أحدث الأخبار
  • 01:00 . محمد عبدالله القرقاوي.. صانع التحول الحكومي ومهندس الرؤية المستقبلية للإمارات... المزيد
  • 11:24 . أوكرانيا تستهدف موسكو بقرابة 200 طائرة مسيرة... المزيد
  • 11:22 . القضاء التركي يستدعي رئيس بلدية إسطنبول بتهمة التجسس... المزيد
  • 11:19 . تحطم طائرتين تابعتين للبحرية الأميركية وسقوطهما في بحر جنوب الصين... المزيد
  • 11:15 . "المدرسة الرقمية" تطلق مبادرة لتأهيل 10 آلاف معلّم رقمي في كردستان العراق... المزيد
  • 11:12 . إلزام مدرسة خاصة بسداد 81.7 ألف درهم مكافأة نهاية خدمة لمعلمة عملت 34 عاماً... المزيد
  • 11:08 . "الموساد" يتهم إيران بالتخطيط لهجمات ضد أهداف إسرائيلية في ثلاث دول... المزيد
  • 10:47 . سياسات الموت في النظام الدولي: كيف تشرعن الحداثة الغربية موت العرب الفلسطينيين من أجل أمنها الوجودي؟... المزيد
  • 10:45 . الرئيس السوري يزور الرياض الثلاثاء ويلتقي ولي العهد السعودي... المزيد
  • 10:31 . بلومبرغ: أبوظبي ترفض التدخل في مستقبل غزة قبل إنهاء حماس... المزيد
  • 10:13 . الذهب يتراجع أكثر من 15 درهماً للغرام خلال أسبوع... المزيد
  • 07:02 . عباس يمنح نائبه الشيخ صلاحية السلطة "مؤقتا" حال شغور المنصب... المزيد
  • 06:58 . تقارير إسرائيلية تتحدث عن جثث أسرى داخل الخط الأصفر بقطاع غزة... المزيد
  • 01:38 . فائض تجارة السلع في الإمارات يتجاوز 243 مليار درهم خلال 2024... المزيد
  • 01:22 . خليل الحية: قضية سلاح المقاومة موضع نقاش... المزيد
  • 12:51 . شباب الأهلي وخورفكان وبني ياس إلى ربع نهائي كأس رئيس الدولة... المزيد

محمد عبدالله القرقاوي.. صانع التحول الحكومي ومهندس الرؤية المستقبلية للإمارات

محمد عبدالله القرقاوي - أرشيفية
خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 27-10-2025

في كل تجربة نهضوية كبرى، يقف خلف الإنجاز رجال امتلكوا الشغف والإصرار على تحويل الفكرة إلى واقع، والرؤية إلى منظومة.

وفي تجربة دولة الإمارات، يبرز اسم محمد عبدالله القرقاوي كأحد العقول التي ساهمت في بناء بنية الحكومة العصرية، وصياغة فكر التميز والعمل المؤسسي ليغدو نموذجاً يُحتذى به في الإدارة، وصورةً ناصعةً للقيادة الملهمة التي تجمع بين الإنسانية، والفكر الاستراتيجي، والرؤية المستقبلية.

سيرة قائد بنى مؤسسات وأفكاراً

يشغل محمد عبدالله القرقاوي منصب وزير الدولة شؤون مجلس الوزراء منذ عام 2006، وهو من أبرز القادة الذين ارتبط اسمهم بمسيرة تطوير الحكومة الاتحادية في الدولة. 

يتولى ضمن مهامه الإشراف على تطوير استراتيجية الحكومة الاتحادية ومتابعة تنفيذها، إضافة إلى تنسيق الجهود بين الوزارات لتحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية ورفع كفاءة الأداء المؤسسي.

كما يشغل منصب نائب رئيس المجلس الوزاري للتنمية، ورئيس المكتب التنفيذي لإمارة دبي، ورئيس القمة العالمية للحكومات، والأمين العام لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، ونائب رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب لمؤسسة دبي للمستقبل، ورئيس متحف المستقبل، ورئيس مجلس أمناء “نوابغ العرب”.

على مدار ثلاثة عقود، شكّلت هذه المناصب المتعددة لوحة لمسار فكري متسق، قوامه التميّز، والابتكار، والإنسان. فمنذ بداياته، لم يكن القرقاوي مسؤولاً تنفيذياً بالمعنى التقليدي، بل مفكراً مؤسسياً أعاد تعريف مفهوم الإدارة الحكومية في المنطقة.

البدايات: عندما تحوّل التحدي إلى فلسفة عمل

في تسعينيات القرن الماضي، كانت دبي تشهد تحولات اقتصادية طموحة يقودها المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وتُترجمها قيادة شابة آمنت بالابتكار والتفوق.

في هذا السياق، كان محمد القرقاوي من أوائل من تبنّوا فكرة أن العمل الحكومي يمكن أن يكون ميداناً للتميز لا البيروقراطية. فأسس برنامج دبي للجودة عام 1994، تبعه برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز عام 1997، اللذان شكّلا القاعدة الأولى لتأسيس ثقافة الأداء القائم على النتائج.

ولم يتوقف الأمر عند تحسين الأداء، بل انتقل إلى ترسيخ ثقافة التنافس الإيجابي بين المؤسسات الحكومية، حيث يروي القرقاوي أن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قرر ذات مرة إعلان نتائج الجوائز من الأسوأ إلى الأفضل، في خطوة أحدثت ثورة إدارية حقيقية، ورسّخت قناعة بأن الشفافية هي بداية الإصلاح.

التميّز كقرار حياة

يقول القرقاوي إن "التميّز ليس قراراً سهلاً، لكنه ضرورة وجودية لكل من يريد أن يصنع فرقاً". هذه الفلسفة تحوّلت إلى منهج حياة لديه، فكانت النتيجة تأسيس منظومة متكاملة من الجوائز والبرامج والمؤسسات التي ساهمت في ترسيخ ثقافة الأداء المتميز داخل الدولة وخارجها، منها:

جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز (2009) على المستوى الاتحادي، جائزة التميز الحكومي العربي (2019)، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبرامج التميز في القطاعين العام والخاص التي جعلت من دبي مختبراً للسياسات المبتكرة.

القرقاوي يؤمن أن التميز يبدأ من النية الطيبة والتواضع وحب الناس، وهي القيم التي يصفها بأنها "وقود العمل العام"، لأنها تخلق الانتماء العميق بين الفرد ووطنه، وبين المسؤول ومجتمعه.

القمة العالمية للحكومات: منبر المستقبل

حين أطلق القرقاوي عام 2013 فكرة القمة العالمية للحكومات، كان الهدف واضحاً: تحويل العمل الحكومي إلى نقاش عالمي حول المستقبل والإنسان.

اليوم، أصبحت القمة أكبر تجمع حكومي سنوي في العالم، تضم أكثر من 15 منتدى متخصصاً، من الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة إلى التنمية المستدامة والخدمات الحكومية والقيادات الشابة. كما أطلقت القمة عبر السنوات مشاريع ومبادرات تجاوز صداها حدود المنطقة، أبرزها: متحف المستقبل، مشروع المريخ 2117، مبادرة مليون مبرمج عربي، البرنامج العالمي لتبادل الخبرات الحكومية، جوائز أفضل وزير في العالم وابتكارات الحكومات الخلاقة.

الإيمان بالإنسان: البعد الإنساني في فكر القرقاوي

وراء التجربة المؤسسية الصلبة، يقف جانب إنساني عميق شكّل جزءاً محورياً من شخصية القرقاوي. ففي حوار عام 2025 خلال “ملتقى أصحاب الهمم”، كشف أن طفلاً من ذوي الهمم كان سبباً في تغيير حياته.

قال القرقاوي: "شاهدت طفلاً يزحف على الأرض بإصرار كي يشارك في مباراة كرة قدم، ولم أستطع نسيان المشهد... أدركت حينها أن الإرادة الإنسانية لا تعرف المستحيل."

منذ تلك اللحظة، انخرط في العمل الإنساني من خلال عضويته في نادي دبي واتحاد الإمارات لرياضة أصحاب الهمم ومركز دبي للتوحد، ليصبح لاحقاً الأمين العام لـ مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي تدير أكثر من 40 مبادرة ومؤسسة خيرية وتنموية حول العالم.

اليوم، تخدم هذه المؤسسة ما يقارب 100 مليون شخص سنوياً في أكثر من 105 دول عبر مبادرات مثل تحدي القراءة العربي، صناع الأمل، المدرسة الرقمية، سقيا الإمارات، بنك الطعام، نور دبي، ودبي العطاء، ما جعلها واحدة من أكبر المؤسسات الإنسانية في العالم.

الذكاء الاصطناعي وصناعة المستقبل

في القمة العالمية للحكومات عام 2023، قال القرقاوي: "الأمي في المستقبل لن يكون من لا يقرأ ويكتب، بل من لا يستطيع التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي."

يرى أن التحول الرقمي لم يعد خياراً، بل ضرورة للبقاء في سباق التطور، وأن الإعلام الرقمي والمحتوى الرقمي يمكن أن "يبنيا المجتمعات أو يهدمانها".

وفي رؤيته للاقتصاد العالمي، يؤكد أن المشكلة ليست في نقص الموارد، بل في نقص الحوكمة الرشيدة، داعياً إلى بناء نظم قيادية تستثمر الكفاءات قبل الموارد.

فكر القيادة والتحول المؤسسي

من أبرز ما يميز القرقاوي هو إيمانه العميق بأن القيادة "عقلية قبل أن تكون موقعاً"، وأن بناء منظومات ناجحة يتطلب تحويل التحديات إلى فرص. فقد كان شاهداً ومشاركاً في رحلة تحول دبي من بيئة صحراوية بسيطة إلى مدينة عالمية يقصدها المستثمرون والمبدعون من كل مكان.

ويؤكد دوماً أن نجاح التجربة الإماراتية لم يكن نتيجة قرارات طارئة، بل ثمرة رؤية متكاملة تتعامل مع المستقبل كحقيقة قادمة لا كمجهول غامض.

التحصيل العلمي والتكريمات الدولية

يحمل القرقاوي شهادة البكالوريوس من الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على عدة دكتوراه فخرية من جامعات مرموقة مثل جامعة جورج تاون الأمريكية والكلية العليا لإدارة الأعمال في باريس، إضافة إلى الزمالة الفخرية من كلية لندن للأعمال والجامعة الأمريكية بالقاهرة.

وقد نال أوسمة رفيعة المستوى، منها: وسام الصداقة من الدرجة العليا من رئيس جمهورية أوزبكستان. الوسام الملكي المغربي من جلالة الملك محمد السادس، وفي عام 2017، اختاره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "شخصية العام الاتحادية"، تكريماً لدوره في تطوير الإدارة الحكومية وصناعة الفكر المؤسسي الإماراتي.

رسالة للشباب العربي: اصنعوا هدفاً أكبر من ذواتكم

دائماً ما يوجه القرقاوي حديثه إلى الشباب العربي بلغة قريبة وصادقة، ملخّصها أن الحياة لا تُقاس بما نملكه، بل بما نضيفه للعالم من حولنا. يحثهم على السعي لتحقيق أهداف تتجاوز الذات، وعلى التحلي بالتواضع والنية الطيبة، مؤكداً أن التعاطف مع الآخرين هو أساس المجتمعات القوية.

إذ يقول في إحدى كلماته: "العمل العام ليس وسيلة للوجاهة، بل وسيلة لخدمة الإنسان... والنجاح الحقيقي هو الذي يصنع أثراً يبقى بعدنا."

مدرسة في الفكر الحكومي العربي

من خلال تجربته الممتدة، جسّد محمد عبدالله القرقاوي مدرسة في الفكر الإداري العربي، مدرسة تؤمن أن التنمية ليست مجرد أرقام ومؤشرات، بل منظومة قيم وفكر مؤسسي متجذر في الإيمان بالإنسان.

وبين إدارة الحكومة الاتحادية، وصناعة المبادرات الإنسانية، وقيادة مؤسسات المستقبل، يبقى القرقاوي أحد أبرز صُنّاع التحول في تاريخ دولة الإمارات، ورمزاً للقيادة التي تجمع بين الحكمة والرؤية والإنجاز.