاهرة والدوحة؟!"، عبر فيه عن شكوكه العميقة بنجاح هذه المصالحة مستدلا بعدد من الشواهد السياسية والإستراتيجية لدى الجانبين، والتي من الممكن أن تؤدي على الأقل إلى خفض التوقعات من إنجاز مصالحة جادة.
أشار سلطان إلى لقاء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المبعوث الشخصي لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد بالسيسي، و شارك في اللقاء المفاجئ رئيس الديوان الملكي السعودي خالد التويجري ممثلا للعاهل السعودي. وقال سلطان، " لا يعرف شيء عما دار في الاجتماع الخاص، ولم يصدر أي بيانات عن الاجتماع، لا من القاهرة ولا من الدوحة، بخلاف تصريحات مجاملة ومقتضبة متبادلة، بينما صدر بيان سعودي أكثر إطالة غلب عليه العاطفة والعبارات العامة"، على حد قول سلطان .
ويرى الكاتب أن "الأجواء التي سبقت اللقاء لا تعطي انطباعا عن تحول كبير أو "استراتيجي" في العلاقة بين القاهرة والدوحة، وإن كان من المؤكد أن اللهجة قد تخف في النقد من هنا أو هناك ، ولكن بدون تغيير جوهري".
وعلل سلطان عدم حدوث انطلاقة بين قطر ونظام السيسي بالقول، "الخطوة القطرية السعودية أتت بعد 48 ساعة من زيارة مهمة وتاريخية بالفعل لأمير قطر إلى تركيا، التقى فيها بالرئيس التركي الطيب أردوغان الذي احتفى بضيفه احتفاءا استثنائيا مقصودا كما بدا فيما نقلته وسائل الإعلام".
ويسلط الكاتب الضوء على بيت القصيد من زيارة أمير قطر لتركيا قائلا، "تمخضت الزيارة عن توقيع اتفافية شراكة استراتيجية وعسكرية بين الدوحة وأنقرة، .. ومن ثم، فالزيارة التي قام بها المبعوث القطري الخاص للقاهرة بعد الاتفاقية التركية القطرية ، كانت ترضية للعاهل السعودي أكثر منها حرصا على توثيق العلاقات بين القاهرة والدوحة، لأن الدوحة الآن تستند إلى شراكة عسكرية واستراتيجية مع أقوى دولة في المنطقة، عسكريا واقتصاديا وسياسيا وديبلوماسيا"، ويرى الصحفي المصري أن الاتفاقية بين الدوحة وأنقرة لا يصب في صالح المصالحة القطرية المصرية.
ويبرز الكاتب خلافا بين الرياض والقاهرة، ستقوم قطر بالاستفادة منه، قائلا، "الدوحة تدرك أن القاهرة تتعاطف مع نظام الأسد، بينما السعودية ترى خلاف ذلك، وهو ما يتيح أمامها مساحة من التطاوع في ترضيتها في الموقف من القاهرة"، على حد تعبيره .
وتابع سلطان، "أؤكد من جديد أن الدوحة ليست في وارد تغيير حاسم في سياسات الجزيرة تجاه أحداث مصر، لأنها ليست في حالة اضطرار لخسارة أهم مصادر قوتها الناعمة على الإطلاق من أجل ترضية تتم على رمال متحركة وغير مضمونة ولا معروفة مآلاتها ولا ثمنها في الطرف المقابل".
أما فيما يتعلق بموقف القاهرة من المصالحة مع قطر، فيرى سلطان، " في القاهرة لا تبدو الصورة موحدة تجاه هذا الموضوع، ولا الرؤية حاسمة، ولا يخطئ أي متابع لأجواء مصر السياسية والإعلامية أن هناك جناحا في السلطة لا يرحب بتلك العلاقة، وهو جناح قوي وله هيمنته على قطاع واسع من الإعلام الخاص، وهذا الجناح ليس في وارد ممارسة ضغط على الفضائيات والصحف الموالية من أجل مجاملة قطر أو التحول الكامل في طريقة الحديث عنها وتحولها من عدو متآمر إلى شريك وفي"، على حد وصف الكاتب .
وختم سلطان مقاله، "في عمق تلك الأزمة وقعت أخطاء وتجاوزات، بعضها مس مشاعر عميقة في شخصية البعض وكرامته، وفي الخبرة العربية يصعب أن تمحى مثل تلك الآثار بسهولة أو تنسى بجلسات ترضية عارضة، وفي تقديري أن تلك النقطة ستكون أعقد عوائق أي تطبيع بين الدوحة والقاهرة في الظروف الحالية"