انتقل الثقل الدبلوماسي لإدارة الرئيس ترامب من جنيف إلى العاصمة أبوظبي، في محاولة حثيثة لتثبيت "خطة السلام" في أوكرانيا؛ فبعد التوصل إلى "تفاهمات أولية" وتعديلات جوهرية على مسودة الاتفاق مع الجانب الأوكراني في سويسرا، بدأ وزير الجيش الأمريكي، دان دريسكول، محادثات مباشرة مع المسؤولين الروس في الإمارات، أمس الثلاثاء، لضمان قبول موسكو بالصيغة الجديدة، وسط تحذيرات روسية من تجاوز التفاهمات السابقة بين بوتين وترامب.
وصل دريسكول إلى أبوظبي يوم الإثنين، حيث انخرط في سلسلة اجتماعات مكثفة مع وفد روسي طوال يوم الثلاثاء، وأكد المتحدث باسمه، المقدم جيف تولبرت، أن المناقشات تهدف إلى تحقيق سلام دائم في أوكرانيا، واصفاً سير المحادثات بالإيجابي والداعي للتفاؤل، ومشيراً في الوقت ذاته إلى وجود تنسيق وثيق مع البيت الأبيض.
وفي تطور لافت، كشفت مصادر مطلعة لموقع أكسيوس أن وفداً أوكرانياً برئاسة رئيس الاستخبارات العسكرية، الجنرال كيريلو بودانوف، يتواجد أيضاً في أبوظبي لعقد محادثات متوازية مع الفريقين الأمريكي والروسي، حيث أشارت المصادر إلى أن زيارة دريسكول كانت مفاجئة وغيرت خططاً سابقة لاجتماع استخباراتي روسي-أوكراني كان مقرراً في العاصمة أبوظبي حول ملفات أخرى.
وتأتي هذه التحركات بعد أسبوع مما وُصف بـ"الدبلوماسية الفوضوية"، حيث نجحت محادثات جنيف، الأحد، في تهدئة المخاوف الأوكرانية بعد تنقيح "إطار السلام" وتقليصه من 28 نقطة إلى 19 نقطة فقط.
وصرح مستشار الأمن القومي للرئيس زيلينسكي، رستم عمروف، بأن الطرفين توصلا إلى تفاهم مشترك حول الشروط الأساسية للاتفاق.
وتضمنت التفاهمات الجديدة موافقة واشنطن على تعزيز مسودة الضمانات الأمنية المقترحة لأوكرانيا، بالإضافة إلى الاتفاق على ترحيل القضية الأكثر حساسية والمتعلقة بالتنازلات الإقليمية ليتم مناقشتها مباشرة بين الزعيمين، الرئيس ترامب والرئيس زيلينسكي، كما اتفق الجانبان على استبعاد القضايا غير المرتبطة مباشرة بالسلام في أوكرانيا، مثل مستقبل الناتو والأمن الأوروبي والعلاقات الأمريكية الروسية، من هذا الإطار التفاوضي.
وعلى الجانب الآخر، أبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حذراً مشوباً بالتهديد، فبرغم ترحيبه بالخطة الأمريكية الأولية، إلا أنه حذر من أي انحراف عن التفاهمات التي يعتقد الرئيس بوتين أنه توصل إليها سابقاً مع ترامب في "أنكوريج" (ألاسكا)، مشدداً على أنه إذا تم محو "روح ونص" تلك التفاهمات فإن الوضع سيكون مختلفاً بشكل جذري.
ويأمل الجانب الأوكراني في ترتيب زيارة للرئيس زيلينسكي إلى الولايات المتحدة في أقرب وقت خلال نوفمبر الجاري لإتمام الصفقة مع الرئيس ترامب، رغم عدم تحديد موعد نهائي بعد.
وبينما تدور رحى الدبلوماسية في الغرف المغلقة، لم تهدأ الجبهات الميدانية؛ حيث شنت روسيا هجوماً ضخماً بـ 460 طائرة مسيرة و22 صاروخاً باليستياً على مدن أوكرانية، ما أدى لمقتل 6 أشخاص في كييف بحسب الرئيس زيلينسكي، وفي المقابل أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أوكرانيا أطلقت 250 طائرة مسيرة ضد أهداف في العمق الروسي، في تصعيد عسكري يرافق مفاوضات التسوية.
وتشير تصريحات لافروف حول "تفاهمات أنكوريج" إلى وجود اتفاقات إطار سابقة وشخصية بين ترامب وبوتين لم يتم الكشف عن تفاصيلها الكاملة، وتعتبرها موسكو المرجعية الأساسية لأي حل، ما يضع ضغطاً على المفاوضين الأمريكيين للتوفيق بين وعود ترامب لبوتين ومخاوف كييف.