حمّل حلف قبائل حضرموت، اليوم الجمعة، أبوظبي “المسؤولية الكاملة” عمّا وصفه بـ“اجتياح المحافظة” ودعم مجاميع مسلحة بالمال والسلاح، مؤكداً مضيه في الدفاع عن أراضي حضرموت وحقول النفط، وداعياً الرباعية الدولية ودول التحالف العربي إلى التدخل وتحمل مسؤولياتهم أمام تطورات الوضع.
وقال الحلف وهو أحد أكبر تجميع قبلي في حضرموت ومدعوم بقوات عسكرية من الرياض، إنه بذل جهوداً كبيرة للحفاظ على أمن واستقرار حقول ومنشآت نفط المسيلة، ومنع سقوطها – بحسب وصفه – “في يد مليشيات وافدة من خارج حضرموت”، مؤكداً أنه حرص على ضمان استمرار العمل داخل الشركات النفطية دون اضطرابات أو مخاطر تهدد المنشآت أو العاملين فيها. وأوضح الحلف أنه سعى لتجنب أي تصعيد من شأنه إدخال المنطقة في “مربع الفوضى والصراع”.
وأشار البيان إلى أن جهود الوساطة أسفرت عن اتفاق هدنة مع قيادة السلطة المحلية في المحافظة ممثلة بالمحافظ سالم أحمد الخنبشي، يتضمن عدة بنود أبرزها تهدئة الموقف الميداني وانسحاب قوات حماية حضرموت من داخل مواقع النفط. وأكد الحلف أنه باشر فعلاً خطوات تنفيذ الاتفاق وبدأ الانسحاب التدريجي من مواقعه.
غير أن البيان ذكر أنه “فجر الخميس 4 ديسمبر 2025” تعرّضت مواقع الحلف لهجوم وصفه بـ“الغادر والمباغت”، نفذته – وفق قوله – مجاميع مسلحة من عدة محاور خلال سريان الهدنة، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات ووقوع ستة شهداء وعدد كبير من الجرحى من رجال الحلف. واعتبر البيان أن ما حدث “فعل إجرامي ومعيب” تم – على حد تعبيره – “بتواطؤ من بعض العملاء الحضارم”.
وفي الوقت الذي عبّر فيه الحلف عن تعازيه لأسر الضحايا من الطرفين وتمنياته بالشفاء للجرحى، أكد أنه ماضٍ في الدفاع عن حضرموت، محمّلاً دولة الإمارات “المسؤولية الكاملة” عن ما جرى نتيجة “دعمها للمجاميع المسلحة بالمال والسلاح وما ترتب على ذلك من أعمال قتل ونهب”.
وطالب حلف قبائل حضرموت في ختام بيانه دول الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، بريطانيا، السعودية، الإمارات) وقيادة التحالف العربي بالقيام بواجباتهم إزاء ما تشهده المحافظة من تطورات خطيرة، على حد تعبيره.
ومع بدء سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي على سيئون ومناطق وادي وصحراء حضرموت، التي تتركز فيها منشآت وحقول النفط، يكتنف الغموض مصير هذه المنشآت وإدارتها وعملية الإنتاج.
تأتي اتهامات حلف قبائل حضرموت للإمارات وتصعيده ضد المجاميع المسلحة التي قال إنها مدعومة من أبوظبي، في وقتٍ تشهد فيه المحافظات الشرقية لليمن تحولات عسكرية متسارعة، إذ أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، خلال الساعات الماضية، إحكام سيطرته الكاملة على محافظة المهرة أقصى شرقي البلاد، وذلك بعد يوم واحد فقط من فرض نفوذه على وادي حضرموت وحقول النفط في هضبة المسيلة.
وبسيطرة الانتقالي على المهرة – بما فيها عاصمتها الغيضة، والمنافذ البرية مع سلطنة عُمان، وميناء نشطون على البحر العربي – يكون قد بسط نفوذه العسكري والإداري على ما يقارب نصف مساحة اليمن خلال 24 ساعة فقط، في مشهد غير مسبوق من حيث سرعة التمدد واتساع رقعة السيطرة.
وشهدت المدن والمنشآت الحكومية في المهرة إنزال علم الجمهورية اليمنية واستبداله بعلم المجلس الانتقالي، وسط غياب أي مقاومة تُذكر.
وجاء هذا التطور بعد ساعات من اشتباكات عنيفة في حضرموت، انتهت بسيطرة قوات الانتقالي على مواقع حماية الشركات النفطية في الهضبة، وانسحاب قوات حلف قبائل حضرموت، بالتوازي مع تمكن الانتقالي من إخضاع جميع الألوية العسكرية في وادي وصحراء حضرموت، وفي مقدمتها اللواء 11 حرس حدود في معسكر رماه، واللواء 23 ميكا في منطقة العبر.
ويرى مراقبون أن ما حدث في حضرموت والمهرة يمثل تغيراً مفصلياً في مشهد النفوذ الإقليمي والمحلي، وقد يعكس – وفق القراءة السياسية – إما بوادر صدام بين أقطاب التحالف (الرياض وأبوظبي)، أو تفاهمات غير معلنة تُدار “من تحت الطاولة”.
وفي كلا الحالتين، فإن التقدم المتسارع لقوات الانتقالي يشير إلى مسار خطير قد يفضي إلى إضعاف ما تبقّى من الجيش اليمني الرسمي، وتمزيق الخارطة الوطنية إلى “كانتونات” متنافسة، مرتبطة بجهات تمويل خارجية تتحكم بمسار الصراع وتوازنات القوى.
وفي ظل هذا المشهد، يزداد بيان حلف قبائل حضرموت حدةً ودلالةً، وهو يحمل الإمارات “المسؤولية الكاملة” عن التصعيد، ويدعو الرباعية الدولية والتحالف العربي إلى التدخل، محذراً من تداعيات قد تمس السلم الأهلي ووحدة البلاد في حال استمرار هذا المسار.
اقرأ ايضاً