أحدث الأخبار
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد
  • 12:52 . ولي العهد السعودي ووزير خارجية الصين يبحثان العلاقات المشتركة... المزيد
  • 12:25 . مستشار خامنئي: إيران ستدعم “بحزم” حزب الله في لبنان... المزيد
  • 12:16 . "التعليم العالي" تعرّف 46 جامعة بمزايا المنصة الوطنية للتدريب العملي... المزيد
  • 11:46 . وفاة 21 شخصا في فيضانات مفاجئة بالمغرب... المزيد
  • 11:10 . كيف تمددت "الشركة العالمية القابضة" في مفاصل اقتصاد أبوظبي؟... المزيد
  • 10:56 . الجزائر تنفي إنشاء وحدات مرتزقة لتنفيذ عمليات سرية في الساحل... المزيد
  • 10:55 . زوجة جاسم الشامسي توجه رسالة إلى الرئيس السوري الشرع... المزيد

فن توزيع الخرائط

الكـاتب : محمد الدحيم
تاريخ الخبر: 22-11-2014

بين ذاكرة الماضي، واستشراف المستقبل، توجد مسافة ومساحة هي الأهم، إنها لحظة الآن، التي تشكل مركز الحركة. إن موقفنا من التأريخ وأحداثه لم يكن واضحاً، أو على الأصح هو موقف مؤدلج - سياسياً ودينياً - بشكل معقد، وبطريقة تستدعي الماضي لإدارة الحاضر ورؤية المستقبل، فالقدَامة فضيلة شبه مطلقة، أو هي شرط في الفضيلة! فالبيت القديم، والبلدة القديمة، والرأي القديم، والأكلة الشعبية... إلخ، كلها أفضل من حاضر اليوم وبالطبع إلا مركوباته! لأنها «مريحة»!

وفي المقابل فإن القرار تجاه المستقبل قراءة وإدراكاً، وتخطيطاً ورؤية ليس أكثر وضوحاً، حتى ملَّ الإنسان من مصطلح «استراتيجي» وبدأ يشك فيه، فهل نحن نتوجه إلى مستقبلنا مشاركين في صنع أحداثه؟ أم أننا نساق إليه بقوة الحركة وسرعتها، لنكون نحن ضحايا ظروفه المعرفية والاقتصادية، ووقود ناره العسكرية، أي كما نحن الآن! بين «الانتماء والارتماء» يتحتم الرشد، ويتوجب الوعي في واقع متغير، يتيح لنا الفرض وفي الوقت نفسه يصنع لنا الفخاخ!

الوعي وليس إلا الوعي بوصلة الاتجاه الصحيح، «فالشرق صار غربياً إلى حد كبير، والغرب هو الآخر لم يعد غربياً تماماً، وعالم لم تعد فيه البوصلة قادرة على التمييز بين الجهات الأربع»، حال كما تصفها الدكتورة أم الزين بنشيخه.

لذا وعلى حد تعبير «دولوز» علينا أن نتعلم «فن توزيع الخرائط» ولن يكون ذلك من دون أن نعمل على فك المرهون، وفي المقابل أيضاً، أن نعمل على المشاركة أو صناعة رهاننا الوجودي، مهمتان ليست إحداهما أسهل من الأخرى، لكنه عمل الوعي المُفكر واللامفكر فيه الذي يستطلع المواقع ويرسم الخرائط. المرهون بعلائق الماضي والقديم - بالطبع ليس المقدس - يجب فك رهانه وتحرير قيده بطرح أسئلة الوجود، أسئلة الحضارة والتقدم، وليست أسئلة السخرية والاستهجان والنكران، لأن لكل أحد طريقته في تشكيل المفهوم وفي تحول قناعاته، والأسئلة الصحيحة وحدها هي أجوبة صحيحة، وفي الوقت الذي ندرك فيه أن كسر هذا القيد وفك المرهون ليس خياراً بارداً بل هو خيار ضاغط على الفرد والمجتمع والمؤسسة، فإننا أيضاً لا نجد مسوغاً للعنف والعنف المقابل، ولا نجد مسوغاً للبعد والاستبعاد عن المفاعلة الفكرية والميدانية، لأن ما لا تتاح له فرصة العلن سيفعل في الخفاء! المؤكد أنه لا توقف لعمل الأفكار بما أن طبيعتها التطور والاستمرار أما الراهن المتقدم - ولو على حد زعمه - فهو الوحيد الفاقد للأثر حين لا يدرك أن الناس هم ميدان العمل وكوادره، وأن العقل البشري هو من سيدعمه، وليس قوة الجاه والمال والسلطة، - أي - أن نخبويته ربما تخذله أو هكذا فعلت. الراهن سابق في المعرفة والرؤية، وهو كذلك آني ومسؤول، ولن يكون واقعياً بلا واقع، وإلا كان «مثل العروضي له بحر بلا ماء»!

الراهن ليس سيفاً على ماضيه ومجتمعه، وليس ويلاً يكيل الشتائم لحال هو يعرف كيف تكومت ولم تتكون! هذا إن كان يعرف، وإلا فالمصيبة أعظم. الراهن يحمل المصباح ويزرع الأفكار في حدائق المستقبل وحقول الأجيال، ليس منا من يروّج للإحباط، ويسوّق للقهر، فتلك بضاعة مرفوضة مقبورة. الراهن حين يكون كذلك فإنه يترك المجال للمرهون أن يصنع فعله ويترك أثره، وهكذا حصل، فهل نضيع نحن بين الراهن والمرهون؟

سؤال كان أم تساؤلاً فالإجابة واحدة: أن الأزمة حاضرة والحلول مؤجلة، والشكوى مستمرة، والدعوى قائمة، والمدعى عليه غائب، والضحية أنا حين أكون أنت، وأنت حين تكون أنا. وإذا كان لـ«المرهون بماضيه» عذره الكامن في طريقة تفكيره أو تشكيل تربيته، أو معطيات بيئته، فما بال «الراهن» وهو وليد اللحظة وحاضر الفرصة، ما باله ضاع وأضاع، واستدرجته منتديات الفوضى وملتقيات الهدر والهذر وشبكات العنكبوت، وهل أوهى من بيت العنكبوت؟!

لماذا غابت المشاريع الفاعلة؟ ولماذا تراجعت الأفكار الحضارية أو فُككت؟ ليس المرهون إلا عذراً للراهن وشماعة لتدهوره، فك الله أسرهما أو كفى من شرهما.