أحدث الأخبار
  • 12:28 . خلف الابتسامات: عقد من التوتر الصامت بين أنقرة وأبوظبي (2016–2025)... المزيد
  • 12:02 . المشتبه به في هجوم واشنطن عمل مع الجيش الأمريكي في أفغانستان... المزيد
  • 11:57 . غارات إسرائيلية وعمليات نسف في غزة ورفح وخان يونس... المزيد
  • 11:52 . أحمد الشيبة النعيمي يطالب سوريا بالكشف عن مصير جاسم الشامسي... المزيد
  • 11:50 . تلفزيون سوريا يحذف بشكل مفاجئ مقابلة لزوجة جاسم الشامسي كشفت ملابسات توقيفه في دمشق... المزيد
  • 11:21 . أمريكا تعلّق طلبات الهجرة من الأفغان بعد هجوم مسلّح قرب البيت الأبيض... المزيد
  • 11:19 . حماس تناشد الوسطاء إعادة مقاتليها المحاصرين في رفح... المزيد
  • 11:14 . منظمتان حقوقيتان: وفاة علي الخاجة تفضح استمرار التعذيب والاحتجاز التعسفي في سجون أبوظبي... المزيد
  • 12:31 . الكويت تضبط مواطناً خطط لاستهداف دور العبادة... المزيد
  • 11:45 . مدارس تحذّر الطلبة من مشروبات الطاقة خلال الامتحانات: نشاط زائف ومخاطر صحية... المزيد
  • 11:42 . ما وراء الزيارة السرية لوزيرة إسرائيلية إلى أبوظبي؟... المزيد
  • 11:40 . تحطم طائرة مساعدات في جنوب السودان ومصرع طاقمها... المزيد
  • 11:39 . "العفو الدولية": شهادات مروعة لناجين من جرائم الدعم السريع... المزيد
  • 11:33 . تقرير: ولي العهد السعودي أبلغ ترامب رفضه الانضمام لاتفاقيات التطبيع مع "إسرائيل"... المزيد
  • 11:28 . قرقاش: قرار ترامب تصنيف الإخوان منظمة إرهابية "استراتيجي وشجاع"... المزيد
  • 09:45 . مناورات إماراتية فرنسية مكثفة لتعزيز الجاهزية القتالية في أبوظبي... المزيد

خلف الابتسامات: عقد من التوتر الصامت بين أنقرة وأبوظبي (2016–2025)

أردوغان يستقبل طحنون بن زايد - أغسطس 2021
خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 27-11-2025

في مشهد إقليمي سريع التحوّل، تتداخل العلاقات بين القوى الصاعدة في الشرق الأوسط ضمن مزيج من التعاون العلني والتنافس غير المباشر. وفي هذا السياق، تبدو العلاقة بين الإمارات وتركيا مثالاً واضحاً على هذا التداخل، كما تشير إليه تقارير وتحليلات متعددة.

فعلى الرغم من مسار المصالحة الذي تجسّد في اللقاءات الرسمية واتفاقات الاستثمار، يظهر أن المشهد الأوسع لا يزال ينطوي على تفاعلات أخرى أقل ظهوراً، تحكمها اعتبارات النفوذ الإقليمي والملفات الأمنية والتكنولوجية المتقدمة.

ويستعرض هذا التقرير بعض ملامح تلك المنطقة الرمادية التي ما زالت تؤثر في طبيعة العلاقة بين أبوظبي وأنقرة. فالتوترات السابقة لم تختفِ تماماً، لكنها تحولت إلى تنافس أكثر هدوءاً واتساعاً، خاصة في مجالات التكنولوجيا الحساسة والبنية الرقمية.

زلزال نوفمبر 2025: العملية التي أربكت المشهد التركي

في 25 نوفمبر 2025، أعلنت السلطات التركية تنفيذ عملية أمنية في إسطنبول أسفرت عن توقيف ثلاثة مسؤولين في شركات دفاعية كبرى بتهم تتعلق بنقل معلومات حساسة إلى جهات خارجية، بينها دولة الإمارات وفق البيان الأول للنيابة العامة.

ذكر البيان - الذي سُحب لاحقاً - أن المشتبه بهم استخدموا خطوط اتصال تم شحنها مادياً إلى الخارج لتفادي الرصد الرقمي، وأنهم جمعوا بيانات لوجستية وتقنية تخص مشاريع صناعات دفاعية تركية.

إلا أنّ بيان النيابة استُبدل خلال ساعات بإصدار جديد خالٍ من أي ذكر لطرف خارجي، قبل أن يصدر نفي كامل لوجود صلة إماراتية.

ويعكس هذا التراجع - بحسب مراقبين - توتراً بين الأجهزة الأمنية التي دفعت نحو الكشف، والسلطة التنفيذية التي فضّلت تهدئة المشهد لتجنب توتر دبلوماسي قد ينعكس على حجم الاستثمارات الخليجية.

ليلة الانقلاب 2016: نقطة التحوّل الأكبر

تعود جذور التوتر إلى 15 يوليو 2016، عندما شهدت تركيا محاولة انقلاب عسكرية. فقد أشارت تصريحات رسمية تركية في تلك الفترة إلى وجود "دعم خارجي" للانقلابيين. برز اسم محمد دحلان، القيادي السابق في حركة فتح، والمقرب من أبوظبي آنذاك، في تقارير أشارت إلى أنه لعب دوراً وسيطاً في بعض الأنشطة المرتبطة بمحاولة الانقلاب، عبر شبكات علاقات تمتد إلى البلقان، وذلك في إطار ما وُصف بتحالفات ظرفية بين أطراف مختلفة.

كما تحدثت مصادر تركية عن دور إعلامي مؤثر، إذ لُوحظ أن عدداً من القنوات الخليجية، بثّت أخباراً عاجلة مبكرة حول مجريات الانقلاب، اتضح لاحقاً أنها لم تكن دقيقة بالكامل. وتأخر صدور موقف إماراتي لمدة 16 ساعة، ما أعطى بعدا إضافياً للشكوك التركية آنذاك.

وأدرجت السلطات التركية لاحقاً اسم محمد دحلان على قائمتها الحمراء، معلنةً مكافأة مالية لمن يقدم معلومات عنه، في خطوة عكست استمرار الخلافات الحادة بين الجانبين بشأن دوره في تلك المرحلة.

استسلام جنود أتراك شاركوا في محاولة انقلاب يوليو 2016

ما بعد الانقلاب: موجة التجسس البشري و"ملف سيلفري"

مع انحسار آثار الانقلاب، انتقل المشهد إلى شكل جديد من التوتر داخل الأراضي التركية؛ ففي 2019 أعلنت أجهزة الأمن التركية ضبط خلية مكوّنة من فلسطينيَّين اتُّهما بجمع معلومات عن معارضين عرب يقيمون في إسطنبول.

بعد أيام من توقيفه، عُثر على أحد المتهمين متوفياً في زنزانته في سجن سيلفري شديد الحراسة. ورغم أن السلطات أعلنت أن الوفاة انتحار، فقد أثار التوقيت وتوقف مسار القضية تساؤلات كثيرة لدى محللين أمنيين رأوا في الحادث "إغلاقاً مبكراً" لملف بالغ الحساسية.

حرب الظل السيبرانية: "مشروع رافين" يدخل خط التماس

بين عامَي 2016 و2017، كشفت تقارير غربية عن برنامج سيبراني واسع يُعرف باسم "مشروع رافين"، عمل فيه خبراء سابقون من وكالة الأمن القومي الأميركية ضمن شركات تقنية في الإمارات، واستخدمت فيه أداة اختراق متقدمة تُعرف باسم "Karma".

ووفق تلك التقارير، استهدف البرنامج هواتف مسؤولين أتراك بهدف اعتراض اتصالات تتعلق بملفات ليبيا وسوريا وقطر، من دون الحاجة لأي تفاعل من المستخدم.

توسع الأمر في 2019 ليشمل المراقبة الجماعية عبر تطبيق "ToTok"، الذي سوقته شركة واجهة تابعة لشركة "G42" التابعة لأبوظبي، كبديل مجاني وآمن للاتصال. وبينما انتشر التطبيق بين الأتراك والجاليات العربية، تكشف التقارير أنه كان في الواقع يمنح الاستخبارات الإماراتية باباً خلفياً لجميع البيانات والمحادثات، مما سمح ببناء "خريطة اجتماعية" ضخمة للمجتمع التركي لتسهيل التجنيد والابتزاز لاحقاً.

أردوغان يستقبل محمد بن زايد في أنقرة - نوفمبر 2021

الجبهة الأوروبية: لوبيات معلوماتية ومعارك السمعة

تشير تقارير أوروبية إلى أن بعض الأنشطة امتدت إلى الساحة الأوروبية ضمن ما عُرف إعلامياً بـ"أسرار أبوظبي".، والتي استعانت - وفقاً لهذه التقارير - بشركة الاستخبارات السويسرية الخاصة "Alp Services" لتنفيذ حملات إعلامية استهدفت شخصيات وكيانات يُعتقد أنها مقربة من تركيا، في سياق جهود تُقدَّم باعتبارها لمواجهة نفوذ جماعة الإخوان المسلمين. وشملت تلك القوائم مواطنين أتراكاً ومنظمات تعمل ضمن الأطر القانونية.

وتذكر التقارير نفسها أن بيانات تعود لأكثر من ألف شخص وأربعمئة جهة جُمعت آنذاك، وأُعدت ملفات وُصفت بأنها غير دقيقة رُبط فيها بعض الأفراد بتمويل الإرهاب، قبل تداولها بين جهات أمنية ومصرفية أوروبية. وتُعد قضية شركة "Lord Energy" ومالكها حازم نادا مثالاً بارزاً في تلك التحقيقات؛ إذ أفاد نادا وعائلته بأن حملات إعلامية سلبية أثرت على سمعة الشركة وأدت لاحقاً إلى إفلاسها.

وبحسب ما ورد في الوثائق المنشورة، فإن هذه الأنشطة أظهرت اعتماداً على شركات خاصة للتأثير في المواقف السياسية الأوروبية، في سياق تفاعلات لا تزال مثار جدل بين المختصين.

سادات بيكر: حين يتحول زعيم المافيا إلى ورقة جيوسياسية

في عام 2021، ظهر زعيم الجريمة المنظمة التركي سادات بيكر في سلسلة تسجيلات من خارج البلاد تحدث فيها عن مزاعم فساد داخل النخبة السياسية في تركيا.

بثّ بيكر تسجيلاته من الإمارات، قبل أن تُفرض عليه لاحقاً قيود مشددة في إطار مسار التقارب بين البلدين. لم تُسلّمه أبوظبي إلى أنقرة، لكنها حدّت من نشاطه الإعلامي بشكل كبير، ما جعل ملفه ورقة حساسة في المفاوضات غير المعلنة بين الطرفين.

محمد بن زايد يقود سيارة "توغ" التركية في شوارع أبوظبي إلى جوار أردوغان

من صراع النفوذ إلى سباق التكنولوجيا

تشير متابعة تطورات الملف خلال عشر سنوات إلى انتقال محور الصراع بين أبوظبي وأنقرة من "تغيير موازين السلطة" خلال 2016–2020، إلى "سباق التفوق الاستراتيجي" في 2020–2025، خصوصاً في مجال التكنولوجيا الدفاعية والطائرات المسيّرة.

ورغم توقيع اتفاقيات اقتصادية شاملة عام 2023، ظلّ مستوى انعدام الثقة قائماً. وتُظهر اعتقالات نوفمبر 2025 أن المنافسة مستمرة، حتى وإن جرت تحت السطح وبأدوات أقل صخباً.

تقدّم العلاقة بين الإمارات وتركيا نموذجاً كلاسيكياً لـ"الأعدقاء": تعاون اقتصادي واسع، مقابل تنافس أمني صامت، إذ إن المصالحة الرسمية لم تُنهِ بالكامل إرث التوترات، بل أعادت تشكيله في صورة جديدة أكثر دقة وتعقيداً، تجمع بين شركات خاصة، خبراء تقنيين، وأدوات تأثير عابرة للحدود.

ومع دخول الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا السيبرانية على خط التنافس، يبدو أن فصول "الصراع غير المرئي" قد تستمر، حتى وإن بقيت بعيدة عن كاميرات المصافحة الرسمية.