أظهر تقرير جديد لمزود تحليلات البلوكتشين «تشيناليسيس Chainalysis»، أن دولة الإمارات تواصل تجربة النمو السريع في مجال التشفير، مدفوعاً بمزيج من الابتكار التنظيمي والاهتمام المؤسسي ونشاط السوق المتوسع.
ولفت التقرير إلى أن بين يوليو 2023 ويونيو 2024، تلقت دولة الإمارات أكثر من 30 مليار دولار من التشفير، ما جعل الدولة ضمن أفضل 40 دولة على مستوى العالم في هذا الصدد، وجعلها ثالث أكبر اقتصاد تشفير في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وفقاً للتقرير، أظهرت دولة الإمارات تبنياً أعلى للتمويل اللامركزي مقارنة بالمتوسط ​​العالمي، ويرجع ذلك على الأرجح إلى موقفها التنظيمي المتقدم الذي عزز الوضوح حول فئات معينة من المشاركة في العملات المشفرة، وقد اجتذب النهج التنظيمي الاستباقي والتعاوني لدولة الإمارات تجاه شركات العملات المشفرة والويب 3 مجموعة متنوعة من المستخدمين، وعزز مكانة الإمارات كمركز للتمويل اللامركزي ونشاط العملات المشفرة الأوسع.
وبحسب التقرير، احتلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة السابعة من حيث أكبر أسواق العملات المشفرة على مستوى العالم في عام 2024، مع تقدير قيمة المعاملات بنحو 338.7 مليار دولار بين يوليو 2023 ويونيو 2024، وهو ما يمثل 7.5% من إجمالي حجم المعاملات في العالم.
وعلى عكس معظم البلدان على مستوى العالم، ينمو نشاط التشفير في دولة الإمارات عبر جميع فئات أحجام المعاملات، ما يشير إلى مشهد تبني أكثر توازناً وشاملاً.
وارتفعت القيمة الإجمالية التي تلقتها خدمات تطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi)، بما في ذلك البورصات اللامركزية (DEXs)، بنسبة 74% مقارنة بالعام الماضي، ونمت القيمة التي تلقتها DEXs وحدها بنسبة 87%، من 6 مليارات دولار تقريباً إلى 11.3 مليار دولار.
استثمارات العملات المشفرة
وبحسب التقرير، تتوسع استثمارات العملات المشفرة بسرعة مع إنشاء العديد من صناديق رأس المال الاستثماري وشركات البلوك تشين في الإمارات، بما في ذلك Chainalysis، التي افتتحت مقرها الإقليمي في دبي في مايو من هذا العام، كما أعلنت شركة «تيثر»، وهي الجهة المصدرة للعملة المشفرة الأكثر تداولاً في العالم، مؤخرًا عن خطط لإطلاق عملة مستقرة مرتبطة بالدرهم.
وأشار أروشي جول، رئيس السياسة لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في Chainalysis، إلى أن «المؤسسات المالية التقليدية مثل البنوك تستكشف بنشاط أدوارها داخل النظام البيئي للعملات المشفرة، ما يُظهر نمو العلاقة بين العملات المشفرة والتمويل التجاري، ويتم دعم هذا الانخراط بشكل أكبر من خلال إطار تنظيمي قوي ومتطور».
أطر تنظيمية
في الواقع، مع انتعاش أسواق العملات المشفرة العالمية، تعمل الحكومات على صياغة أطر تنظيمية توازن بين الابتكار والضمانات الضرورية، وتتصدر الإمارات هذا الجهد، حيث تعمل السلطات التنظيمية المختلفة في جميع أنحاء الإمارات على تطوير نهج مخصص، على المستوى الاتحادي، تنظم هيئة الأوراق المالية والسلع (SCA) خدمات الأصول الافتراضية، بينما يشرف المصرف المركزي لدولة الإمارات (CBUAE) على خدمات رمز الدفع، بالإضافة إلى ذلك، تعمل المنطقتان الماليتان الحرتان - مركز دبي المالي العالمي (DIFC) وسوق أبوظبي العالمي (ADGM) - على تشغيل أنظمة تنظيمية مالية مستقلة، ولكل منهما إطار عمل خاص بها للأصول الافتراضية.
وتلعب هيئة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي (VARA) أيضاً دوراً حاسماً في هذا التوسع التنظيمي، تأسست في عام 2022 كأول هيئة تنظيمية مستقلة في العالم للأصول الافتراضية.
1000 كيان
وتحدثت ديبا راجا كاربون، العضو المنتدب ونائب رئيس«VARA»، مع أروشي جويل حول المكانة الفريدة التي تشغلها«VARA» كمنظم بعد عامين من إنشائها: «لقد حددنا أكثر من ألف كيان يقوم بنشاط متعلق بالعملات المشفرة داخل دبي ونحن نعمل من خلال انتقال تقليدي».
وأضافت: «إن نهج VARA يعتمد على التعاون وليس الإنفاذ الأعمى، وتتفق الصناعة والجهات التنظيمية على هذا المنظور للتعلم معاً والتطور»، مؤكدة على أهمية موازنة حماية السوق مع الابتكار.
ويمتد تأثير VARA إلى ما هو أبعد من دبي، حيث يضع إطارها التنظيمي سابقة للولايات القضائية الأخرى. تعمل دولة الإمارات بنشاط على وضع نفسها كقائد عالمي في التقنيات الناشئة، حيث تقوم باستثمارات كبيرة في الذكاء الاصطناعي وغيره من قطاعات التكنولوجيا المتقدمة لتعزيز سمعتها كمركز عالمي للابتكار، ويعمل هذا التركيز الاستراتيجي على تضخيم تأثيره على النظام البيئي للعملات المشفرة، حيث يحدد نهج VARA التعاوني الذي يركز على الابتكار، وأضافت كاربون: «إنه وقت رائع للمشاركة كجهة تنظيمية، يمكنك أن تشهد أفكاراً تغير قواعد اللعبة، مع توفير الإطار لاختبارها وطرحها في السوق بشكل أسرع من بيئة الاختبار التقليدية».
وكان المصرف المركزي، قد أشار في تقرير السلامة المالية لعام 2023، إلى أن الأبحاث الصادرة عن مزود تحليلات البلوكتشين «Chainalysis» أظهرت أن الإمارات تلقت ما يقرب من 34 مليار دولار من قيمة الأصول المشفرة على السلسلة في الاثني عشر شهراً حتى يونيو 2023، ولوضع هذا في سياقه، يمثل هذا أقل من 0.2% من القيمة التي تم التعامل بها على أنظمة الدفع التي يديرها المصرف المركزي، ومع ذلك يظل مصرف الإمارات المركزي متيقظاً لمصادر مخاطر الاستقرار المالي داخل دولة الإمارات، والتي قد تنتقل من القطاع على المدى المتوسط.
العملات المستقرة
أشار تقرير «المركزي» إلى أن العملات المستقرة مثلت باستمرار النسبة الأكبر من تدفق الأصول المشفرة إلى الدولة، ومن حالات الاستخدام النموذجية لهذه العملات المستقرة تمكين المعاملات مع الأصول المشفرة الأخرى، على سبيل المثال لأغراض التداول المضاربي، وفي انتظار المحركات المحتملة لاعتماد الأصول المشفرة بشكل أكبر في المستقبل، تتمتع دولة الإمارات بسكان شباب يركزون على التكنولوجيا بشكل خاص، حيث يقوم جزء كبير من القوى العاملة بانتظام بنشاط تحويلات مالية عبر الحدود، وبالتالي يمكن أن تحظى العملات المستقرة باهتمام خاص من هذه الفئة السكانية، ومع ذلك بالمقارنة مع العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى، تجدر الإشارة إلى أن حالات الاستخدام الأساسية للعملات المستقرة في الأسواق الناشئة، وهي تخزين القيمة وتمكين الدولار الأمريكي، ليست ذات صلة بدولة الإمارات بسبب أساسياتها الاقتصادية القوية وربط الدرهم بالدولار.