أحدث الأخبار
  • 10:33 . أكثر من 100 شهيد في مجزرة جديدة للاحتلال ببيت لاهيا... المزيد
  • 07:35 . جزائية أبوظبي تقضي بحبس وتغريم ثلاثي الزمالك... المزيد
  • 06:35 . وفاة الممثل المصري حسن يوسف عن عمر يناهز 90 عاماً... المزيد
  • 06:16 . حزب الله ينتخب نعيم قاسم أمينا عاماً جديداً والاحتلال يتوعد باغتياله... المزيد
  • 01:17 . لأول مرة.. نتنياهو يقر بالوقوف وراء اغتيال إسماعيل هنية... المزيد
  • 12:55 . خريجون يشكون سوء التدريب المهني في الجامعات... المزيد
  • 12:27 . الذهب قرب ذروة قياسية بسبب الانتخابات الأمريكية... المزيد
  • 11:50 . الحوثيون يعلنون مهاجمة ثلاث سفن في باب المندب والبحرين الأحمر والعربي... المزيد
  • 11:36 . تشكيل مجلس أكاديمية الشارقة للعلوم الشرطية برئاسة ولي العهد... المزيد
  • 11:21 . مجزرة جديدة للاحتلال الإسرائيلي ببيت لاهيا تخلف عشرات الشهداء... المزيد
  • 11:01 . مقترح أمريكي لهدنة في غزة مطروح أمام مفاوضات الدوحة... المزيد
  • 07:18 . رودري نجم مانشستر سيتي يحرز الكرة الذهبية وسط غضب من الجمهور الملكي والبرازيلي... المزيد
  • 07:02 . الاحتلال يحرق مدرسة الفاخورة بجباليا... المزيد
  • 10:06 . "إكس" تحظر حساب خامنئي الجديد بالعبرية... المزيد
  • 09:06 . السعودية تعتزم رفع استثماراتها في أفريقيا إلى 25 مليار دولار... المزيد
  • 08:22 . جيش الاحتلال يواصل الإبادة شمال غزة يكثف نسف المنازل... المزيد

"انتقاد النقاب" في الإمارات.. رأي فردي أم تقف خلفه جهات وتوجهات؟

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 04-12-2014

كتب الصحفي الإماراتي سامي الريامي في صحيفة الإمارات اليوم التي يرأس تحريرها مقالا أثار ردود فعل مستنكرة في أوساط الشعب الإماراتي. المقال الذي جاء بعنوان " النقاب والتطرف أو الأمن والاعتدال"، شن فيه الكاتب هجوما ظالما على النقاب، محاولا الربط بين التطرف ورمز إسلامي يعتز به الغالبية العظمى من الشعب الإماراتي ويشكل جزءا من ثقافتهم في اللباس والاحتشام. طرح النقاب للنقاش في أي دائرة ومستوى لا يثير القلق ولا الخوف، ولكن إثارته بالطريقة والأسلوب والمدخل الذي أثير به، والدوافع والأسباب وراء إثارته تطرح الكثير من التساؤلات حول أهداف هذا الطرح، وماذا يخفي، وهل هو طرح معزول يعبر عن فرد أم طرح مستهدف ومخطط يقف خلفه جهات وتوجهات وتوجيهات!


الشاذ لا يقاس عليه.. وسد الذرائع
استند الصحفي الريامي في هجومه غير المبرر على النقاب، بحادثة معزولة و يتيمة وقعت في أبوظبي، تمثلت بمقتل مقيمة أمريكية على يد إمرأة منقبة، فانتهزها لانتقاد النقاب، وكأن النقاب هو الذي قام بقتل الضحية، مستبقا بذلك حتى التحقيقات الرسمية. يقول الريامي في مقاله مكررا ذات المعنى أربع مرات:" النقاب لا علاقة له بالدين، كما أنه ليس من الموروث التقليدي الإماراتي، ولا يمت للزي النسائي القديم أو الحديث بأي صلة، هو دخيل على مجتمع الإمارات"، على حد زعمه.
يبرر الريامي موقفه من النقاب بوقوع حوادث أمنية تم فيها استغلال النقاب للتخفي، فيقول "الممارسات العملية أثبتت أن هناك من يستغل النقاب لأغراض أخرى، منها تجاوزات اجتماعية، ومنها وظيفية، والأخطر من هذا كله تجاوزات أمنية تندرج تحتها جرائم مختلفة، فهو وسيلة جيدة لإخفاء الشخصية"، على حد قوله. كان من الممكن، اعتبار ما يطرحه الريامي، من باب "سد الذرائع"، الذي يعتبر أحد مصادر التشريع، لو جاء المقال لمعالجة ظاهرة تزداد خطورة واستفحالا وباتت تهدد أمن المجتمع على نطاق واسع، ولكن لا وجه مفسدة على الإطلاق في النقاب، ولا يعتبر مهددا للأمن ولا للاستقرار في دولة الإمارات. ولو أن الكاتب أراد استخدام سد الذرائع، لإغلاق الكثير من مظاهر الفساد والانحراف، لكان أولى به طرح تحريم التبرج والسفور كونه طريقا سريعا لانحراف الشباب، مثلا!
ويذهب الريامي بعيدا، عندما يقارب بين الحالة الأمنية المستقرة جدا في الإمارات والأمن المضطرب في دول عربية أخرى، ليؤكد، "ليس من الحكمة ترك ثغرة أمنية واضحة يمكن أن تستغل من قبل المجرمين وتسهّل عملهم الذي يستهدف أمننا"، على حد تعبيره. وتجاهل الريامي الذي أخذ مقاله وجها فقهيا، أن الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والحال، وما الدليل إلا ربع الفتوى، ومع ذلك، يستشهد بجرائم وقعت في مصر والأردن والجزائر والعراق تم استغلال النقاب فيها لارتكاب الجرائم، وبعض هذه الدول تشهد حروبا أهلية أو نزاعات أو اضطرابات سياسية، وعليه فإن ما يصلح لفقه تلك الدول لا يصلح لفقه الحالة الإماراتية والخليجية عموما. فمن أراد أن يكون مفتيا، فعلى الأقل أن يكون مطلعا ولو على المرجوح في مسائل الفقه والفتوى والأصول.
ويقايض الريامي الأمن والاستقرار بالنقاب. فمدخل المقال يتصف بفرض الرأي، دون أن يطرح المسألة على قاعدة النقاش العام والحوار، فجاء المقال تحريضيا وقطعيا بصورة تثير الارتياب من دوافعه، وكأنه كان ينتظر وقوع هذه الحادثة. يقول الكاتب" إن كان الأمن والاستقرار في كفة والنقاب أو أي شيء آخر في كفة أخرى، فإننا جميعاً سنختار الأمن".. ويقطع شوطا آخر في الهجوم على النقاب، بالقول، "لا تحدثونا عن الحرية الشخصية فليس هنا محلها الصحيح"، على حد قوله. لقد تحول المقال من الحديث عن جريمة عابرة شاذة لا يقاس عليها، إلى حديث متخصص ومعقد فيه من الخلط والتجاوزات الفقيهة والثقافية للشعب الإماراتي الكثير، وهو ما أثار موجة ردود واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي ودفع بعض علماء الدين لتوضيح الالتباسات الواردة في مقال للريامي. 


ليس النقاب وحده المستهدف
حديث سامي الريامي عن النقاب، يأتي ضمن سياق وتوجهات وربما توجيهات، حتى وإن كان رأيه فيه شاذا لا يُعتد به ولا يقاس عليه. ولكن ما يثير الاستياء والتخوف هو حديث متزامن لبعض مشايخ الدين ووسائل الإعلام الإماراتية التي طرحت مسألة النقاب ومنعه بصورة فجة. إمام وخطيب جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي الشيخ وسيم يوسف، الحاصل على الجنسية الإماراتية حديثا، يقول:" إنه يحق لولي الأمر في أي بلد منع ارتداء النقاب بوجود مسوغ شرعي". وفي الحالة الإماراتية، فالمسوغ الشرعي موجود حسب الريامي وحسب وسيم نفسه، الذي تحدث إلى قناة "سكاي نيوز عربية"، قائلا:" يصبح النقاب حراما في حال أصبح ارتداؤه تهديدا للأمن القومي وذريعة لارتكاب وإخفاء الجرائم".، على حد قوله. 

علي بن تميم كتب مقالا على موقع 24 الإخباري الإماراتي، المحسوب على جهات أمنية بعنوان "جريمة النقاب ونقاب الجريمة"، ربط بين الأمن والنقاب، موجها سؤالا للأجهزة الأمنية عن الإجراءات التي يتخذونها "لمنع استغلال النقاب"، وكأنه يدعو لتدخل الأجهزة الأمنية في النقاب لاعتبارات أمنية صرف. موقع 24 شارك في الحملة ضد النقاب، بوضعه استطلاعا بسؤال للجمهور، تضمن التباسا مقصودا في السؤال لتوجيه المشاركين فيه لتأييد منع النقاب. فطرح مسألة النقاب بهذا الإصرار والتوسع، يثبت أن هناك تهيئة للرأي العام لاستهداف النقاب والمنقبات في المرحلة المقبلة.

 لذلك، فإن استهداف النقاب، استهداف مقصود وليس صدفة أو مفاجأة أن يتم طرحه بهذه الطريقة، ما دام أن هناك توجهات إعلامية على الأقل. فقد تم سابقا، رصد " تغيير وزارة التربية والتعليم أسماء جميع المدارس والشوارع والمرافق التي تحمل أسماء الصحابة إلى أسماء معاصرة، بعد أحداث 11 سبتمبر".
ويرصد زائرون إلى معارض الكتاب في الدولة، كمعرض الشارقة، ومعرض أبوظبي، غياب تام لمئات عناوين الكتب الإسلامية واستبعاد المؤلفين الإسلاميين، وغياب المحاضرين والضيوف المتحدثين، واستبدالهم بمحاضرين غربيين وآسيويين من غير العرب والمسلمين. وكل هذه المؤشرات وغيرها، دلائل على أن المسألة تتعدى "النقاب".


ردود فعل الإماراتيين
كما هو متوقع، فقد غضب الإمارايتون على دعوات الريامي لأنهم رأوا فيها أهدافا خفية أعمق من التعقيب على جريمة جنائية، ليتم توظيفها سياسيا وأمنيا ودينيا. الشيخ عبد الله الكمالي رد في مدونته على مقال سامي الريامي، مفندا الأراء الفقهية التي جاء بها، بتوضيح المسألة من ناحية دينية، تنسف من الأساس إدعاءات الكاتب. فبعد أن أوضح الكمالي الجانب الشرعي في مشروعية النقاب والحث عليه، قال:" لا يمكن لأمر شرعي أن يكون سببا للتطرف، وإذا أخطأ بعض الناس في تطبيق مسألة شرعية فلا يعني هذا أن يصبح  الأمر تطرفا، فهذا أمر غير مقبول، فتعميم الخطأ على الناس ليس بصواب، وتغيير الحكم الشرعي لسوء تطبيق آحاد الناس للمسألة ليس بصواب أيضا".
واقتبس الكمالي فحوى فتوى شرعية على موقع دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، تقول " وذلك ما لم تخش الفتنة، فإن خشيتها وجب عليها النقاب سداً لذريعة الفساد إجماعاً. ورأى غيرهم كالشافعية والحنابلة وجوب النقاب مطلقاً لأن الوجه مجمع المحاسن". 
سالم العامري مدون إماراتي، رد أيضا على الريامي، قائلا:" في الحقيقة لم أتفاجأ كثيرا، فالموجة  في الفترة الأخيرة مستمرة بالانتقاص من كل ماله علاقة بالاسلام، قالوا لنا غيروا المناهج فتغيرت، قالوا لنا لنخلط الرجال والنساء فتم ذلك، إلى أن وصلنا إلى المطالبة بـ فسخ النقاب وغدا فسخ الحجاب وبعدها فسخ الثياب"، على حد تعبيره. 
لا ينظر الإماراتيون بعين الرضا للانحراف الملحوظ الذي يتم استهدافهم به، ولا تزال ردود الفعل على المساس بهيبة النقاب متواصلة، بين عدد من المعلقين والمغردين، الذين يتخوف منهم أن يرتبط اسم الإمارات بمنع النقاب كارتباط فرنسا بمنع الحجاب، وآخرون يخشون أن "يكون الناس على دين ملوكهم، متسائلين: ما هو الدين الذي يقوم عليه ملوكنا"، ردا على الشيخ وسيم يوسف.